قصة سيناء

قصة سيناءعاطف عبدالغني

الرأى30-4-2024 | 14:53

مضطر أن أقطع سلسلة مقالاتى عن أزمة دول النمور الآسيوية، فى صعودها الاقتصادى الكبير وانهيارها المفاجئ، خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضى، بفعل فاعل، لأكتب عن سيناء، أو بالأدق شبه جزيرة سيناء، الجزء الغالى العزيز من جسد مصر الذى يقع فى قارة آسيا، وتمثل 6% من مساحة البلاد الكلية (تبلغ مليون كيلو متر مربع)، فيما تقع باقى المساحة فى قارة إفريقيا، لكن هذا الجزء الآسيوى يحتل من تاريخ مصر والمنطقة أكبر بكثير من نسبة حجمها الجغرافى، إذا قارنا الجغرافيا بالتاريخ، وأول ذكر لسيناء فى الآثار المكتوبة للتاريخ المصرى، يعود إلى ما قبل 3 آلاف عام قبل الميلاد عند بدء تكوين الأسرة المصرية الفرعونية الأولى على يد نعرمر، مؤسس هذه الأسرة وموحد البلاد، والمدهش أنه منذ عرفت الدنيا بلد اسمه مصر كان العمران يتركز دائما فى الجزء الإفريقى من مصر، كانت الحضارة، والمدنية، والحكومة المركزية دائما فى هذا الجزء، لكن الحروب الكبيرة، والصراعات العسكرية أكثرها عددًا وحسمًا للفصول الاستعمارية كانت فى ذاك الجزء الآسيوى من مصر، ودائما كان الطامعون الغزاة يأتون من الشرق، عبر هذه البوابة قاصدين وادى النيل، وأول من عرفناهم فى هذا الشأن «الهكسوس» القبائل البدوية البربرية المنحدرة من غرب آسيا، واجتازت سيناء فى طريقها إلى حرب واحتلال وادى النيل لمدة قرن من الزمان، حتى شن ملوك مصر سقنن - رع تاو، وكاموس، وأحمس حربًا ضدهم من جنوب مصر إلى شمالها، وطردوا آخر ملوكهم «خامودى» من مصر حوالى 1550 قبل الميلاد، واجتازها الجيش المصرى سيناء غازيًا فى عهدى رمسيس الثانى، وتحتمس الثالث الجبار فى حروبهما مع آسيا ووصلا إلى تخوم فلسطين والشام ليحاربا الكنعانيين والأموريين، واستمر التاريخ وجاء دائما الغزاة من الشرق، فرس، ورومان، وتتر، وصليبيون، وأتراك عثمانيون، وفرنسيون، حتى من جاءوا من فرنسا فى مراكبهم عبر البحر المتوسط لكنهم اجتازوا سيناء إلى فلسطين والشام لغزوها، حتى وصلنا إلى الحروب الإسرائيلية.

ولاحظ أننى لم أذكر فيما سبق الفتح الإسلامى لمصر، لأنه لم يكن غزوًا، لكن كان فتحًا حرر قبط مصر من الاضطهاد الرومانى، ومنحهم كل الحقوق والحريات، وأهمها حرية العقيدة. ولا تقتصر سيرة سيناء على الحروب فقط، فالجزء الأكثر غنى وتشويقًا، هو سيرتها فى الديانات الثلاث المنحدرة من أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ديانة موسى، وعيسى ومحمد، سلام الله عليهم أجمعين.. وانتظرونا فى جزء ثانٍ لنرويه لكم.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2