كلما أطل الربيع لم أجد سوى أغنية "الدنيا ربيع" التى غردتها سعاد حسنى فى فيلم "أميرة حبى أنا" للمخرج حسن الامام عام 1972 ، لتشعرنا أن الربيع جاء حتى ولو لم يكن ، وكأنه لم يوجد قبل ذلك التاريخ وقبل أن تغنى له سعاد ؛ حتى صارت الأغنية مقولة وشعار وجملة ترحيب بفصل الربيع ، ولم تكتفِ بذلك فاحتفت باللون "البمبى" وطاردته لتدعوه ألا يغيب!!
سعاد ؛ تلك التى تجمع فى نظرة عينيها كل المشاعر فى ذات اللحظة وكأنها "موناليزا" السينما التى تجعلك ترى مشاعرها من كل الزوايا.
ورغم ذلك نتذكرها عادة فى ذلك الوقت وكأنها الربيع الذى يتألق كل عام ، فهى "أميرة" فى فيلم "أميرة حبى أنا" التى أحبت وجاءت لنا ب الربيع ومعه "بمبى" صلاح جاهين وكمال الطويل ؛ لننسي مساحات "الظل" الذى ينبعث من اطلالتها ونشعر بذلك "المرار" فى دموع "نادية" فى فيلم "نادية" ومعاناة "زوزو" فى "خللى بالك من زوزو" وصدمات "أميرة" ومواجهتها لزيف البشر ، و ضعف واحتياج "ليلى" لزوج صديقتها فى "الحب الضائع" ، و مأساة "فاطنة" ووقوفها أمام ظلم العمدة فى "الزوجة الثانية" ، و "احسان" فى "القاهرة ٣٠"التى فاز كل من حولها!!!
ونتذكر وفاتها لنتساءل : هل هى جريمة أم مساحة من اليأس والاكتئاب يحيط عادة بالمنتحر ؟ خاصة وأنها كانت تستعد للعودة إلى أرض الوطن ومحبيها بعدة شنط ورغبة فى الحياة أكدها من كانوا حولها... فنحن لم نقبل أن تنتحر سعاد!! .
المفارقة أننا ونحن نتذكرها فى الربيع بتلك الطلة المبتسمة والصوت الضاحك والابتسامة المبهرة والعيون التى تغنى ، نعود فى لحظات لدموعها الصامتة وتعبيرات المعاناة التى طالما أبدعت فى تقديمها ، وكأن رقصة الألم اختصرت فيها "زوزو" كل شيء لأنها لابد وأن "تبسط" الزبون ، لذلك كانت عبقريتها فى مزج المشاعر وكأنها اختصار "الحياة".
هل الحياة وتناقضاتها تجعلنا نتذكرها "ضاحكة" ونراها "حزينة"!! وكأن ثنائيات فيلمى "بئر الحرمان" و "نادية" محور تفسير كل ذلك؟ فقد أحببنا رقة "نادية" وانسانيتها وخجلها واقبال "منى" على الحياة فى "نادية" وذلك ماحدث بصورة أكبر مابين ملائكية "ناهد " وشيطانية "ميرفت" فى "بئر الحرمان"!!
ربما أرادت سعاد فى لحظات بساطة حياة فايزة أو سميحة وعزيزة ومعاناة كل منهن المعتادة ، لكن الواقع أن الحياة ليست بهذه البساطة فهى أكثر عمقاً وتناقضاً واستطاعت أن تظهرها "سعاد" كلما بانت.