«العوامل التي تهدد حياة سكان قطاع غزة كثيرة ولا تُعد، والجوع والأمراض وسوء التغذية أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة في غزة».. هكذا وصفت نبال فرسخ، مسئولة الإعلام بالهلال الأحمر الفلسطيني، حال القطاع الذي يشهد منذ السابع من أكتوبر الماضي أهوال يوم القيامة من الاحتلال الإسرائيلي عليه، في حوارها مع «بوابة دار المعارف» تزامنًا مع اليوم العالمي للهلال والصليب الأحمر، مؤكدةً أن كل يوم يمر وسط هذه الحرب، يُخلف كارثة في حق الإنسانية، نتيجة شح المواد الغذائية والعلاجية التي تدخل إلى القطاع؛ بسبب تحكم الاحتلال في عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات لداخل قطاع غزة؛ مما يؤدي إلى عدم حصول مائات بل آلاف الأشخاص من هذه المساعدات.
في حال قبول الجانب الإسرائيلي بالمقترح المصري الذي وافقت عليه حماس وحدثت هدنة إنسانية.. ماذا سيكون حجم الاستفادة من تحقيق ذلك؟
نتمني أن يتم التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، يضمن سلامة طواقم العمل الإنساني، ويضمن الوصول الأمن لإدخال المساعدات داخل جميع مناطق قطاع غزة، ولجميع الأشخاص، فبدون التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، والتحكم من قبل الاحتلال الإسرائيلي في عدد شاحنات المساعدات الإنسانية داخل القطاع؛ يؤدي إلي تدهور الأوضاع بشكلٍ كلي بمعني الكلمة، فـ«الوضع على الأرض فاق وصف الكارثي»، خاصةً الآن وفي ظل الحديث عن عملية عسكرية في رفح الفلسطينية، وإغلاق المعابر، التي ستؤدي إلي تهديد الوضع الإنساني أكثر وأكثر.
فالحل الأمثل هو وبكل تأكيد لابد من ضغط المجتمع الدولي على الحكومة الإسرائيلية؛ للتوصل إلي وقف إطلاق النار دائم، ودخول غير مشروط للمساعدات الإنسانية، بمعني أن يتم السماح بدخول شاحنات المساعدات بدون قيود أو تحديد عددها، وإيصالها إلي جميع مناطق قطاع غزة.
كيف تقيمون جهود الهلال الأحمر المصري في متابعة ومحاولة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة؟
منذ فتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر، ويواصل الهلال الأحمر المصري العمل والتعاون والتنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطيني؛ للعمل باستمرار، حيث يقوم الهلال الأحمر المصري بإيصال وتسليم المساعدات إلى الهلال الأحمر الفلسطيني عبر معبر رفح البري بكل تعاون.
فجهود الهلال الأحمر المصري عظيمة، منذ بدء السماح بدخول المساعدات الإنسانية، و«العمل والتعاون بين الهلال الأحمر المصري والفلسطيني لم يتوقف»؛ من أجل إدخال هذه المساعدات، والتخفيف من معاناة السكان في قطاع غزة.
في ظل الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها جميع سكان قطاع غزة الآن.. ما هو أهم ما يمكنكم تقديمه لهم الآن خاصةً وسط شح المواد الغذائية والأدوية؟
هناك تحديات جسيمة تتعلق بشح المواد الغذائية وحجم المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع، بالإضافة إلى شح الأدوية؛ وكل هذا نتيجة تحكم الاحتلال الإسرائيلي في أعداد الشاحنات التي تدخل من المعبر إلى القطاع، ويقوم بتفتيش جميع الشاحنات قبل السماح بدخولها؛ وبالتالي وسط عرقلة الاحتلال بعملية إدخال المساعدات فإنها لا تزال هذه المساعدات الإنسانية تمثل نقطة في بحر احتياجات المواطنين.
فهناك «الكثير من الأشخاص لا يستلمون أي مواد غذائية»؛ لأنها تدخل بعددٍ محدود وبالتالي لا تلبي احتياجات الجميع، وهذا ما يؤدي إلى تدهور الأوضاع يومًا بعد يوم، فاليوم جميع سكان قطاع غزة بلا استثناء يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ولا يوجد أي وسيلة لهم لتوفير الغذاء لأنفسهم، فجميعهم يعتمدون بشكلٍ أساسي على المساعدات الإنسانية التي لا تكفي الجميع، لا سيما أن حوالي 85% من السكان أصبحوا نازحين؛ وبالتالي اعتمادهم الكلي على هذه المساعدات، وهنُا اتحدث عن المساعدات الإغاثية غير المساعدات المتعلقة حتى بالطعام، فهناك احتياجات إنسانية ناجمة عن وضع النزوح؛ الذي فاقم المعاناة، لا سيما في ظل فصل الصيف الذي يزيد معاناة النازحين في الخيام، دون وجود وسائل لتبريد حرارة الجو.
ووسط تعنت الاحتلال وعرقلته لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع إلى أي مدى يمكن لهذه المساعدات أن تخفف المعاناة عن أهالي قطاع غزة؟
جميع سكان قطاع غزة الآن في أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية؛ لأنها تعد المصدر الوحيد لهم بعدما فقدوا منازلهم وكل شئ، وأصبحوا نازحين في الخيم ومراكز الإيواء، دون عمل أو أي شئ يساعدهم على مواصلة الحياة، فالحياة في القطاع أصبحت خالية من كل شئ.
وبعد مرور أكثر من 200 يوم من الحرب على قطاع غزة ماهو أكثر شئ يهدد حياة المواطنين هناك؟
العوامل التي تهدد حياة سكان قطاع غزة كثيرة ولا تُعد، أولها الجوع وسوء التغذية؛ الذي أدي إلى فقر الدم الحاد الناجم عن عدم توافر الطعام؛ وبالتالي «المجاعة أصبحت جزء لا يتجزأ من الحياة في غزة»؛ مما أدت إلى سلسلة كبيرة من الوفيات بين صفوف المواطنين، نتيجة عدم توافر الطعام والأدوية وسوء التغذية والجفاف، بجانب استهداف المستشفيات وتدميرها؛ الذي إلى تدهور الوضع الصحي؛ لأن المواطنين أصبحوا بلا رعاية صحية، بالأضافة إلى تفشي الأمراض والأوبئة بشكلٍ كبير، خاصةً النازحين نظرًا لتكدسهم في المدارس ومراكز الإيواء، لاسيما الأمراض الجلدية الناجمة عن عدم توافر المنظفات والنظافة الشخصية.
ومن أكثر الأمراض التي انتشرت بشكلٍ كبير هو مرض الكبد الوبائي؛ نتيجة عدم توافر مياة صالحة للشرب، والأمراض الصدرية والتنفسية والعديد من الإمراض التي تشكل تهديدًا كبيرًا للمواطنين، لا سيما مع تراكم النفايات، فكل مكان في القطع أصبح متراكم به كميات مهولة من النفايات؛ لأن لا يوجد طريقة للتخلص منها، وبالتالي أصبحت موجودة بين صفوف السكان، وكل هذا يهدد بانتشار المزيد والمزيد من الإمراض والأوبئة بالقطاع؛ بالتالي يشكل خطرًا على حياة آلاف من المواطنين.