خلال الفترة الماضية، عملت الحكومة الأمريكية على مواجهة تهديدات الذكاء الاصطناعي، عن طريق تدريب موظفي الانتخابات والمسؤولين عن بطاقات الاقتراع، إذ كانت البداية بولاية أريزونا، ومن المنتظر أن تمتد إلى باقي الولايات، استعدادًا للانتخابات الرئاسية 2024.
ولعدة سنوات ماضية، كان مسؤولو الانتخابات الأمريكية يواجهون ضغوطًا غير عادية من نظريات المؤامرة المتفشية والتهديدات العنيفة، إلا أن عام 2024 قدم لهم، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، نوعًا جديدًا من التهديدات يتمثل في التزييف العميق المتوفر على نطاق واسع والمقنع للغاية، المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
كانت أشهر واقعة للتزييف العميق في يناير الماضي قبل الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، عندما تلقى الناخبون مكالمة هاتفية خُيَّل لهم أنها من الرئيس الأمريكي جو بايدن، ينصحهم فيها بعدم التصويت في ذلك الثلاثاء، إلا أنه تم إجراء تحقيق جنائي وكشف المدعي العام بالولاية أن شركة مقرها تكساس يُزعم أنها كانت وراء المكالمات.
هجمات الذكاء الاصطناعي
ونفّذ موظفو الانتخابات من جميع أنحاء الولاية مناورة من خلال تمرين تدريبي يتضمن أنواع الهجمات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي والتي قد يواجهونها خلال الدورة الانتخابية المقبلة.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، تعامل الموظفون مع المواقف التي أغرقتهم في سيناريوهات أنشأها الذكاء الاصطناعي، تتنوع ما بين عمليات إنفاذ القانون ومحاولات اختراق أنظمة التكنولوجيا.
وتضمن التدريب محاكاة الفرق المشاركة من عدة مقاطعات في ولاية أريزونا، لشخصية وزير الخارجية، وجهات إنفاذ القانون، والبائعين من القطاع الخاص، بالإضافة إلى بعض الموظفين الفيدراليين، ووفقًا للصحيفة، خصص المنظمون لكل مجموعة مقاطعة وهمية وميزانية محدودة لا يمكن أن تغطي تكاليف جميع التدابير الأمنية المقدمة.
وتهدف تلك الظروف إلى محاكاة القيود الواقعية التي يواجهها العاملون في الانتخابات اليوم، حيث يمكن للعاملين شراء برامج لمكافحة التصيد الاحتيالي، ولكنهم بعد ذلك لا يجدون الميزانية اللازمة لشراء نظام آخر لمواجهة تهديد ما يسمى بـ"الاتصال الاحتياطي"، ومن المنتظر أن يتم تعميم التجربة في باقي الولايات الأمريكية.
ويهدف التدريب إلى تعزيز الإجراءات الأمنية الأساسية عبر الإنترنت لدى الموظفين، حيث تم تدريب العاملين على عمليات انتحال الشخصية المحتملة وتعلموا كيفية تطوير كلمات رمزية ومعاودة الاتصال للتحقق من هوية شخص ما إذا بدت رسالة صوتية أو بريد إلكتروني مشبوهة.
ومن المنتظر، وفقًا للصحيفة، أن يتمكن المتدربون من تأمين التواجد الرقمي على السوشيال ميديا ومواجهة المعلومات المزيفة في مقاطعتهم ونشر المعلومات الصحيحة بصورة سريعة، بجانب التواصل السريع مع سلطات إنفاذ القانون.
التشكيك في كل شيء
وأجرت الفرق تجارب مباشرة مع إمكانيات الذكاء الاصطناعي، حيث استمع الحاضرون إلى رسائل البريد الصوتي التي أنشأها الذكاء الاصطناعي من الموظفين في مكتب وزير الخارجية، تطلب منهم إبقاء مراكز الاقتراع مفتوحة بسبب أوامر المحكمة غير الموجودة، كما استمع الموظفون، بحسب الصحيفة، إلى مكالمات من أصوات الناخبين التي أنشأها الذكاء الاصطناعي، تقول إنهم لم يقوموا بالتصويت حتى الآن، وأيضًا تم تدريبهم على اكتشاف المنشورات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي من شأنها قمع الإقبال على التصويت.
وأكد المشاركون في التدريب أنهم عقب انتهاء الأمر أصبحوا يشككون في كل شيء بداية من هويات الأشخاص والمكاتب التي تظهر في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي وحتى أولئك الموجودين على الطرف الآخر من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية ورسائل البريد الصوتي والرسائل النصية.