عندما مشى الزعيم عادل إمام مرتدياً بدلة كاحلة بخطى مائلة مردداً "بلد شهادات صحيح" آثار الكثير من الضحكات منذ عام ١٩٦٤ وحتى الآن على تناقض شكله وأدائه مع واقعه ؛ ألا أن تلك الجملة تطرح الكثير من التساؤلات ، هل نحن بالفعل بلد "الأشياء" بعيداً عن أهميتها أو الاحتياج لها والتخطيط الواقعى لها للوصول إلى أقصى استفادة ؟
على مدى الأسابيع الماضية انتهت فعاليات العديد من المهرجانات السينمائية المختلفة على التوالى ؛ بين الإسكندرية والإسماعيلية وأسوان وها نحن على استعداد لاستقبال غيرها الغردقة والأقصر والقاهرة ، وهنا يأتى السؤال : كيف يمكن أن تترك تلك المهرجانات بصماتها على جمهور لم ينتبه لوجودها؟؟
بل لماذا لا يحدث تأثيرها على أرض الواقع مع ازديادها وتنوع اختياراتها السينمائية وصولا إلى مهرجان خاص بسينما "الومضة" التى لاتتجاوز الخمس دقائق وانتهت فعالياته منذ أيام ؟؟
قد أتفهم طبيعة وجود المهرجان فى مدينة ما وبالتالي ينحصر وجوده فيها ، ولكن لماذا لا يتجاوز تأثير المهرجان مكانه نحو إثراء الثقافة السينمائية فى المجتمع ككل بعيدا عن المبدعين والمهتمين والعاملين فى صناعة السينما قدر الإمكان؟؟
أتذكر جيداً ونحن طلبة فى كلية الاعلام انتظارنا ل مهرجان القاهرة السينمائى وتلك العروض التى كان يمكننا مشاهدتها فى قاعة سيد درويش فى أكاديمية الفنون لمجرد أننا طلبة فى تلك الكلية التى لابد لطلابها الاضطلاع على الثقافة والفنون !!!
فقد كان الراحل الكبير سعد الدين وهبه عندما كان رئيساً للمهرجان يدرك أن دور المهرجان يكمن فى جانب كبير منه فى أثره على المجتمع ، ومشاهدة أهم الأفلام التى تقدم ثقافات سينمائية متنوعة ، وعرض الافلام فى قاعة تابعة لاكاديمية الفنون مجرد فكرة بسيطة لكنها منحت مجموعة من الطلاب فى بداية طريقهم مساحة من النضح هم فى حاجة إليه .
والسؤال : هل لايزال هناك اهتمام على الأقل بطلبة الكليات ليشاهدوا تلك العروض والفعاليات؟؟ هل يتم التنسيق مع الجهات المختلفة ليستفيد أكبر عدد من المهتمين بتلك الأحداث السينمائية ؟؟ هل يفكر القائمون على هذه المهرجانات فى التسويق لها جماهيرياً بعيداً عن دائرة صناع السينما؟
أخشي أن النفي هو الجانب المشترك لكل تلك الأسئلة !!
جميل أن يحافظ كل مهرجان على الاستمرار فى ظل ظروف صعبة لا تخفى على احد ، ولكن ازدياد أعداد المهرجانات وتنوعها متى يصاحبه التأثير ؟؟ ؛ خاصة فى ظل امكانية استغلال السوشيال ميديا من خلال أفكار مهرجانية غير معتادة يمكنها أن تتجاوز كل المشكلات ، لنصبح بالفعل بلد "المهرجانات".