تغيرات دولية عاصفة أسفرت عن تفجر لعدد من نقاط الصراع الإقليمي، هذا بالتوازي مع ضعف منظومة العمل الدولي بما لا يحقق دعم للأمن والسلم العالمي، تعقيدات خلفت تداعيات سلبية على كافة مفردات الأمن القومي العربي بداية من المهددات الأمنية مرورًا بالأمن المائي والغذائي والملاحي وغيرهم من تحديات تزعزع استقرار المجموعة العربية، في حين تتعاظم كل تلك التحديات والمهددات في ظل تعقيدات القضية الفلسطينية التي هي تعد قضية القضايا.
انعقاد القمة العربية بالعاصمة البحرينية (المنامة)، في هذا التوقيت الصعب يعد فرصة سانحة للتفكير بشكل جاد في وضعية المجموعة العربية في العالم الذي يتشكل من جديد، لهذا يجب أن يفكر العرب في كيفية حجز مكانة مرموقة لأنفسهم داخل المنظومة الدولية التي يعاد تشكيلها، ورغم أن هذا التشكل قد يتخذ عقود إلا أن العمل من الآن لتحقيق هذا الهدف هو السبيل الوحيد للوصول لهذا الهدف، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تطوير في أداء العمل العربي سواء علي الصعيد السياسي أو الاقتصادي بالتوازي، ما يتطلب أيضًا حلحلة للأزمات العربية المزمنة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وهذا عبر الحل العادل والشامل علي أساسًا حل الدولتين، ثم الذهاب الي صناعة منظومة تكامل اقتصادي حقيقي تحصن الشعوب العربية من تبعات التقلبات الدولية التي تستهدف استقطاب الدول العربية كل منها علي حدة بما يخدم مصالح القوي الكبري المتصارعة، لهذا تحتاج المجموعة العربية لوضع استراتيجية عربية متكاملة تتطمن خطط مستقبلية تتوافق وطموحات وأحلام الشعوب العربية سواء علي الصعيد الأمني أو الاقتصادي والتنموي، استراتيجية عربية لعام 2050 يجب أن تُرسم ملامحها الآن من خلال توافق عربي مدعوم بإدراك أن التكاتف بين الأشقاء الآن أولوية ولا سبيل للنجاة من أعاصير التغير الدولي إلا بوحدة عربية حقيقية.
العرب في صحوة يجب استغلالها لتحقيق هدف التواجد في النظام الدولي الجديد بما يليق ومكانة وإمكانيات الدول العربية، فرغم إنه مازالت أكثر من 8 نقاط ساخنة أمنيًا داخل الخريطة العربية، إلا أن هذا التوقيت يشهد توافق كبير وربما غير مسبوق نحو حل تلك الأزمات، توافق يصل إلى التطابق في بعض القضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بينما المسافات المتقاربة في وجهات النظر بين الأشقاء العرب في القضايا الأخرى يحتاج إلى مزيد من العمل سريعًا للوصول إلى مرحلة التطابق في الرؤيا بما يخدم العمل المشترك لحلحلة كافة القضايا، صحوة وفرصة يجب أن تستغل بما يحقق الطوحات العربية في السلام والتنمية، وأيضًا التكامل المشترك.