يقال ان المعلومات هي بترول العصر الحديث ، فمنها يشتق ويخرج آلاف المنتجات الرقمية والمعرفية التي أصبحت تشكل إقتصاديات العالم الحديث ،ومن أبرز هذه المشتقات هو الذكاء الإصطناعي الذي يثير الرعب والفزع في نفوس ملايين البشر نتيجة لتطوره المذهل وتهديده القوي لآلاف الوظائف والمهن على مستوى العالم .
هذه المخاوف جعلت البعض يطلقون العنان لـ "صيحات التحذير" من مخاطره وتهديداته ،وبين المبالغة في ذلك ، والخطورة الفعلية التي يشكلها الذكاء الإصطناعي تكمن الحقائق العلمية التي يمدنا بها خبراء التكنولوجيا الذين يقدمون لنا إطلالة شاملة على التطورات و التطبيقات المستقبلية التي سيحدثها الذكاء الإصطناعي.
موجة هائلة من التطورات المستقبلية
ويقول خبير أمن المعلومات د. محمد محسن رمضان مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الالكترونية ، ومستشار مركز المعلومات والتحول الرقمي ، ورئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات ان مجال الذكاء الاصطناعي يتطور بسرعة فائقة لا يكاد العقل أن يصدقها ، ففي الماضي كان التطور التكنولوجي يحدث خلال أعوام أو شهور طويلة ، أما الآن وعندما نتحدث عن الذكاء الإصطناعي فنحن نتحدث عن تطور يحدث خلال أيام وساعات وقد شاهدنا جميعا ماحدث من تطور هائل خلال الأسبوع الفائت فيما يتعلق بتكنولوجيات الذكاء الإصطناعي .
ويُعد الذكاء الاصطناعي مجالًا واسعًا يشمل العديد من التخصصات الفرعية، وفى ظل التطور التكنولوجي يشهد العالم ثورة هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) تتخطى كل ما سبقها من تقدم،وخلال الفترة الأخيرة، شهدنا إعلانات هائلة من أكبر شركات في العالم في هذا المجال، على سبيل الذكر(Google، Microsoft، OpenAI ) ومن المتوقع أن تنضم (Apple) إلى هذه القائمة خلال فترة قصيرة جدا، مما يمهد الطريق لموجة هائلة من التطورات والتغييرات التي ستُشكل مستقبلنا القريب.
تطبيقات جديدة لم نكن نتخيلها
ويشرح رمضان فيقول،يتطور بسرعة هائلة، ومن المتوقع أن يكون له تأثير عميق على جميع جوانب حياتنا في السنوات القادمة، و يجب علينا أن نعرف أولا أن الذكاء الاصطناعي والذي يعرف اختصارا بـ (AI) ،هو فرع من علوم الكمبيوتر يُعنى بإنشاء آلات ذكية قادرة على محاكاة القدرات المعرفية البشرية، مثل التعلم، والتفكير، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات .
وأصبح بإمكانه فهم سلوكيات المستخدم ، فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة لتحليل البيانات، بل أصبح قادرًا على مراقبة سلوكيات المستخدم على الأجهزة الذكية وفهم ما يقوم به، ويتيح ذلك للذكاء الاصطناعي تصحيح أخطاء المستخدم وتقديم المساعدة بطرق مبتكرة، مثل تنظيم المهام أو إنشاء تقارير تلقائية.
كما أصبح يتمتع بسرعة فائقة لنماذج الذكاء الاصطناعي، ففي المستقبل ستؤدي الزيادة الهائلة في سرعة نماذج الذكاء الاصطناعي إلى تحسين أداء أدوات وواجهات برمجة التطبيقات (APIs) المبنية على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير جدا ، وسيترتب على ذلك تسريع زمن الاستجابة وخفض التكاليف، مما سيفتح الباب أمام تطبيقات جديدة لم نكن نتخيلها من قبل.
الذكاء الاصطناعي صديق دائم
قل وداعًا للوحدة ! سيصبح الذكاء الاصطناعي رفيقًا شخصيًا قادرًا على التحدث مع المستخدم في أي وقت، تمامًا مثل أي إنسان ، ويمكن للمستخدم مشاركة أفكاره ومشاعره معه، وسيكون دائمًا حاضرًا لتقديم الدعم والمشورة وأيضا ستصبح فكرة حاجز اللغة ذكرى من الماضي بفضل قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على ترجمة الفيديوهات مباشرةً ودمج مترجم فوري في المكالمات الهاتفية، ستصبح التواصل مع أي شخص في العالم أمرًا سهلًا وبسيطًا.
ملخص لكل شيء: ستصبح وظيفة تلخيص النصوص والفيديوهات والبحوث و المعلومات عامة، مما يوفر فوائد ومخاطر على حدٍ سواء.
من ناحية أخرى، ستوفر لنا الوقت والجهد وتسهل الوصول إلى المعلومات. من ناحية أخرى، قد تُقلل من مهاراتنا في القراءة والتحليل النقدي كما ستصبح نماذج الذكاء الاصطناعي مدمجة في الهواتف المحمولة، مما يسمح بفهم الصور وترتيبها وإنشاء محتوى جديد تلقائيًا ولك ان تتخيل مثلا أنه سيتيح إمكانية مشاركة ذكرياتك مع العائلة والأصدقاء دون الحاجة إلى بذل أي جهد ، كما انه سوف يساعد على
التفاعل الطبيعي مع المحتوى وسوف تصبح الحاجة إلى قراءة المعلومات بدلاً من التحدث معها أمرًا من الماضي ، وسيتمكن من التفاعل مع الذكاء الاصطناعي من خلال الصور والفيديوهات والنصوص، مما سيجعل التواصل معه أكثر سهولة وفعالية ، كل هذا وما يلي من تصورات سيجعل الذكاء الاصطناعي صديق دائم للمستخدمين في المستقبل رغما عنهم .
معالجة معلومات هائلة
ويضيف رمضان ، ستزداد قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم سياق المعلومات بشكل كبير، مما يسمح بمعالجة كميات هائلة من البيانات اكثر بكثير من الماضي وتقديم تحليلات مخصصة وسيتيح ذلك إمكانيات هائلة للبحث العلمي والابتكار في مختلف المجالات، ولن تقتصر مهام الذكاء الإصطناعي على تلقي الأوامر وتنفيذها، بل ستصبح قادرة على تنفيذ مهام محددة بناءً على سلوكيات المستخدم.
على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء عروض تقديمية أو تنظيم الملفات بناءً على احتياجات المستخدم وتفضيلات.
ايضا ستظهر فئة جديدة من الوكلاء المستقلين القادرين على إنجاز مهام معقدة بشكل مستقل، مثل إنشاء مشاريع تجارية أو تحقيق أهداف محددة، و سيعد هؤلاء الوكلاء ثورة في عالم الأعمال والإدارة، ومن الأمور العجيبة التي سيتسبب بها الذكاء الإصطناعي ايضا هى التفاعل الصوتي الشامل ، حيث ستتمكن من التحدث إلى الأجهزة و التطبيقات بشكل طبيعي دون الحاجة للضغط على أزرار ، مثلا ، يمكنك التحدث إلى سيارتك، وهاتفك، وحتى التطبيقات مثل الخرائط، وسترد عليك بالحلول والإرشادات.
وفى الختام أقول أنه من المهم جدا أن نكون على دراية بإمكانيات الذكاء الاصطناعي ومخاطره، وأن نعمل على تطويره واستخدامه بطريقة مسؤولة وأخلاقية.