شهدت مصر في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في معدلات استهلاك الكهرباء، التي وصلت إلى 35 ألف ميجاوات في مايو الجاري مقارنة بحوالي 30 ألف ميجاوات في نفس الفترة من العام الماضي، يأتي ذلك كنتيجة طبيعية للتوسع الاقتصادي والعمراني الكبير، الذي تشهده البلاد بالتزامن مع الزيادة في أعداد السكان والارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة.
ويرى خبراء الطاقة أن تخفيف أحمال الكهرباء في مصر ليس مجرد خيار، بل ضرورة ملحة لضمان استدامة الطاقة، بالإضافة إلى تحقيق التوازن الاقتصادي وتحسين جودة الحياة للمواطنين، مؤكدا أن ارتفاع الأحمال ظاهرة طبيعية خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة استهلاك الكهرباء من أجهزة التكييف والثلاجات وغيرها، كما يزداد استهلاك الماء وبالتالي تزداد كمية الكهرباء المستخدمة في ضخ المياه.
وأوضح أستاذ هندسة الطاقة بكلية الهندسة جامعة الزقازيق الدكتور حافظ السلماوي، أن تخفيف الأحمال الكهربائية ناتج عن نقص كميات الغاز المتاحة لتوليد الكهرباء، حيث يتم تخفيف الأحمال بشكل غير متعمد بسبب هذا النقص، وعلى الرغم من استخدام المازوت أحيانا كبديل للغاز، فإن ذلك يحدث بكميات محدودة.
وأكد أنه تبذل جهودا كبيرة؛ لتوليد أكبر قدر ممكن من الكهرباء باستخدام الوقود المتاح، لكن في حال عدم كفاية الوقود، يصبح تخفيف الأحمال خيارا لا مفر منه لضمان استقرار الشبكة الكهربائية.
وأشار إلى أن تخفيف الأحمال لا يرتبط بتخفيض فاتورة الدعم بشكل مباشر، بل يتعلق بشكل أساسي بكميات الوقود المتاحة لتوليد الكهرباء، ففي حال نقص الوقود، تضطر الدولة إلى الاستيراد في ظل ارتفاع الأسعار العالمية وسعر صرف الدولار، مما يزيد الأعباء المالية على ميزانية الدولة، لافتا إلى أن رفع فاتورة الكهرباء له أبعاد اقتصادية كثيرة، لكن له تأثير مباشر على خفض استهلاك المواطنين، ومراعاة شراء أجهزة كهربائية موفرة للطاقة.
وقال السلماوي: إن التوسع في استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء في مصر يعد خيارا استراتيجيا فعالا لمواجهة زيادة الاستهلاك وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحسين كفاءة قطاع الكهرباء بشكل عام، فضلا عن تحسين البيئة وخفض الانبعاثات، خاصة أن مصر تمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومن جانبه، لفت مصدر مسئول بوزارة الكهرباء إلى أن مصر نجحت في رفع حصتها من الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى حوالي 22% في السنوات الأخيرة، وتستهدف وصول نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى حوالي 42% بحلول عام 2030، لتشمل 14% من طاقة الرياح، 21% من الطاقة الشمسية.
وأشار إلى أن الحكومة أفسحت المجال أمام القطاع الخاص لضخ مزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، وذلك من خلال تقديم العديد من الحوافز للمستثمرين، أبرزها التعرفة التفضيلية، حيث يتم شراء الكهرباء المنتجة من مشروعات طاقة الرياح من قبل الحكومة بسعر أعلى من سعر الكهرباء المنتج من الوقود الأحفوري، والإعفاءات الضريبية إذ تحصل مشروعات الطاقة المتجددة على إعفاءات ضريبية، حيث يبلغ معدل ضريبة القيمة المضافة لتلك المشروعات 5% بدلا من 14%.