استطاعت العينان من خلال نظرتهما العطشى للنجاح أن تصعدا وتتجاوزا الأحلام ، وتصنعا من كل لحظة درجة سلم؛ تمنحهما صعودا لأعلى ، لتستطيعا فى النهاية أن تصلا السماء!! فهل كانت 'العينان" تريا كل ذلك يتجسد صوتا وصورة؟ وهل تصَورا أن يسافرا "كان" ؟ بل يقتنصا جائزة لأول مرة فى تاريخ مصر بعد أربعة وثمانين عاما من المشاركات لم تحصد فيهم مصر سوى سعفتين ذهبيتين إحداهما ل يوسف شاهين عن مسيرته و الأخرى للمخرج المصرى سامح علاء عن فيلمه القصير!!
تحقق كل ذلك للمخرجين ندى رياض وأيمن الأمير فى لحظة ؛ سجلا خلالها الحلم وكانا شاهدين عليه، ويبدو أن البصيرة صاحبتهما فمزجا ذلك فى اختيار اسم فيلمهما التسجيلى بين ؛ الانجليزي "brink of the dreams" أى حافة الأحلام ،والمصرى "رفعت عينى للسما" ، وكأنها البشارة التى سبقت و النبوءة التى تحققت، ونالا بذلك الفوز الأول فى تاريخنا بالحصول على جائزة العين الذهبية عند عرضه فى “أسبوع النقاد” بمهرجان كان السينمائي الدولي السابع والسبعين، ليصبح بذلك أول فيلم مصرى يحصل عليها.
فمن ذا يصدق أن فتيات الصعيد يمكنهن أن يصلن إلى مهرجان "كان" وينلٌن كل هذا الترحيب ؟ وكيف حصدن بتجربتهن الفوز ؟ ولم استطاع ذلك التحدى بكل تفاصيله أن يصل شط "السما"؟ أثار كل ذلك الاعلان عن فوز فيلم " رفعت عينى للسما " بجائزة الأفضل ربما لأنه جسد صوتا وصورة تجربة فتيات لسن كأى فتيات ؛ لأنهن حققن فى صعيد مصر فى قرية "البرشا" بمدينة المنيا مسرحهن الخاص الذى تجول فى الم كان وتحدثن عن كل شىء تعانى منه المرأة بصورة واقعية بمساحة من الحكى بدون صراخ أو شعارات ؛ كما ذكر مخرجا الفيلم فى حواراتهما عن الفيلم الذى وثق وسجل مشوار فريق مسرح بانوراما برشا ؛ ماجدة مسعود و هايدي سامح و مونيكا يوسف ومارينا سمير ومريم نصار و ليديا هارون ويوستينا سمير مؤسسة الفريق خلال أربع سنوات ، تعايشا فيها مع تجربتهن و جولاتهن فى القرى والنجوع وتفاصيل حياتهن الخاصة طوال ذلك الوقت.
تلك المعايشة صنعت خليطا من المشاهد من الصعب الاختيار بينها، فكل منها ابنا يصعب المفاضلة بينه وبين أخيه، فكيف يمكن الاختيار بين 400 ساعة لتصبح فيلما؟؟ تلك التجربة بكل خصوصيتها و بساطتها الصعبة القابلة للتكرار مع صدق معايشتها و توثيقها جعلها جديرة بكل هذا الترحيب على المستوى العالمى ، لتخبرنا الجائزة أن السماء يمكن الوصول إليها فقط لو صَدَق الطريق إليها.
وهذا ما حدث فى التجربة الثالثة للمخرجين الزوجين بعد فيلميهما "الفخ" و "نهايات سعيدة" اللذين حصدا الترحيب والجوائز لكنهما هذه المرة تجاوزا كل شىء و انطلقا نحو السماء التى استجابت ففتحا الطريق إلى "كان" بعد كان مغلقا.