ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أن حجم الانتشار العسكري لـ الجيش الإسرائيلي داخل مدينة رفح بجنوب قطاع غزة المنكوب يشير إلى أن إسرائيل تنفذ أعنف هجماتها على الإطلاق داخل القطاع منذ عدة أشهر، رغم الإدانات الدولية واسعة النطاق والدعوات بوقف العدوان على الفور.
وأفاد شهود عيان -في تصريحات لمراسل الصحيفة نُشرت في سياق تقرير عبر الموقع الإلكتروني للصحيفة- بأن إسرائيل كثفت هجومها العسكري في رفح ليلة أمس الثلاثاء، وأرسلت دبابات إلى قلب المدينة الواقعة بأقصى جنوب القطاع؛ حيث لجأ مئات الآلاف من سكان القطاع أملًا في بعض الأمان بعد أن فروا من الهجمات في بقية غزة خلال الأشهر الماضية، على الرغم من الإدانة الدولية المتزايدة للعملية.
وفي أعقاب غارة جوية إسرائيلية قبل أيام أدت إلى مقتل عشرات المدنيين، تقدم الجيش الإسرائيلي باتجاه وسط مدينة رفح واتخذت المركبات العسكرية مواقعها بالقرب من بلدة دوار العودة، بحسب شهود عيان.
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها، أنه بحلول أمس الثلاثاء كان هناك ما لا يقل عن خمسة ألوية قتالية عسكرية إسرائيلية تعمل في رفح وتتقدم غربًا إلى مناطق أكثر كثافة سكانية في المدينة، حيث تزعم إسرائيل بأن رفح آخر معقل لحركة حماس في غزة، لذلك شنت هجومها في وقت سابق من هذا الشهر على الرغم من القلق الدولي واسع النطاق بشأن 1.4 مليون فلسطيني لجأوا إلى المدينة، حيث حذرت المنظمات الإنسانية من المخاطر التي قد يتعرض لها المدنيون جراء عملية في رفح حيث يحتمي مئات الآلاف من الفلسطينيين لكن وزارة الخارجية الأمريكية قالت أمس الثلاثاء، إنها لا تعتقد أن الهجوم الإسرائيلي يرقى إلى هجوم عسكري واسع النطاق يمكن أن يتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس جو بايدن.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن الولايات المتحدة تعتبر العمليات الإسرائيلية على نطاق محدود أكثر من عملياتها السابقة في خان يونس وبقية غزة .. مضيفًا: "حتى الآن هذه تعتبر عملية عسكرية من نوع مختلف"، وتابع "ميلر": "سنواصل التأكيد على إسرائيل بضرورة التزامها بالامتثال الكامل للقانون الإنساني الدولي وتقليل تأثير عملياتها على المدنيين وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين".
ووفقًا للأمم المتحدة، فر حوالي مليون شخص من رفح قبل تقدم القوات الإسرائيلية، إلى ما تصفه إسرائيل بـ"المناطق الآمنة" الإنسانية لكن جماعات الإغاثة الدولية انتقدتها لأنها تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية والإمدادات.
وقال أحد الفلسطينيين في المنطقة: "إن العديد من المواطنين محاصرون في وسط المدينة"، في حين قال مسئولون محليون في محافظة رفح، إن 21 شخصًا استشهدوا وأصيب العشرات بنيران إسرائيلية في مخيم للنازحين في الأطراف الغربية للمدينة أمس".
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى، أن هجمات الأمس جاءت بعد يومين فقط من غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل 45 شخصًا على الأقل في مخيم آخر للنازحين في حي تل السلطان شمال غرب البلاد فيما قال "ميلر"، إن الولايات المتحدة أعربت عن "قلقها العميق" لـ إسرائيل بشأن الحادث، وأضاف أن واشنطن تنتظر نتائج التحقيق الإسرائيلي الكامل في الحادث.
وأكد قادة إسرائيليون أن لا شيء سيوقف هجوم رفح، الذي يهدف إلى تفكيك آخر أربع كتائب تابعة لـ حماس في المنطقة وكذلك إنقاذ المحتجزين الإسرائيليين الذين يقول الجيش الإسرائيلي إنهم محتجزون في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري: "إن الجيش لايزال يحقق في السبب الدقيق للحرائق الهائلة التي اندلعت في الملاجئ المؤقتة في رفح قبل أيام بعد غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل اثنين من كبار نشطاء حماس في مجمع مجاور".
وأضاف "هاجاري": لم يكن من الممكن لذخائرنا وحدها أن تشعل حريقًا بهذا الحجم فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأول الإثنين، الأمر بأنه "خطأ مأساوي" في حين قال مارتن جريفيث مسئول المساعدات الإنسانية بـ الأمم المتحدة، إنه "لا يوجد مكان آمن في غزة".
وتابع: "لقد حذرنا أيضًا من أن العملية العسكرية في رفح ستؤدي إلى مذبحة، سواء كان الهجوم جريمة حرب أو خطأ مأساوي، بالنسبة لشعب غزة، الأمر واحد لا نقاش فيه".