رغم اهتمام السينما المصرية منذ بداياتها الأولي بتقديم قصص من حياة البدو علي الشاشة، إلا أن معظم تلك الأفلام قد تعاملت مع أهلنا في سيناء والواحات والصحراء الغربية بشكل سطحي وهامشي وقدمت عنهم أنماطًا وصورًا ذهنية ثابتة دون روح أو تواصل حقيقي، وظهر ذلك واضحاً منذ أول فيلم مصري وهو «ليلي» من إنتاج عام 1927.
ويبدو أن عالم البدو كان الأقرب لنفوس صناع السينما ذوي الأصول غير المصرية، مثل الفنانة آسيا، والأخوين لاما اللذين بدأ نشاطهما في تلك الفترة بإنتاج فيلمهما (قبلة في الصحراء) 1928، حيث تولي إبراهيم تأليف القصة وتصويرها إلي جانب إخراجها سينمائيًا، واكتفي شقيقه بدر ببطولة الفيلم.
واستلهمت السينما وقائع نسبة كبيرة من تلك النوعية من الأفلام من أحداث وشخصيات تاريخية أو أسطورية، مستوحاة من التراث الشعبي العربي مثل فيلمي «دنانير»" و«سلامة» من إخراج توجي مزراحي، وفيلم «أبو زيد الهلالي» 1947 من إخراج عز الدين ذو الفقار، و«رابعة العدوية» 1963 من إخراج نيازي مصطفي.
وتماهيًا مع قصص الحب التاريخية التي دارت أحداثها في صحراء الجزيرة العربية، اخترع صناع السينما قصص حب تدور في الصحراء المصرية دون تحديد المكان بالضبط، المهم أن هناك قصة حب تنشأ بين فتاة بدوية وفتي من قبيلتين بينهما عداء، وهناك رغبة في الثأر بين القبيلتين، لكن الحب ينتصر في النهاية، مثل المعالجة البدوية لمسرحية روميو وجولييت ، ولكن بنهاية مصرية صميمة، وفي أفلام «البدوية الحسناء» 1947 إخراج إبراهيم لاما، سلطانة الصحراء 1947 إخراج نيازي مصطفي، «بنت البادية» 1958إخراج إبراهيم عمارة، «العلمين» 1965 سيناريو وإخراج عبدالعليم خطاب، قصة وحوار سنية قراعة.
ورسخت السينما في الأذهان، صورة البدو الذين لا يقبلون بالتطور ويرفضون الأفكار والأشكال الجديدة من أنماط الحياة، ومن بينها فيلم «كنوز» بطولة «كوكا» وتدور أحداثه حول سيطرة أحد الشيوخ علي آبار المياه في الواحة وعرقلته لجهود لجنة حكومية لحفر آبار جديدة وتوزيعها بالمجان علي المزارعين في الواحة.
وغلب طابع سينما الجاسوسية علي أفلام فترة الثمانينات مثل «أسود سيناء»، و«إعدام ميت»، و«ضاع حبي هناك»، أما في أفلام الألفية الجديدة مثل «اللمبي» و«شورت وفانلة وكاب» و«فتاة من تل أبيب»، فقد غلب عليها الطابع السياحي وأصبحنا نشاهد المكان، ولا نشم رائحة البشر، أو نتفاعل معهم!
ورغم التحفظ علي الصورة التي ظهرت بها سيناء في السينما ، إلا أنه لا يمكن لنا أن ننكر فضل هذه الأفلام، في تسجيل الكثير من عادات البدو من كرم الضيافة، وحماية الجار والملابس التراثية، ولكننا لا يمكن أن نختزل سيناء علي الشاشة في قصص الحب العذري، أومطاردة تجار المخدرات ولابد من تقديم قصص حقيقية وواقعية ومقنعة عن حياة وأحلام وهموم سكان هذه القطعة الغالية من أرض مصر.