العلاقات بين مصر و الصين في العصر الإسلامي بالمتحف الروماني

العلاقات بين مصر و الصين في العصر الإسلامي بالمتحف الرومانيجانب من الحفل

فنون2-6-2024 | 20:42

استضاف المتحف اليوناني الروماني بـ الإسكندرية حفل توقيع ومناقشة كتاب (أضواء علي العلاقات التاريخية والحضارية بين مصر و الصين في العصر الإسلامي)، فكرة وتقديم القنصل يانج يي القنصل العام لدولة الصين بالإسكندرية، ومن تأليف الدكتورة سحر السيد عبد العزيز سالم أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأدار المناقشة الدكتور فتحي أبو عيانة أستاذ الجغرافيا البشرية ونائب رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق ورئيس جامعة بيروت الأسبق .

ورحبت الدكتورة ولاء مصطفي مديرة المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، بكل من قنصل عام الصين بالإسكندرية يانغ يي والدكتورة سحر سالم والدكتور فتحي أبو عيانة، مؤكدة أن القنصل يانج يي له شهرة واسعة كصديق محب للمصريين.

وأوضحت أن الكتاب الذي تتم مناقشته يلقي الضوء علي العلاقات التاريخية والحضارية بين مصر و الصين في العصر الإسلامي، وأن مصر من أولي الدول العربية التي أقامت علاقات مع الصين منذ العصر الإسلامي.

وفي كلمته، تقدم القتصل يانج يي بالشكر لإدارة المتحف اليوناني الروماني على استضافة حفل توقيع الكتاب، قائلا: إن ازدهار الحضارة وتقدم البشرية مرتبطان بالتبادل الحضاري والتعليم المتبادل ولطالما بذل العاملون علي التاريخ والثقافة في مصر و الصين منذ وقت طويل جهودهم، وأضاف أن كتاب الدكتورة سحر سالم الجديد جعلنا ندرك التبادلات التاريخية والثقافية بين مصر و الصين خلال تأسيس الدولة الطولونية المصرية، كما يساعد القراء علي فهم أهمية التبادل الثقافي بين الدولتين مصر و الصين خلال العصر الإسلامي، مضيفا أن مصر و الصين دولتان ذاتا حضارات قديمة وعاشتا في انسجام وتكامل بين بعضهما البعض عبر التاريخ الطويل وتعمقت العلاقات الودية بين الشعبين وتطورت بشكل مستمر بمرور الأجيال، وقام الرئيس السيسي بزيارة رسمية الي الصين وحضر حفل افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدي التعاون الصيني العربي وستعمل الصين مع الدول العربية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بين الدول العربية و الصين وخلق نموذج للتعاون الجماعي للدول النامية لتكون موحدة متعاونة معتمدة علي ذاتها، كما واصلت مصر و الصين تعزيز الثقة المتبادلة والتعاون في مختلف المجالات وقامتا بالبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق وعملتا معها لتقديم إسهامات جديدة للحضارة الإنسانية، قائلا: أتمني أن يكون هناك في المستقبل المزيد من سفراء التبادلات الثقافية المصرية الصينية مثل الدكتورة سحر سالم لتعزيز المعرفة والصداقة والتعاون بين الشعبين .

وقالت الدكتورة سحر سالم: إن مصر و الصين بلدان يتمتعان بانتمائهما إلي أعرق حضارات في التاريخ وجمعت بينهما رغم البعد الجغرافي قواسم حضارية مشتركة منذ القدم، فالروحانيات كانت أساس هاتين الحضارتين، وكان العطاء الإنساني رسالتهما، واتسمت العلاقات بينهما علي الدوام عبر كل حقب التاريخ بالصداقة والسلمية، فلم تشهد أي منهما عبر جميع المنعطفات التاريخية إلا علاقات التعايش الإنساني والحضاري المتميز والذي كان من أهم نتائجه ترسيخ روح المحبة والصداقة والمودة الخالصة في وجدان الشعبين الصديقين، وقالت: كان طريق الحرير البري والبحري التجاري أحد عوامل تحقيق التواصل بين أهل البلدين من الصين و مصر وكان الفن والفنانون هم رسل المحبة والسلام بين كل من البلدين الصديقين.

وأضافت د سحر سالم، أن الدراسه ترجح انتماء أحمد بن طولون المؤسس العظيم لأول دولة في مصر فقط لها استقلالية وخصوصية سياسية الدولة الطولونية، ينتمي الي شمال الصين فهو الذي يرجع بأصوله إلي (الطغرغر) من الخطأ التتار، وجاء هذا الترجيح بعد مناقشة جميع الآراء الواردة في المصادر الإسلامية والمراجع المهمة ذات الصلة وتتبع أصل الخطي ومواضع استقرارهم وتنقلهم في حالة من المد السياسي والجزر وإنشائهم أسرة لياو في شمال الصين في فترة زمنية قريبة للغاية من نهاية الدولة الطولونية، كما توصلت الدراسة من خلال المصادر المملوكية الي ما يؤكد تواجد بعض العناصر الصينية الوافدة كمماليك وأمراء في البلاط المملوكي والجيش مثل الأمير ارغون شاه سيف الدين الناصري.

وقالت: لم يكن التواجد الصيني في مصر فقط هو الذي تم عرضه في الدراسة إنما قدمت من المصادر ما يؤكد أيضا علي التواجد المصري العميق والمؤثر في المجتمع الصيني في العصور الإسلامية، وكان التجار المصريون من أثرى التجار العاملين بتجارة الكارم وطريقة الحرير في الصين وقدموا بأموالهم إسهامات في هذه المدن سواء اجتماعية أو إصلاحية، والأهم أن المصريين كانوا مثالا خلقيا إنسانيا رائدا ورفيعا في بلاد الصين كما تركوا مؤثرات فنية مملوكية ممثلة في الزخارف الكتابية الإسلامية بخط الثلث علي خزف أسرة مينج الصينية .

وأضافت قائلة: كان في بلاد غرب البحر مدينة يقال لها كسندر، وتعتبر هذه الكلمة تحريفا لاسم مدينة الإسكندرية، حيث كانت الإسكندرية من المدن التي تصدر البضائع الي الصين عن طريق البحر الأحمر، وكانت أهم صادراتها تتمثل في الزجاج والأحجار الكريمة والذهب والعنبر والعقيق واللؤلؤ والمرجان والمنسوجات القطنية، كما كانت منتجات الصين كالحرير والجواهر والفضة والتوابل تأتي عبر البحر الأحمر اليها منتقلة الي النيل في القناة التي كانت تربط بين البحرين حتي البحر المتوسط، وورد اسم مصر والاسكندرية في مصدر صيني آخر متأخر عنه للمؤرخ شاو يو كوا في القرنين السادس والسابع الهجريين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، ويرجح الأثريون أن مصر كانت في العصرالبيزنطي علي اتصال وثيق بآسيا الوسطي والإقليم الغربي في الصين ، ومن الأدلة علي ذلك الزخارف القبطية التي تم اكتشافها علي قطعة من جلد كتاب عثرت عليه البعثة الألمانية التي أجرت حفائرا في توربان في إقليم تشينج يانج علي طريق الحرير في شمال غربي دولة الصين الحالية، ومما يؤكد أيضا اتصال الصين ب مصر في القرن السادس الميلادي وفي فجر الاسلام أن كتب مانويه مكتوبة باللغة القبطية قد كشفت في مصر في العصر الحديث، وقالت إن أهم محطة تاريخية علي طريق العلاقات المصرية الصينية إنما تتمثل في عصر الدولة الطولونية في مصر 254 الي 292 هجريا أي 868 الي 905 ميلاديا فإن أصول أحمد بن طولون مؤسس هذه الدولة إنما ترجع الي الطغرغز أو الطغرغر من الخطا التتار الذين هم علي الأرجح من شمال الصين وعلي وجه التحديد من سكان إقليم تشينجيانغ ذي الحكم الذاتي شمال غرب دولة الصين الشعبية حاليا .

وقالت الدكتورة سحر سالم، إن ثاني أهم محطة ومرحلة في تاريخ العلاقات بين مصر و الصين إنما تتمثل في العصر الفاطمي وهناك دلائل أثرية فنية علي وجود تبادل حضاري مشترك بقوة بين البلدين من خلال التجارة بلا أدني شك، وفيما يتعلق بصناعة الورق فقد اخترعت الصين الورق في عهد الإمبراطور هوني سنة 105 ميلاديا علي يد سايلون واحتكر الصينيون صناعته الي أن عرفه العرب وبدأوا يستخدمونه سنة 751 ميلاديا زمن العباسيين عندما فتحت سمرقند وتم أسر حوالي 20000 من الصينيين ممن كانوا يحاولون طرد العرب من هناك وكانوا يديرون صناعة الورق فتعلمها العرب وأسسوا مصنعا لها بسمرقند ونقل التجار عبر طريق الحرير الورق من سمرقند الي بغداد، ومنها انتشر الي الشام وفلسطين ثم مصر والمغرب، وكانت مصر اشتهرت بصناعة ورق البردي منذ القدم وكانت تحتكره في العالم كله حتي ظهرت صناعة الكاغد الصيني مما أثر بلا شك علي صناعة البردي المصري حتي قيل إن الكواغط قد عطلت قراطيس مصر أي البردي وما أن حل القرن الرابع الهجري حتي بدأت مصر في الاستغناء عن البردي لصالح الكاغد.

واستمرارًا في الحديث عن المؤثرات الصينية علي الفنون المصرية في العصر الفاطمي، فإن الخزف الصيني الذي هو من أبدع أنواع الفخار كان مصدر إلهام للفنانين المصريين في العصر الفاطمي .

وتقول دكتورة سحر سالم إن العصر المملوكي كان المحطة الثالثه المهمة علي طريق العلاقات المصرية الصينية واستمر التأثير المتبادل بين الشعبين والثقافتين .

أضف تعليق