وأنا أقلب صفحات التاريخ وجغرافية بعض الأقطار العربية والأجنبية، وجدت دولا حديثة صنعت تاريخا بسواعد أبنائها وغيرت جغرافية المكان بشكل مذهل لفت أنظار شعوب العالم لهذه الدول وليدة التاريخ والجغرافيا.
وراجت سياحيا حتي أصبحت علي قمة الدول السياحية بأسط الإمكانيات، لكن بتعظيم القدرات البشرية وثقافة التكامل ووضع استراتيجيات قابلة للتطبيق تنفيذا وترويجا، والأمثلة علي هذا الدول الناهضة كثيرة، فقط نظرة علي من حولنا.
ونحن أصحاب الحضارة و التاريخ العريق والآثار، التي ليس لها مثيل علي وجه الأرض، بلا سياحة معقولة وزوارنا من الأجانب لا يقترب حتي من الحد المعقول بالنسبة للإمكانيات السياحية المصرية، ثلث آثار العالم ويزيد، وشواطئ ممتدة شرقا وغربا، زمدنا سياحية متفردة ، وموروث ثقافي متشعب في كافة المجالات، أليس هذا كافيا ليضعنا في مقدمة الدول السياحية؟!.
إذن أين المشكلة؟ رغم وضع السياسات والاستراتيجيات ومنها الإستراتيجية الوطنية للسياحة 2030 ، وتم تعديل التشريعات التي تعمل علي المحافظة علي ميراثنا من الآثار وتغليظ عقوبات من تسول له نفسه الاعتداء علي هذا التراث المتفرد والمتنوع ما بين آثار فرعونية ورومانية وإسلامية ومدن سياحية توفرت لها كافة الإمكانيات للمنافسة، وشواطئ هي الأجمل علي مستوي القارات.
في اعتقادي تكمن المشكلة في منهجية إدارة النشاط السياحي بصفة عامة والمشكلة الأكبر تكمن في عدم تقديرنا لما تحت أيدينا من ثروة سياحية.
نحن ندير منظومة السياحة إدارة نمطية حكومية، وزيرا وموظفين، ورغم أنني غير متخصص في مجال السياحة إلا أن الحل يكمن من وجهة نظري
في عدة مسارات متوازية ومتكاملة تعمل جميعها لجذب السائح وأن توفر له كافة الوسائل التي تجعله يفكر في العودة مرة أخري بل يدعو غيره للسياحة المصرية.
أولي هذه المسارات وأهمها أن يتولي ملف السياحه في كل دولة إدارة متخصصة داخل السفارات والقنصليات المصرية المنتشرة في ربوع المعمورة تشرف عليها وزارة الخارجية يكون دور هؤلاء التعريف بإمكانيات مصر السياحية والآثر ية بشكل علمي ومنهجي وأن تتاح لهذه الإدارات كوادر من أساتذة الآثار وخبراء السياحة والسفر.
ثاني هذه المحاور : تخصيص برامج تليفزيونية في كافة القنوات الحكومية والخاصة، فلا تخلو قناة من البرامج الرياضية وبرامج الطهي وبرامج آخري تصنف تحت مسمي برامج " الهلس"، أين وزارة السياحة من الإعلام ؟، بل أين الإعلام من تعظيم قدراتنا السياحية.
المسار الثالث : الاستعانة بشركات عالمية متخصصة للترويج للسياحة المصرية والتعريف بحجم إمكانياتها الأثرية وأهمية وتاريخ الآثار المصرية .
المسار الرابع : العمل علي إقرار منهج دراسي يدرس في كافة المراحل التعليمية لتخريج نشأ يعلم قيمة الأثر المصري وكيفية التعامل معه ومع السائح وكيف نجعل كل طالب واجهه مشرفة للبلد.
أما المسار الخامس: الاهتمام بالأثريين ورعايتهم اجتماعيا وان نقدم لهم خدمات ترقي إلي مستوي المجهود الذي يقومون به في خدمة قطاع الآثار والعمل علي تأسيس نقابة للأثريين تقوم علي رعاية شئونهم، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر الدور الذي يقوم به المحترم الدكتور أيمن وزيري بصفته رئيس اتحاد الأثريين من مجهودات لخدمة زملاءه الأثريين خاصة، و السياحة عامة وقد لاقي اقتراحه الهام بإنشاء مطار في واحة سيوة لخدمة السياحة ترحيب من القيادة السياسية، التي قامت بتخصيص الأرض المناسبة لإنشاء المطار.
وأخيرا السياحة كغيرها من القطاعات الهامة، التي يجب أن تكون مصدرا رئيسيا للدخل القومي وتحتاج من الجميع التكاتف حتي يتم تنفيذ الخطط والاستراتيجيات بشكل صحيح ومنتج، حتي نصل إلي نواتج الاستراتيجية التي تعمل علي زيادة التدفق السياحي ليصل إلي 30 مليون سائح عام 2028 .