الحكمة والموعظة الحسنة .. السبيل إلي إصلاح شبابنا

الحكمة والموعظة الحسنة .. السبيل إلي إصلاح شبابناالشعراوي

كنوز أكتوبر16-6-2024 | 11:26

إن الشباب يسمعون قيمًا ويرون في السلوك الواقعي ما ينافي هذه القيم، حسب الطالب أن يري من أستاذه إهمالاً في كل شيء ليسجله عليه.. حسب الطالب أن يري عدم إخلاص الكلمة من مُدرّسه.. حسب الطالب أن يري إهمال الأستاذ في بعض واجباته وقضاء الوقت دون مدلول هذا الوقت.

يأخذ الطالب هذه الصورة في نفسه فيعلم أن الكلمة شيء و السلوك الواقعي شيء آخر.. كذلك ينظر إلي حركة أمه وإلي حركة أبيه وإلي حركة إخوته إن كانوا أكبر منه، ولذلك يحكي الله هذا التداخل الجيلي «أي الأجيال» ويقول: «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً»، مادام رزقكم بنين وحفدة تكون مرتبة الجد.. حينئذ تتداخل الأجيال.. أن يقع بصر الطفل علي شيء يتمثل في ورع الجد وإتزان حركته ووفرة تجربته.. ويري أيضا نشاط إبنه في الحياة ويري أيضا من إخوته الكبار ما يصلح له نموذج ويقع له مثلا بحاول هو أن يحتذيها.. ليتكون من ذلك المزيج الذي تحتاجه الحياة من حركة تتمثل في نشاط الوالد والولادة ومن وقار ومن ورع وسكون وإتزان يتمثل في حركة الجد هنا حين تتداخل الأجيال يصبح الإنسان سوي التفكير، فإذا ما فاتنا أن نربي وفاتنا أن نؤدب فقد صعبنا المسألة تصعيبًا يحتاج منا لا أن نواجه الشباب علاجا ولكن أن نواجه من يقومون علي تربية الشباب.. أسرة ومجتمعا.. ودولة..وإعلاما.

كل ذلك لأن المؤثرات الأولي كانت تنحصر في الأبوين وتنحصر في البيئة القريبة للإنسان، ولكن المؤثرات الآن أصبحت تدخل علي الناس بيوتهم وتفرع علي الناس أسماعهم وإن لم يشاءوا أن يسمعوا وليت هذه المؤثرات التي تقرع علينا الآذان وتقتحم علينا حجاب الرؤية ليتها مأمونة..

إذن.. لأن الأمر ولكنها في الأغلب الأعم غير مأمونة ومن هنا يتضح في ذهن الشباب شيء اسمه إدارة التبرير، حين تطلب من الشاب أن يكف عن انحرافاته في شهوة ما يحاول جاهدًا أن يبرر لنفسه الانقلاب، فلا أقل من أن يناقش في القضية من أساسها وربما يقتضيه الأمر أن ينكر قضية الدين التي يرتبط بهذه القيم لأنه لا يريد أن يكون مخالفا لأمر هو حق، فهو يريد أن يثبت أن هذا الأمر ليس بحق، ولذلك نجد الذين يحاولون تبرير لسلوكهم بعد أن تهدأ شدتهم في الحياة يحاولون أن يتمسحوا في القيم ويحاول كل منهم أن يتصل بمن يعوض له أمر انحرافاته في السابق، وإلا فالذي يشب علي شيء من المعقول جدا أن يرتقي فيه ولكنهم حين يشبون، يشبون علي الانحراف فإذا هدأت قوتهم ابتدأوا يتطلبون الاستقامة وابتدأوا يسألون عن منهج القيم.

الآفة الآن أننا حين نري الشباب ينقلب من أمر التربية وينفلت من أمر التأديب لا يواجه بمجتمع يقسو عليه قسوة الرحيم، ومعني قسوة الرحيم أنه لا يقسو عليه لأنه يكرهه ولكن يقسو عليه لأنه يحبه ومادام يحبه فيجب أن ينغرس في نفس الشاب الذي أصابته أدواء الحياة وانحرافاتها إلي حب معالجة وأن يعتبره أمينا عليه لا أن يعتبره مكروها منه، وكثيرا من الناس لا يعرفون متي يعالجون انحراف الشباب.. لماذا؟.. لأنهم يظهرون له بمظهر الكاره لعمله ولكن أحب أن ينظروا إليه نظرة المحب لصفاته، الإنسان منا حين يعالج هذا الأمر لابد أن يعالجه بحكمة، هذه الحكمة بالتي هي أحسن.. لماذا؟ حتي لا تثير فيهم العناد، لأن العناد يورث المخالفة وقد تكون المخالفة لا لأنه يقتنع بالأمر المخالف فيه ولكنه يريد أن يغيظ من يأمره يغير هذا الأمر المخالف وربما لو أنه استتر عنك لفعل ما تريد ولكنه أمامك يصر علي أن يكيدك وأن يغيظك، إذن فالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن هي الوسيلة التي يجب أن تستحيل بها الشباب الذي انفلت من دور التربية وانفلت من دور التأديب وأصبح له من الذاتية التي يشعر بها ومن القدرة التي يتمتع بها ما يعينه علي المخالفة.

نشر بمجلة أكتوبر فى يوينو 1978م – 1398هـ

أضف تعليق