ذكر البنك الدولي، أن آخر تقرير اقتصادي للصومال أشار إلى نمو الاقتصاد الصومالي بنسبة 3.1 بالمائة في عام 2023 مقارنة بـ 2.4 بالمائة في عام 2022، إذ كان هذا الانتعاش في النمو مدفوعا بتحسن الظروف الجوية والإصلاحات السياسية التي وضعتها الحكومة؛ لتعزيز الوصول إلى نقطة الإنجاز الخاصة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
ووفقا للتقرير- الذي أورده البنك الدولي، عبر موقعه الرسمي- فإن آفاق النمو على المدى المتوسط ستظل متواضعة، إذ من المتوقع أن يبلغ النمو معدل 3.7% في عام 2024 و3.9% في عام 2025. وفي حين يواجه هذا النمو مخاطر كبيرة، بما في ذلك الصدمات المناخية المستمرة والتهديدات الأمنية فضلا عن الصدمات الاقتصادية العالمية، تواصل الحكومة الفيدرالية الصومالية الحفاظ على استقرار مالي واسع النطاق. كما تراجعت الضغوط التضخمية، مدفوعة بانخفاض أسعار المواد الغذائية وتحسن حالة الطقس وانخفاض أسعار السلع الأساسية العالمية.
ونوه التقرير بأن النمو قد حظى بشكل عام بدعم من الأمطار المواتية في عام 2023، التي تسببت في انتعاش أقوى من المتوقع في قطاع الزراعة. وبالمثل، انتعش قطاع الثروة الحيوانية بسرعة، وذلك وسط زيادة صادرات الماشية بشكل كبير. وسجلت الحكومة الفيدرالية أيضا نموا قويا في الإيرادات المحلية، على الرغم من أنها لا تزال منخفضة للغاية بحيث لا يمكنها تمويل احتياجات الإنفاق المتزايدة، بالإضافة إلى ذلك، يشير تحسن أداء البنوك الصومالية إلى زيادة مستوى الثقة في القطاع المالي.
وخلص التقرير إلى أن الصومال بحاجة إلى أن تستبق آثار الكوارث المناخية الحادة- بالاستثمار في القدرة على الصمود والتأهب، بدلا من الإنفاق على المساعدات الإنسانية التي تستمر في استهلاك الجزء الأكبر من المساعدات الخارجية. وسيتطلب ذلك استثمارات في إدارة مخاطر الكوارث والحماية الاجتماعية، فضلا عن أنظمة سبل العيش الريفية الأكثر قدرة على الصمود.
ورصد التقرير توقعات نمو متواضعة على المدى المتوسط، التي ترتكز على استمرار الاستقرار السياسي وانخفاض المخاطر الأمنية، مشيرا إلى أن الحكومة ستحتاج أيضا إلى زيادة إنفاقها العام تدريجيا في قطاعات الطاقة والنقل والتعليم والصحة؛ للحفاظ على هذا المسار من النمو. وستعتمد آفاق التوقعات أيضا على استقرار الاقتصاد الكلي والسياسات الحكومية.
ونوه التقرير بأن التجارة الخارجية سوف تستمر في التحسن، بافتراض أن تستمر الظروف المناخية المواتية، وتعزيز البيئة العالمية.
يأتي ذلك وسط توقعات بأن تستمر إصلاحات القطاع المالي وبناء القدرات المؤسسية ذات الصلة، في زيادة الثقة والنزاهة والتعميق المالي. كذلك من المتوقع أن تؤدي إصلاحات السياسات والإدارة الضريبية إلى تعبئة إيرادات محلية إضافية. وستستمر فاتورة الأجور، إلى جانب الإنفاق على السلع والخدمات، في دفع الإنفاق، إذ سيشكل كلاهما ثلثي الميزانية في عام 2024. وسيفسح ارتفاع الإيرادات المحلية المجال لزيادة الإنفاق على الاستثمار العام والخدمات الاجتماعية، وستحتاج الحكومة لإبقاء التضخم منخفضا، ودعم دخول الأسر.
وقدم التقرير بعض التوصيات ذات الصلة بالسياسة العامة لبيئة ما بعد مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون. وارتأى أنه ينبغي إدارة عجز الموازنة من خلال سياسة مالية حكيمة – تتمثل في تعزيز تعبئة الموارد المحلية واحتواء فاتورة الأجور والإنفاق الأمني، فضلا عن تعزيز إصلاحات إدارة المالية العامة.
ومن الأهمية بقدر الإمكان- وفقا للتقرير- أن تعمل الحكومة على تعزيز تشريعات ووظائف إدارة الديون بما في ذلك إعطاء الأولوية لمصادر التمويل الميسرة، مشيرا إلى أن النهوض بالمناقشات حول أسلوب الإدارة الفيدرالية بمقدوره أن يساعد في تحسين استقرار الدولة، الأمر الذي يمكن أن يعزز البيئة العامة لممارسة الأعمال التجارية ويقوي الأنظمة العامة لتقديم الخدمات.
وحذر التقرير، من أن الاعتماد المفرط على المنح الخارجية يمكن أن يعرض استقرار الاقتصاد الكلي للخطر، لا سيما إذا كانت هناك أي تقلبات في تدفق المنح، مشيرا إلى أن هناك مخاطر كبيرة تتمثل في إعادة تراكم متأخرات الديون.
من جانبها.. قالت مديرة مكتب البنك الدولي في الصومال كريستينا سفينسون: "إن مجابهة التحديات والمخاطر المناخية أمر ضروري لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومرن"، مضيفة أن "هناك حاجة ملحة لأن تدعم حكومة الصومال النمو المستدام وطويل الأجل، الذي يرتكز على استقرار الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق، والقدرة على الصمود على المدى الطويل في مواجهة تغير المناخ على مستوى الاقتصاد برمته".
بدوره.. قال الخبير الاقتصادي ب البنك الدولي ومعد التقرير عبد الله ويدراوجو: "لا تزال التوقعات الاقتصادية للصومال إيجابية، حيث من المتوقع أن يتسارع النمو الاقتصادي، وإن كان بوتيرة متواضعة"، مضيفا أن "استكمال مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون والانضمام إلى جماعة شرق إفريقيا من شأنه أن يعزز ثقة المستثمرين ويدعم التكامل الإقليمي. ويتعين أن تعزز الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الاستثمار العام، ثقة المستثمرين وتجذب الاستثمار الأجنبي المباشر مما يشجع على زيادة نشاط القطاع الخاص والاستثمار على نطاق واسع".