​​لواء دكتور سمير فرج يكتب: البولينج

​​لواء دكتور سمير فرج يكتب: البولينج​​لواء دكتور سمير فرج يكتب: البولينج

*سلايد رئيسى14-11-2018 | 23:11

كانت المرة الأولى التي نرى فيها صالات لعبة البولينج، في مصر، في عام 1997، أثناء افتتاح أحد الفنادق الكبرى، في مدينة شرم الشيخ، بحضور رئيس الجمهورية الأسبق، محمد حسني مبارك، الذي علق، على الفور، للمشير طنطاوي، سائلاً "لماذا لا يكون لدينا مثل هذه الألعاب في النوادي ومراكز الشباب؟"، لثقته من قدرة القوات المسلحة المصرية، على التصدي للمشروعات الجديدة، وتحمل المخاطرة فيها.

وتنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، فقد كلفني المشير طنطاوي، بالبدء، فوراً، في متابعة إجراءات جلب تلك الرياضة الجديدة إلى مصر. وحيث أن رئيس الاتحاد الدولي للبولينج، كان حاضراً لافتتاح الفندق بشرم الشيخ، فقد اجتمعت به، على الفور، لمناقشة الأمر معه. وعندما لاحظ اهتمام الدولة بإدخال هذه اللعبة في مصر، اقترح أن تستضيف مصر بطولة العالم التالية، والمحدد موعدها بعد 6 أشهر.

كان التوقيت يمثل تحدياً كبيراً، ولكن حماس جميع الأطراف، كان من شأنه تذليل الكثير من الصعاب. تم وضع خطة متكاملة لإنجاز المشروع، واستضافة بطولة كأس العالم، بما يليق باسم مصر. كانت جميع عناصر الخطة تسير، جنباً إلى جنب، بالتوازي، للحاق بالوقت المحدد.

وفقاً لطلبنا، وفي خلال ثلاثة أيام، أمدنا رئيس الاتحاد الدولي للبولينج، بتصميمات أحدث مراكز البولينج بالولايات المتحدة الأمريكية، لنبدأ من حيث انتهى الآخرون، في ظل افتقارنا للخبرات السابقة في هذا المجال. ومنها انطلق مهندسي القوات المسلحة في وضع رسومات تفصيلية للمركز المصري الذي تم اختيار مقره الرئيسي، بجوار استاد القاهرة الدولي، شاملة المبنى بملحقاته، وتجهيزاته الفنية. بالإضافة إلى تصميم مراكز متعددة، في مختلف المحافظات المصرية، لاستيعاب مثل تلك البطولات العالمية، فتم تأسيس عشر مراكز أخرى، بمساحات وأحجام متباينة، في كل من الإسكندرية، وبورسعيد، وأسيوط، ومرسى مطروح، والإسماعيلية، مستعينين في ذلك، بالرسومات الفنية للاتحاد الدولي للبولينج.

وفي ذات التوقيت، تم تحديد موعد مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس شركة المقاولون العرب، آنذاك، لتولي مهمة التنفيذ، والذي قبل التحدي، وفي خلال خمسة أيام من قبوله لتلك المهمة، كانت معدات شركة المقاولون العرب، تسابق الزمن لإنشاء أكبر مركز للبولينج في الشرق الأوسط، فكان العمل يسير طوال 24 ساعة، في ورديات متعاقبة. ولم يقتصر الأمر على التنفيذ، وإنما صاحب ذلك خطة لتدريب المهندسين والفنيين على إدارة وصيانة هذه الملاعب. بينما تولت، مجموعة أخرى، البدء في إجراءات تدبير شراء المعدات وأدوات اللعبة، من الولايات المتحدة الأمريكية، لضمان وصولها في الموعد المناسب، بما يسمح بتركيبها قبل بدء البطولة، مع تدبير قطع الغيار اللزمة لمدة ثلاث سنوات على الأقل.

بالتزامن مع كل ذلك، تم تأسيس الاتحاد المصري للبولينج، لتولي الإجراءات الرسمية لتسجيل اللعبة في مصر، ولمخاطبة الاتحاد الدولي، للحصول على الموافقة الرسمية، لتنظيم مصر لبطولة كأس العالم القادمة، وهو ما يتطلب، بالطبع، تشكيل منتخب وطني للبولينج، وبدء تدريبه على اللعبة، وهو ما بدأ، على الفور، في مدينة شرم الشيخ، بينما تولى الاتحاد المصري دعوة نظرائه في مختلف دول العالم للاشتراك في بطولة كأس العالم في مصر.

وبدأت مرحلة الإعداد لحفل الافتتاح، ويبدو أن الحظ كان حليف ذلك المشروع، إذ تزامن افتتاحه مع وجود الفنان المصري العالمي، عمر الشريف، في مصر، والذي رحب بتقديم فقرات حفل الافتتاح الرسمي، بثلاث لغات يجيدها، إضافة إلى العربية، مما أضاف الكثير من الإبهار إلى الحفل، نظراً للمكانة العالمية لنجمنا المصري.

كما تم الاتفاق مع الفنانين الكبيرين، محمد منير، وأنوشكا لتقديم الفقرات الفنية للحفل، بعدما أبدا سعادتهما البالغة للمشاركة في مثل ذلك الحدث الهام، الذي يشرفه بالحضور، السيد رئيس الجمهورية. وأذكر موقفاً طريفاً مع الفنان محمد منير، الذي أبدى سعادة بالغة لأن يغني أما الرئيس للمرة الأولى في حياته، ولكنه همس في أذني، بطلب خاص، وهو إعفاءه من ارتداء الملابس الرسمية، أثناء أداء فقرته، قائلاً "أنا مش بعرف أغني وأنا لابس بدلة"، فابتسمت مقتنعاً بأن له لوناً خاصاً في الغناء، واتفقت معه أن يبقى الأمر سراً بيننا، حتى يوم الافتتاح. وفي ظني أن ظهور الفنان محمد منير، في ذلك الحفل، لأول مرة بالملابس "الكاجوال"، قد أحدث تغييراً كبيراً في تطور مظهر الفنانين على المسارح.

كما قدمت فرقة رضا للفنون الشعبية، عرضاً متميزاً للفنون الشعبية عن محافظات مصر، أخرج تابلوهاته الفنان المبدع، محمود رضا، ببراعة متناهية، متغلباً فيه على المساحة المحدودة نسبياً، فخرج حفل الافتتاح بصورة مشرفة، يليق باسم مصر، الذي جذب أكثر من 25 دولة للمشاركة، وبشهادة الاتحاد الدولي للبولينج، كانت تلك أكبر مشاركة، في تاريخ البطولة العالمية، منذ انشاؤها.

ومنذ ذلك الوقت انتشرت هذه اللعبة في مصر، وتم تأسيس الكثير من المراكز الخاصة لها، سواء في الفنادق أو خارجها، كما انتشرت في الكثير من مراكز الشباب في شتى المحافظات. واليوم، عندما أمر أمام هذا المبنى، وأشاهد العائلات المصرية، يقضون سهرة أو أمسية جميلة به، أتأكد من قدرة المصريين على تنفيذ أي مهمة، مهما كانت تحدياتها أو صعوباتها، وأتيقن من قدرتهم على استيعاب أية أنظمة، مهما كانت حداثتها.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2