مصير الأسد بين مطرقة اليسارين وسندان اليمينين فى الانتخابات الفرنسية

مصير الأسد بين مطرقة اليسارين وسندان اليمينين فى الانتخابات الفرنسيةمصير الأسد بين مطرقة اليسارين وسندان اليمينين فى الانتخابات الفرنسية

*سلايد رئيسى29-3-2017 | 15:20

حمادة عبدالوهاب لطالما اعتبرت فرنسا واحدة من إحدى أهم الدول المؤيدة للمعارضة السورية المسلحة منذ عهد الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي، وحتى بعد أن وصل مرشح اليسار فرانسوا لسدة السلطة لم يغير هذا الأمر شيء من دعم فرنسا للمعارضة السورية، ولطالما طالبت فرنسا برحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، عبر رئيسها أو وزير خارجيتها لوران فابيوس، ولكن قد يشهد الأمر اختلافا جذريا في حال صعود أي من مرشحي اليمين أو اليمين المتطرف لسدة السلطة في انتخابات الشهر المقبل، ونستعرض في هذا التقرير موقف مرشحي الانتخابات الفرنسية الأربعة الأقرب في الوصول إلى السلطة. بنوا آمون [caption id="attachment_20500" align="aligncenter" width="300"]بنوا آمون بنوا آمون[/caption] مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي للانتخابات الرئاسية بنوا آمون الذي يميل نحو اليسار التقليدي في الحزب والذي مثل نجاحه في انتخابات الحزب مفاجئة كبيرة، لن يحيد كثيرا عن موقف الرئيس الحالي هولاند، فقد اعتبر آمون أن لا فرق بين داعش وبشار الأسد، داعيا إلى تقديم رأس النظام السوري إلى محكمة دولية. ويدافع المرشح الاشتراكي، عن هذا الموقف من موقع المدافع عن سمعه فرنسا كمدافعة عن شرعية حقوق الإنسان. وقد وعد آمون أنه إذا ما انتخب رئيسا للجمهورية الفرنسية فإنه سيتوجه إلى حلب، تماما كما فعل الرئيس الفرنسي الاشتراكي الراحل فرنسوا ميتران حين توجه عام 1992 إلى سراييفو للتعبير عن تضامنه مع المدنيين المحاصرين هناك. إيمانويل ماكرون [caption id="attachment_20496" align="aligncenter" width="300"]إيمانويل ماكرون إيمانويل ماكرون[/caption] ماكرون الذي استقال من حكومة مانويل فالس الاشتراكية ليس اشتراكيا بل هو مستقل أتى به الرئيس هولاند من عالم المصارف وأوكل إليه وزارة الاقتصاد. وبالتالي فإن الرجل الذي أسس حزب "إلى الأمام"، ذراعه نحو الإليزيه، يميل إلى الوسط في تموضعه السياسي الداخلي كما في موقفه من المسألة السورية. يستند ماكرون، في موقفه من الشأن السوري على قواعد موقفه من روسيا. فهو يعتبر أن "فرنسا وروسيا لا تتشاركان بنفس القيم"، لكنه لا يمانع من إحداث تعديل على سياسة العقوبات ضد روسيا إذا ما جاء ذلك في سياق تنمية السلم مع موسكو. ولا يتمسك ماكرون بالموقف الحالي الفرنسي الداعي إلى رحيل الأسد، إذ أنه لا يمانع في التعامل مع الأمر الواقع الحالي والقبول ببقاء الأسد "من ضمن عملية انتقالية استراتيجية"، وفق تصريحاته في بيروت أثناء زيارته الأخيرة إلى لبنان في يناير الماضي. ويصف ماكرون النظام السوري بأنه متعطش للدماء ويعتبر أن سلوكه في حلب يمثل "أكبر فظاعات القرن" ويطالب الأمم المتحدة بالتدخل لدواع إنسانية. ويعتبر أن أي حل لإعادة إعمار سوريا يتطلب تدخلا دوليا يجب على القوى الغربية أن تكون أساسية داخله. فرنسوا فيون [caption id="attachment_20501" align="aligncenter" width="300"]فرانسوا فيون فرانسوا فيون[/caption] يبدو موقف المرشح الديجولي فرنسوا فيون ملتبسا ما بين التشدد الفرنسي إزاء الأسد والتقرّب من وجهة نظر روسيا برئاسة فلاديمير بوتين. وقد اعتبر تأييد الرئيس السوري بشار الأسد لفيون واعتباره مرشحا مثاليا لرئاسة فرنسا بمثابة اتساق مع مشاعر موسكو المؤيدة لفيون الصديق الشخصي لبوتين. ودعا اليميني فيون مرشح حزب الجهوريين، عام 2015 إلى بقاء الأسد في السلطة بديلا عن داعش معتبرا أن "المقاربة الروسية هي الوحيدة القادرة على إنتاج الحل". وقد ظهر لبس موقف فيون أيضا بمناسبة تصريح للرئيس هولاند استنكر فيه الجرائم ضد الإنسانية في حلب غامزا من قناة نظام دمشق، فأتت تصريحات فيون رمادية في اعتبار أن الحرب، أي حرب، هي جريمة ضد الإنسانية. ماريان لوبان [caption id="attachment_20503" align="aligncenter" width="300"]ماريان لوبان ماريان لوبان[/caption] اعتبرت المرشحة مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرف،  أن قرار فرنسا قطع العلاقات الدبلوماسية مع  سوريا كان غلطة فادحة. وقالت لوبان زعيمة "الجبهة الوطنية" في حديث لها اليوم 21 فبراير، مع الصحيفة اللبنانية "أوريان-جور": "أنا فرنسية ولا أعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه يشكلان خطرا على بلادي" . وأضافت لوبان القول: "تبين أن الأسد هو الوحيد الذي تمكن من مقاومة التطرف الإسلامي الذي يعاني منه الفرنسيون حاليا. حاولت مجموعة كاملة من الدول ومن بينها فرنسا، إضعافه ولذلك نفذت روسيا تدخلها العسكري"... "إذا فزت في الانتخابات، واستلمت منصب الرئاسة فسأدعم الرئيس الأسد في كفاحه ضد الأصوليين الإسلاميين". وأشارت لوبان إلى أن الحديث لا يدور عن تدخل عسكري. وقالت:" فرنسا لن تتدخل إذا لم تتلق طلبا من الحكومة بذلك". انتخابات مفصلية يؤكد مراقبون فرنسيون أن خطاب الأسد الأيديولوجي القومي يروق للتيارات الشعبوية وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، وأن دعوات هذه التيارات لتفكيك أوروبا والانسحاب من "الأطلسي" ومن المؤسسات المالية الناظمة للعولمة، تلتقي مع نظرة الأسد في اعتبار الحرب في سوريا هي نتاج "مؤامرة كونية" من قبل النظام العالمي ومؤسساته. وتضيف هذه الأوساط أنه في حال انتخاب لوبن رئيسة، فإن باريس ستعيد علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وفتح سفارتها في دمشق وتعمل على دعم المقاربة الروسية وعلى مقاطعة تيارات المعارضة السورية. [caption id="attachment_20498" align="aligncenter" width="300"]بشار الأسد بشار الأسد[/caption] كما تعتبر مصادر دبلوماسية غربية أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية هي استحقاق مفصلي مهم في سياق تشكّل النظام الدولي الجديد، وبالتالي في إطار موقف النظام الدولي هذا من الشأن السوري. وتضيف هذه الأوساط أن واشنطن تنظر إلى المسألة السورية من منظار الحرب ضد داعش، فيما أن المنظار الأوروبي في هذا الشأن هو أكثر سخونة وانخراطا، ذلك أن الورم السوري بات يقذف إلى الحضن الأوروبي بمئات الآلاف من اللاجئين الذين باتوا، إضافة إلى الثقل الاقتصادي، يشكلون تهديدا للبنى السياسية والاجتماعية للنظم السياسية على النحو الذي يفسر رواج تيارات اليمين المتطرف وصعود خطابه وملامسته لسقوف الحكم في عدد من البلدان الأوروبية. وتحصر استطلاعات الرأي الأخيرة المنافسة بين مارين لوبن وإيمانويل ماكرون، ولذا فإن الرؤية الفرنسية المستقبلية للشأن السوري تتراوح ما بين الموقف الحازم للوبن المؤيد لبقاء الأسد والملتصق بالمقاربة الروسية، وبين موقف ماكرون الذي يفاجئ صعوده المراقبين ويربك معسكري اليمين اليسار التقليديين.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2