هو أكبر عدو للنجاح، هو الخطر الكامن في الظلام والدائم على استعداد لينقض على فريسته ينهش فيها وينخر، حتى تنهار وتصبح ركام تذروه الرياح.
أظن –وبعض الظن من حسن الفطن– أن الفساد كونه أشر السلوكيات التي يمكن أن يتبعها ويرتكبها الإنسان، فهو الفيروس المميت والقاتل الذي يمكن أن ينخر في جسد أي جهاز إداري حتى يقضي عليه أو على الأقل يمنعه من تحقيق أهدافه المرجوة.
فإذا كنا نريد جهازا إداريا كفأ يقدم خدمة متميزة للمواطن، فعلينا الحرص على تطهيره من كل صور الفساد وتحصينه من أي عدوى، يمكن أن تصيبه مع استمرار الأداء على نمط إداري واحد، أو استحداث أساليب وأنماط إدارية أخرى جديدة.
ومع صعوبة المهام ومشقتها وارتفاع سقف طموحات المواطن مع أي تغيير جديد.. تبرز أهمية أن يكون هناك آليات جادة وحادة في تنفيذ الاستراتيجيات الخاصة بمكافحة الفساد.
فالدولة وضعت منذ عام 2016 ثلاث استراتيجيات واضحة ل مكافحة الفساد تنتهى الثالثة منها مع نهاية عام 2030 وسبق وضع هذه الاستراتيجيات، فكر أساسي ورؤية عامة أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي تختص وتتضمن طريقة وأسلوب واضح ومحدد في محاربة ومكافحة الفساد، وقد كان ذلك تحديد في كلمة ألقاها أمام اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لـ مكافحة الفساد بمناسبة احتفال هيئة الرقابة الإدارية باليوبيل الذهبي.
وأتذكر وقتها قول الرئيس السيسي أن مكافحة الفساد لا تكون إلا بالقضاء على الفقر والمحسوبية، و"ترسيخ العدالة" مؤكدًا أن المحسوبية تقضي على الكفاءات.
بهذه الطريقة وضع الرئيس معالم واضحة للفساد وكيفية محاربته، وكيف يمكن أن تؤثر عدم مواجهته على مسيرة التنمية وتحقيق العدالة، وتحدث الرئيس أيضًا عن أن الفساد ليس مجرد الرشوة، إنما هو أيضًا "الأداء المتواضع" -يجب أن نضع 10 خطوط تحت هذه الكلمة- وإهدار الموارد والتقاعس والسلبية والإهمال وسوء التخطيط وسوء التنفيذ، وأعتقد أن في ذلك مقياسًا وقياسًا لشكل وطبيعة الأداء في العمل، وأهمية بذل المجهود والإخلاص والتفاني، خاصة لو كان هذا العمل يتعلق بالجماهير ومصالحها.
ونضيف إلى هذا أيضا ما تحدث عنه الرئيس من توجيهات وتكليفات رسم بها خريطة طريق لعمل الحكومة الجديدة في الفترة المقبلة وتتلخص في الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري، وبناء الإنسان المصري، ومواصلة جهود المشاركة السياسية، وتطوير ملفات الثقافة والوعي.. وأيضًا ما تحدث فيه الرئيس عن الحكومة بعد أداء اليمين الدستورية، حول أهمية أن نعطي الأولوية للتخفيف عن المواطنين، وتحقيق طفرة ملموسة في المجالات الخدمية وعلى رأسها الصحة والتعليم.
لذلك لو حرصنا على ألا يكون "أداؤنا متواضع" -لأن ذلك في حد ذاته فساد- ولو حرصنا على تنفيذ ما جاء فى توجيهات الرئيس السيسي، سيكون النجاح عنوان أداء الحكومة في الفترة المقبلة، وحالة الرضا ستكون أكبر وأكبر عند المواطن، الذي قدم الكثير وتحمل صعوبات وتحديات كبرى خلال الفترة الماضية، ويستحق أن يشعر ببعض من الرضا والراحة.
.. نحن جميعًا في قارب واحد، هو الوطن، نحرص ألا يضار من أمواج شر متلاطمة، وأن يصل إلى بر الأمان، ولا سبيل لنا في ذلك سوى التلاحم القائم على الوعي الكامل بأهمية الحفاظ على الوطن ومكتسباته والتصدي بكل حزم وقوة لأي محاولة تريد النيل منه أو من استقراره.