ذكرت شركة "باين آند كومباني" الاستشارية الأمريكية، أن أثرياء الصين أصبحوا يتجنبوا التباهي بثرواتهم بالتزامن مع مواجهة الاقتصاد الصيني رياحًا معاكسة؛ ما يضع سوق المنتجات الفاخرة في البلاد تحت الضغط.
ونقلت شبكة (سي إن بي سي) الأمريكية - المختصة في الشؤون الاقتصادية والمالية - عن تقرير أصدرته الشركة القول إن هناك علامات ناشئة على ما يسمى بـ "عار الرفاهية" في الصين مع مواجهة الاقتصاد الكلي الصيني تحديات وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي وضعف ثقة المستهلك؛ وهو ما أضر بالاستهلاك بين الطبقة المتوسطة.
بدوره، قال الشريك الرئيسي في شركة "باين آند كومباني" ديريك دينج: "هذا لا يعني أنهم ليسوا على استعداد للإنفاق على الرفاهية، في الواقع بالنسبة لبعض كبار الاثرياء ما زلنا نرى أداءً قويًا للغاية في الصين، لكن هذا مجرد بعض الاستهلاك الطموح الذي أصبح الناس أكثر حذرًا بشأنه".
من جانبها، قالت الشريك والرئيس العالمي للأزياء والرفاهية في "باين آند كومباني" كلوديا داربيزيو: "إن العملاء الأثرياء يخشون أن يُنظر إليهم على أنهم متفاخرون أو مبهجون للغاية، ولكي نكون واضحين، فإن هذا المصطلح ليس جديدا، نحن نطلق على ذلك عار الرفاهية على غرار ما حدث في الولايات المتحدة في الفترة 2008-2009".
وأضافت أن "حتى الأشخاص الذين يستطيعون شراء هذه المنتجات لديهم رغبة أقل في القيام بذلك، لكي لا يُنظر إليهم على أنهم يشترون أو يرتدون منتجات باهظة الثمن حقًا، وبدلا من ذلك، يتجه المستهلكون الصينيون بشكل متزايد نحو أسلوب الفخامة الهادئة والقطع الاستثمارية والسلع الفاخرة الأكثر دقة والأقل وضوحا".
وبحسب التقرير الأمريكي، فإنه على الرغم من أنه من المتوقع أن ينمو قطاع السلع الفاخرة الشخصية العالمي بشكل متواضع؛ بما يصل إلى 4% أو ما يصل إلى 420 مليار دولار، فإن سوق السلع الفاخرة في الصين تكافح وينكمش بشكل عام".
وبدأت الصين - في مايو الماضي - اتخاذ إجراءات صارمة ضد "التباهي بالثروة"، وحظرت على اثنين من الشخصيات المؤثرة على الإنترنت المعروفين غالبا بأسلوب حياتهم الفخم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي الصينية؛ على الرغم من أن الصين تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم وموطنًا لأكثر من 98 ألفًا من الأفراد ذوي الثروات العالية جدًا في العالم - أولئك الذين تبلغ ثرواتهم الصافية أكثر من 30 مليون دولار، وهي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.
وذكرت وكالة (بلومبيرج) الأمريكية أن الاقتصاد الصيني يواجه ضغوطًا متزايدة بعد أن سجل النمو الاقتصادي أضعف وتيرة له في 5 أرباع مع عدم تحقيق الجهود الرامية لتعزيز الإنفاق الاستهلاكي النتائج المرجوة؛ فيما نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 4.7% في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق؛ وهو ما يقل عن متوسط توقعات خبراء الاقتصاد البالغ 5.1%.
كما ارتفعت مبيعات التجزئة بأبطأ وتيرة لها منذ ديسمبر 2022، ما يدل على أن سلسلة من جهود الحكومة الصينية لتعزيز الثقة "لم تحقق سوى القليل لإعادة تنشيط المستهلك الصيني"، وفق الوكالة الأمريكية.
ويراهن الرئيس الصيني شي جين بينج على قطاعي الصناعة والتكنولوجيا الفائقة لدفع نمو الصين بعد جائحة كورونا، لكن هذه الاستراتيجية تواجه حالة من "عدم اليقين" حيث يضع شركاء بكين التجاريون "عقبات جديدة أمام السلع الصينية، فضلا عن تهديد ترامب بمزيد من القيود إذا أعيد انتخابه".
وهبطت الأسهم الصينية في هونج كونج بعد البيانات المخيبة للآمال، حيث انخفض مؤشر هانج سنج للشركات الصينية بما يصل إلى 1.7% قبل أن يعوض بعضا من هذه الخسائر، وأبقى بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) أمس، على سعر الفائدة القياسي ثابتًا دون تغيير، وسط مخاوف من خروج رؤوس الأموال وتزايد الضغط على أرباح البنوك والعملة المحلية "اليوان".
وتباطؤ النمو الاقتصادي الصيني لم يكن وحده العقبة أمام مستقبل البلاد الا أن "الديون المخفية" التي اقترضتها المدن الصينية وكانت تقف وراء النمو خلال العقود الماضية، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وعلى مدى سنوات، راكمت مدينة "ليوتشو" الصينية، والعشرات من المدن الأخرى تريليونات الدولارات من الديون غير المعلنة لمشاريع التنمية الاقتصادية، حيث كان هذا التمويل المعتم هو ما ساعد الصين على الظهور كقوة تُحسد في العالم، لكن اليوم يحرك ذلك النمو الديون؛ حيث جمعت مدينة ليوتشو الواقعة في منطقة قوانجشي الجنوبية مليارات الدولارات لبناء البنية التحتية لمنطقة صناعية جديدة، ومع ذلك توجد مساحات أخرى من الأراضي لا تزال شاغرة وتبدو العديد من شوارع المنطقة مهجورة عمليا.
ويُقدر خبراء الاقتصاد، بحسب (وول ستريت جورنال)، حجم الديون غير المعلن بما يتراوح بين 7 و11 تريليون دولار، وهو ضعف حجم ديون الحكومة المركزية الصينية، ولم ترد وزارة المالية الصينية على طلب التعليق للصحيفة الأمريكية، التي قالت إن من المتوقع أن يثير كبار القادة الصينيون هذه التهديدات في الاجتماعات السياسية المقبلة.