رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم السبت أن الهجوم المفاجئ الذي شنته جماعة الحوثي على مدينة تل أبيب الإسرائيلية يثير مخاوف دولية من نشوب عنف إقليمي واسع النطاق خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة والمناوشات مع جماعة حزب الله اللبنانية.
وأوضحت الصحيفة إن جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم بطائرة بدون طيار على تل أبيب، الأمر الذي أدى إلى مقتل شخص وإصابة ما لا يقل عن خمسة أشخاص في وقت مبكر من أمس الجمعة، بالإضافة إلى تحطيم النوافذ وإطلاق أجهزة الإنذار على بعد أمتار قليلة من المكتب الفرعي للسفارة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن هجوم الحوثيين الذي أفلت من شبكة الدفاع الجوي الموسعة لإسرائيل لفت الانتباه بشأن قدرات الجماعة المتحالفة مع إيران وتمكنها من إحباط حملة عسكرية أمريكية مستمرة منذ ستة أشهر لاحتوائها.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إن الانفجار نجم عن طائرة بدون طيار إيرانية الصنع ربما انطلقت من اليمن، وفقا لتحليل أولي غير مؤكد، مضيفا أن الجيش الإسرائيلي زاد الدوريات الجوية لحماية المجال الجوي الإسرائيلي.
وتابعت أنه على الرغم من عدم تفعيل أي صفارة إنذار، قال الجيش الإسرائيلي إن التحقيق الأولي أشار إلى خطأ بشري أدى إلى عدم تشغيل أنظمة الاعتراض والدفاع بينما نفى مزاعم الحوثيين بأن الطائرة بدون طيار هي نوع من الطائرات الشبح وأكد أن أنظمة المراقبة الإسرائيلية التقطتها.
وأضاف أنه تم بنجاح اعتراض طائرة بدون طيار ثانية كانت تستهدف المجال الجوي الإسرائيلي في وقت مبكر من يوم أمس الجمعة بينما يستكشف المحققون ما إذا كان الهجومان مرتبطين خاصة أن الطائرة بدون طيار التي وصلت إلى تل أبيب كانت من طراز صماد 3 إيرانية الصنع وتم تعديلها لتطير لمسافات أكبر.
ومن جانبها، أعلنت جماعة الحوثي، التي تتخذ من اليمن مقرا لها وتهاجم السفن التجارية منذ العام الماضي، يوم الجمعة في بيان لها أنها نفذت "عملية عسكرية" استهدفت تل أبيب "حققت أهدافها بنجاح"، مشيرة إلى أنها طائرة بدون طيار جديدة قادرة على التهرب من الإجراءات المضادة، وأن الهجوم جاء ردا على المجازر الإسرائيلية في غزة.
كما نقلت عن شهود عيان قولهم إنهم إنهم سمعوا ورأوا طائرة تظهر من اتجاه البحر المتوسط حوالي الساعة 3 صباحًا وتصطدم بمبنى محدثة انفجارًا مدويًا ولم تكن هناك إنذارات تحذيرية في مدينة اعتاد سكانها على إطلاق صفارات الإنذار بالغارات الجوية والتنبيهات على هواتفهم لإرسالهم إلى الملاجئ.
ونوهت الصحيفة أنه خلال الحرب في غزة، نفذ الحوثيون وجماعات أخرى مدعومة من إيران في المنطقة هجمات منتظمة يقولون إنها تهدف إلى دعم الجماعات الفلسطينية وإنهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي كما كانت الجماعة اليمنية قد أعلنت في السابق مسؤوليتها عن هجمات بطائرات بدون طيار على مدينة إيلات بجنوب إسرائيل - على بعد حوالي 1000 ميل من شمال اليمن - ولكن يبدو أن الضربة على تل أبيب، إذا تم تأكيدها، تمثل زيادة في قدرات الحوثيين ومدى وصولهم.
وشككت الصحيفة في قدرة نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، مشيرة أن هذا النظام المجهز بشكل أساسي للصواريخ، ناضل منذ أشهر من أجل تحديد وإزالة طائرات حزب الله بدون طيار – التي تطير على ارتفاع منخفض وفي كثير من الأحيان في مسارات غير خطية – في الهجمات على شمال إسرائيل.
وتابعت الصحيفة أنه الرغم من قول وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في بيان يوم الجمعة إن النظام الأمني يعمل على تعزيز جميع أنظمة الدفاع على الفور، وسيحاسب كل من يمس بإسرائيل، إلا أن هاريسون مان، وهو ضابط سابق بالجيش الأمريكي عمل في وكالة استخبارات الدفاع أكد صعوبة توجيه ضربة مضادة.
وأوضح قائلا :" إذا تم تحديد اليمن ليكون موقع الإطلاق، فستجد إسرائيل صعوبة في شن ضربة مضادة، وحتى الولايات المتحدة كافحت لتحديد أهداف الحوثيين، وقد ضربت بالفعل الأهداف الأكثر أهمية".
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم الذي وصفته بـ "النادر" جاء بعد ساعات من إعلان القوات الجوية الإسرائيلية أنها قتلت اثنين من قادة حزب الله، الجماعة المدعومة من إيران في لبنان والتي تتبادل إسرائيل إطلاق النار معها.
ونقلت الصحيفة عن فابيان هينز، وهو زميل باحث يدرس الطائرات بدون طيار والصواريخ في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن قوله إن صور حطام الطائرة بدون طيار التي تم تداولها يوم الجمعة تتطابق مع طائرة الحوثي بدون طيار صماد 3، وهي الطائرة الهجومية بعيدة المدى القياسية للجماعة.
وأضاف أنه في حين أن ادعاءات الحوثيين بأن الطائرة بدون طيار التي استخدمت يوم الجمعة يمكن أن تتهرب من الرادار "كاذبة بالتأكيد"، فمن الممكن أيضًا أن تكون الجماعة قد قامت بتحديث الطائرة بدون طيار لزيادة مداها، بما في ذلك عن طريق جعل الرأس الحربي أخف وزنًا أو زيادة حجم خزان الوقود.
ووفقا للصحيفة، فإنه كان من الصعب تحديد المدى الدقيق لصاروخ "صماد-3"، لكن هينز قال إن التقديرات تتراوح بين 1100 إلى 1500 ميل.
وأشارت إلى أنه من الصعب تحديد المكان الدقيق الذي انطلقت منه الطائرة بدون طيار، نظرا لأنه يبدو أنها غيرت اتجاهها مرة واحدة على الأقل، أثناء توجهها إلى تل أبيب من البحر الأبيض المتوسط.
واختتمت الصحيفة تقريرها بإنه لم يتضح على الفور ما إذا كانت الطائرة بدون طيار تستهدف المكتب الفرعي للسفارة الأمريكية فيما قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يوم الجمعة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إنه لم ترد أنباء عن وقوع إصابات أو وفيات بين الأفراد الأمريكيين.