عبارة يعلمها القاصي، وقد يكون الداني، تعلو سقف مكتبة الكونجرس ، ومنقوشة بماء الذهب تقول: "الينبوع الأول للحضارات جميعا إنما هو مصر الفرعونية ، وأما الينبوع الأول للحضارة في العلوم الطبيعية إنما هو العصر العربي الإسلامي".
ولا يمكن صرف النظر عن حقيقة تقر بأن المسلمين في مطلع حضارتهم نقبوا في الثقافة اليونانية، وترجموا كتبها.
وحسب كلام البارون كارديفو المستشرق الفرنسي، أن المكتشفات العلمية ندين بها للرواد العرب، وكانوا بمثابة مشعل مضيء في القرون الوسطي المظلمة.
وتغيب عنا مفاجآت من النوع الثقيل، تفصح عنها الحضارة الإسلامية، وتخبرنا بأنه يرجع الفضل إلي الحضارة الإسلامية في اختراع أول طوربيد بحري، وصنعه بيده العالم الإسلامي حسن الرماح بعد عدة تجارب، ونقل صناعة الأسلحة نقلة نوعية، واشتهر عن نجم الدين حسن الرماح ابتكاره غير النمطي في تطوير و صناعة الأسلحة الحربية ، ومن المفارقات انفجار منزله علي إثر إحدي تجاربه لدمج البارود الصيني مع النفط بهدف تصنيع بارود شديد التفجير.
وسبب شهرته باسم حسن الرماح لبراعته في صناعة الرمح وإطلاقه لمسافة بعيدة، واسمه الأصيل نجم الدين حسن الأحدب.
ويصف المؤرخون ابتكاره للطوربيد بالشكل البيضاوي، ويحتوي بداخله علي مزيج من البارود والنفط، وثبت علي جانبيه زعانف صناعية، ووضع علي أعلي الطوربيد أسطونة بها بارود لدفع الطوربيد علي الماء.
وأشاد مفكرون عسكريون من أوروبا بمؤلفه "الفروسية والمكائد الحربية"، وشرحه بإسهاب صناعة البارود، وقدم 22 مرحلة لصناعة الصواريخ الحربية، وأطلق عليها مصطلح "صواريخ الطيارات"، وتزخر بعض المخطوطات العربية القديمة بصورة شارحة عن الصاروخ الطيار، ويقتنيها معهد المخطوطات العربية بالقاهرة.
ولا نستغرب أيضا أنه رائد من رواد الحرب الكيميائية، فقد صنع أول قنبلة منومة وأول قنبلة مسيلة للدموع، ووصف القائد الصليبي لويس السادس عشر مدافع وطوربيد الرماح بأفظع ما رأت عيناه.
وعرف التاريخ عن أسرة حسن الرماح دورهم المحوري في ترجيح كفة المسلمين في الحروب، وذلك في عهد المماليك وخاصة في عهد الظاهر بيبرس، وكانوا مهرة في تصنيع السلاح.
وظهر نموذج لطوربيد الرماح حديثا في معرض الطيران القومي بمتحف الفضاء بواشنطن، وبالرغم من ذلك أهمل ذكره وتخليده الأمراء والملوك لانشغالهم بالحروب، وتجاهله من بعدهم أيضا كثير من مؤرخي العرب، ولولا تواجد نسخة من صناعته للسلاح في المكتبات الأوروبية لكان في طي النسيان.