من سنن الله تعالى الماضية في خلقه التي لا تتغير ولا تتبدل إلى قيام الساعة؛ سنّة الموت الواقعة على كل مخلوق من ملائكة وإنس وجن وحيوان، إنّها الحقيقة الكبرى.
وقد تعدد أسباب الموت، وجعل الله سبحانه أعلاها منزلة وأشرفها مقاماً، الموت في سبيل الله، حيث سمّاه الله شهيداً، لأن الله وملائكته شهدوا له بالجنة ، كما قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 169، 170].
وفى هذا الصدد كشفت دار الإفتاء المصرية، أنه من المقرر أن الشهداء على ثلاثة أقسام:
الأول: شهيد الدُّنيا والآخرة: الَّذي يُقْتَل في المعركة والدفاع عن الأوطان، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة بالشهادة الحقيقية.
أما الشهيد الثاني فهو شهيد الدُّنيا: وهو مَن قُتِلَ كذلك، ولكنه قُتِلَ مُدْبِرًا، أو قاتل رياءً وسُمعةً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا.
وأما الشهيد الثالث فهو شهيد الآخرة: وهو مَن له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكنه لا تجري عليه أحكام الشهيد من النوع الأول في الدنيا مِن تغسيله وتكفينه والصلاة عليه؛ وذلك كالميِّت بداء البطن، أو بالطَّاعون، أو بالغرق، أو الهدم، ونحو ذلك، وهذه تُسمَّى بالشهادة الحُكْمية.
واستدلت الإفتاء بما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغريق، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» أخرجه الشيخان.