مستوى من التوتر غير المسبوق يعيشه إقليم الشرق الأوسط في انتظار الحرب بين إيران وإسرائيل، تلك الحرب التي توفرت كل مقدماتها لكنها لم تأت بعد.
مارست إسرائيل كل أنواع العنف عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، قتلت ما يزيد عن 39 ألف فلسطيني، وجرحت أكثر من 91 ألف مواطن، والآلاف في عداد المفقودين ، وما لم يكتشف من مقابر جماعية.
10 أشهر من الحرب، تحمّل فيها المدنيون الفلسطينيون، ومعظمهم من النساء والأطفال، ألماً ومعاناة لا يطاقان، ويتساءلون متي تكف السماء عن إلقاء القنابل والصواريخ فوق رؤوسنا.
وتمادى كيان الاحتلال في توسعة رقعة الصراع، فعطل مسار المفاوضات التي تفضي إلى هدنة ووقف القتال في غزة، وانتهج سياسة الاغتيالات في قطاع غزة ومحى أحياء كاملة من على الخريطة، وامتدت الاغتيالات إلى لبنان وإيران، وتزايدت مخاطر توسيع رقعة المواجهة وتقود الإقليم إلى حافة الهاوية.
استغرقت الأحداث وقتا كبيرا في ضبط آلة الزمان لدى العقل الجمعي الغربي الأوروبي والأمريكي، ليعرفا أن الحكاية بدأت في عام 1948 ولم تبدأ في 7 أكتوبر 2023، وما أن تم ضبط فرق التوقيت، خرج الطلاب والشعوب في تظاهرات غاضبة تعبر عن ضمير الإنسانية الرافض التعامل بازدواجية حقوق الإنسان.
وسعيا منها للاستجابة لمطالب شعوبها، وجدت الإدارات الغربية نفسها في مأزق كبير أمام آلة القتل الوحشي الإسرائيلي التي خرجت عن السيطرة الأمريكية وفرضت سردية تخدم أهدافها فقط، ولم تلق سردية بايدن للسلام في الشرق الأوسط أي صدى في تل أبيب، وهو ما أحدث تغييرات في حكومات أوروبا، ومن المنتظر خروج الديمقراطيين من حكم أمريكا على وقع العدوان على غزة.
امتد الصراع ليشمل لبنان، وبدأت المناوشات والقصف المتبادل بين الاحتلال وحزب الله، وشهدت مراحل مختلفة، لعل أخطرها بعد زيارة نتنياهو للكونجرس الأمريكي وتحدي إدارة بايدن لقرار محكمة العدل الدولية باعتبار نتنياهو مجرم حرب وتسليمه للمحاكمة، وتنفيذ عملية اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية في بيروت، واغتيال إسماعيل هنية في إيران أثناء حضور تنصيب الرئيس الجديد.
ومع تنامى السلوكيات العدوانية الإسرائيلية، خرجت الولايات المتحدة وحلفاؤها من دور الوسيط النزيه، وأصبحت طرفا في حرب لم تبدأ، استطاعت إسرائيل أن تجرها إليها بسهولة، أدت إلى عسكرة إقليم الشرق الأوسط، ووقوف الأساطيل الأمريكية على حدود لبنان، مع التحليق المستمر للمقاتلات الإسرائيلية واختراق حاجز الصوت فوق العاصمة بيروت؛ لتجهيز تجهيز أهداف الحرب المنتظرة.
في ظل هذه الأجواء الساخنة، عبر المجتمع الدولي عن عجز تام في الضغط على إسرائيل بشكل يؤدي إلى وقف اعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني، ورغم صدور قرارات دولية وافقت عليها الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن الدولي، إلا إنها لم تدخل حيز النفاذ، سواء ما تعلق بوقف العدوان، أو ما تعلق بإدخال المساعدات الإنسانية.
ويبقى السبيل الوحيد لخروج الإقليم من دائرة الخطر، هو تسوية القضية الفلسطينية، واتباع صوت العقل الرشيد الذي تبنته مصر منذ اليوم الأول، بالدعوة لوقف التصعيد الحالي في المنطقة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتكثيف الجهود من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.