الحرمان من الحياة نهج تعتمد تطبيقه دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، تنتهجه بحرفية المغتصب على سكان قطاع غزة، فشرعت في تدمير مستشفيات القطاع، بعد أن أغلقت محابس المياه والكهرباء، ثم التفت على ما تبقى من المدارس، وأطلقت عليها صواريخ أمريكا وألمانيا وبريطانيا، ومزقت الفارين إليها من أهلنا الأشراف داخل فنائها وحجراتها.
وسلاح التجويع كان سلاحًا رئيسيًا ضمن سلسلة وأد الحياة للقطاع الأسير، حتى لا يستطيع إنسان غزة الوقوف والصمود ليستعيد وطنه، أو ليعيد بنائه، ويطمئن المحتل مع ارتفاع أعداد من بترت أطرافهم، غير أن مئات سكان القطاع يجثم على صدورهم وقلوبهم الاكتئاب والرعب، بمعنى أن عقيدة مصاصي الدماء من جيش الاحتلال أن يترك من ورائه أشباحًا تعاني شتى الأمراض النفسية.
وإمعانًا في تكريس الإعاقة لأهل غزة يمنع إيصال الدواء إليهم، خاصة وسط الهجوم الشرس للأوبئة، ويسعى نتنياهو ومن خلفه داعموه بإصرار كبير على إبادة القطاع
بأي ثمن، ويعتقدون أنهم علي مشارف القضاء علي أكثر من 2 مليون شخص.
وفي سبيل إتمام مؤامراتهم يحرمون أطفال غزة من أمصال تطعيم شلل الأطفال منذ عشرة شهور، حرصا منهم على إعاقة جيل كامل عن الحركة، حتى يكتمل مشهد انتشار الشلل العام في مفاصل حياة القطاع.
وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة أنها عثرت على فيروس مرض شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي، في وقت باتت منظمة الصحة العالمية تفتخر بقضائها على المرض على مستوى العالم، وخرجت منظمة "يونيسيف" خلال هذا الصراع الدائر في غزة لتقول: إن استمرار الحرب لمدة عشرة شهور أدت إلى تراجع في حصيلة التطعيم ضد شلل الأطفال من 99% إلى 89%، وحذّر المتحدث باسم المنظمة "جيمس إلدر" من خطورة سوء الوضع الصحي على الأمهات والأطفال بجميع أعمارها.
ولم يقتصر حرمان القطاع من مصل شلل الأطفال بل من كل الأمصال الأخرى، وتحدث تلك الجريمة بعدما صار الحصول على أمصال الأمراض حقًا لكل الشعوب دون تمييز، وكان هدف العلماء منها حماية البشرية من الأمراض المعدية الخطيرة، ولعل أبرز الأمصال لقاح الجدري.
وبدون مواربة أصبح الوضع في غزة كارثي، وكما تحاصر المجنزرات العسكرية للعدو ودباباته القطاع، وطائراته تقصفه من السماء، فالأمراض كذلك تحاصر سكان غزة وتنهش أجسادهم، ولا تقل كارثية عن المجاعة، وتمر مشاهد الكارثة الإنسانية في غزة أمام أعين الضمير الإنساني العالمي، ولم ينتفض ألمًا.