بألوان مبهجة تباينت ما بين الأخضر والأصفر والبرتقالى والأحمر، وبرائحة ذكية كانت تملأ المكان جلست «الملكة»، فى صدر المجلس، كان الجميع يدور حولها يتطلع إليها بشغف، والعيون تغلفها الحيرة، ما بين الأحجام والأسماء «ناعومي».. «سكري».. «زبدية».. «عويس».. «تيمور».. «فص».. «ألفونسو».. «كيت»، وغيرها ، أيها سيختارون.
فى مقدمة المجلس، أو «الفرش»، وقف عم جابر منتشيا، ينظر إلى «ملكته» بإعجاب وقد تراصت كلوحة فنية، ويجيب عن أسئلة المعجبين بثقة، وهو ينادى بين الحين والآخر مناديا: «يا حلويات».. «يا ملكة الفواكه يا مانجا».
أسعار وأنواع
كنت أتطلع إلى هذا المشهد من الإسماعيلية ، وأنا أقف إلى جوار سيارتنا، بينما كان زوجى بين مكونات المشهد ينتقى من الأقفاص المتراصة وكأنها عمل فني، الأنواع التى نفضلها للأكل، وأيضا للتخزين، وبينما أنا غارقة فى تفاصيل المشهد، كان بالقرب منى مشهد آخر لرجل كان يتابع نقل أقفاص أخرى من المانجو إلى سيارة نصف نقل ، فاقتربت منه، لأعرف أن تلك الأقفاص فى طريقها إلى القاهرة لحساب أحد التجار فى منطقة الزمالك .
وأدى وفرة الإنتاج هذا العام لانخفاض الأسعار عكس الأعوام السابقة لتصل أسعار بعض أنواعها أقل من أسعار بعض الخضراوات الموجودة فى الوقت الحالي، كما أوضح لى محمد دمرانى صاحب مزرعة مانجو بالإسماعيلية، وقال إن كمية إنتاج محصول المانجو هذا العام جيدة جيدا وهذا ما ساهم فى انخفاض الأسعار بصورة كبيرة وجعلها فى متناول الجميع؛ فنجد أن سعر السكري الأبيض يتراوح من 15 جنيها إلى 22 جنيها، وهناك الزبدية من 12 جنيها إلى 22 جنيها، وهناك أنواع أخرى أعلى مثل العويس يتراوح أسعارها من 25 جنيهًا إلى 50 جنيهًا والفص العويس، وإن كانت كمياتها قليلة هذا العام لأن أكثر الكميات كانت للتصدير وسعرها يتراوح من 70 جنيهًا إلى 85 جنيهًا، بينما أصناف مثل ألفونس فيتراوح سعرها من 25 جنيهًا إلى 30 جنيهًا والصديقة والناعومى والأخيرة تعتبر من الأنواع الأجنبية، وسعرها من 22 جنيهًا إلى 30 جنيهًا.
أنواع جديدة
وساهم ارتفاع درجات الحرارة هذا العام فى الحصول على إنتاج غزير ذى جودة مرتفعة من جميع الأنواع، والحديث ما زال لمحمد دمراني ، حيث أصبح هناك أكثر من 125 نوعا من المانجو متوفرا فى الأسواق.
وتابع: «قديما لم يكن هذا التنوع فى أنواع المانجو موجودا بسبب أن الأنواع الجديدة لم تكن تعطى الإنتاج المطلوب منها مما دفع المزارعين لإزالة تلك الأنواع من الأشجار والاعتماد على أشجار المانجو التقليدية، مثل الزبدية والسكرى وما حدث هذا العام عكس التوقعات وهو الحصول على إنتاج جيد وغزير من جميع الأصناف، وصل فى بعض الأنواع للزيادة بنسبة 100%، فهناك بعض الأصناف أعطت ضعف ما أنتجته العام الماضي، ومعظم الأصناف بدأت بشائر إنتاجها منذ نهاية يونيو».
انتشار الزراعة
ترجع غزارة الإنتاج هذا العام من المانجو ، ليس إلى الإنتاج الوفير للأشجار فقط، ولكن إلى انتشار زراعة المانجو فى عدد كبير من المحافظات لم تكن تزرعها قبل سنوات، وفقا لمحمد دمرانى صاحب المزرعة، فهناك مساحات من المانجو موجودة فى أسوان والأقصر وقنا والمنيا وجنوب سيناء ومعظم محافظات خط الصعيد وإن كانت الإسماعيلية هى عاصمة المانجو ، لما تتسم به أراضيها من نسبة ملوحة مناسبة تعطى طعما مميزا لمحصول المانجو وتعزز نسبة السكر فى طعمها.
وساهمت غزارة إنتاج الأشجار من المانجو ، فى إعطاء هامش ربح جيد لنا كمزارعين وغطت مصاريف الزراعة ، التى كانت مرتفعة نسبيا هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، كما لفت «دمراني»، قبل أن يوضح أنه خلال الأعوام السابقة أٌدخل عدد من الأنواع الجديدة إلى مزارع الإسماعيلية وكانت على سبيل التجربة والحقيقة أن تلك الأنواع كان لها النصيب الأكبر من الإنتاج هذا العام وأعطت إنتاجا وفيرا للغاية.
صادرات كبيرة
وأدت وفرة محصول المانجو هذا العام، فى توافر كميات كبيرة للتصدير، خاصة أن هناك بعض الشركات تأتى إلى الإسماعيلية للتعاقد على إنتاج العام الجديد، وهناك شركات أخرى تأتى للتعاقد على المحصول مع بدء الحصاد للاطمئنان على جودة المحصول، كما كشف صاحب مزرعة المانجو فى الإسماعيلية ، وإن كانت ميزة التعاقد المسبق، هو الاتفاق على سعر معين للطن قبل بدء الزراعة، ولا يعاد التسعير مرة أخرى مع ارتفاع أو انخفاض الأسعار، خاصة أن محصول المانجو لا يدخل ضمن منظومة الزراعة التعاقدية.
وأكد أن زراعة المانجو هذا العام كانت من الزراعات المربحة بشكل كبير، على عكس ما حدث العام الماضى، لكن هذا يرجع إلى اهتمام المزارعين بمزارعهم بشكل أكبر ومراعاة التسميد والرش فى مواعيدها فعلى الرغم من أن زراعة المانجو من الزراعات التى لا تحتاج إلى عمل كبير، إلا أنها تحتاج إلى متابعة دورية للاكتشاف المبكر لأى أمراض قد تحدث والسيطرة عليها مبكرا.
أشجار معمرة
وكشف أن الإسماعيلية ، لديها عدد كبير من الأشجار المعمرة لزراعة المانجو فهناك بعض الأشجار تصل أعمارها إلى 100 عام وهذا الأمر يساهم بشكل كبير فى انخفاض تكلفة زراعة المانجو نسبيا لأن الزراعة لا تحتاج إلى إعادة زراعة الشتلات كل فترة بل العكس كلما زاد عمر الشجرة كلما أعطت إنتاجا جيدا.
واختتم: «الشتلة الجيدة لزراعة المانجو لابد ألا تقل عمرها عن خمس سنوات على الأقل، خاصة أن زراعة المانجو تتم من خلال الشتلات والفدان يحتاج من 600 إلى 700 شتلة تقريبا وتختلف الأسعار وفقا لنوع الشتلات بالإضافة إلى عمرها».