الثانوية العمياء .. هل ستبصر من جديد ؟!

الثانوية العمياء .. هل ستبصر من جديد ؟!غلاب الحطاب

الرأى16-8-2024 | 15:05

سنوات عاشها طلاب الثانوية العامة في تخبط وازدواجية فى التقييم واختلال في المعايير، سنوات عديدة من التجهيل والتهويل بل وصلت الأمور لقهر نفسي وتعليمى، سنوات عديدة من التجارب، تصيب مرة وتخيب مرات، والضحية دائما أبناؤنا الطلاب.

حتى أصبح البيت الذى يحوي بين جدرانه طالب ثانوية عامة بيتا للرعب والخوف والترقب، وكأنه تحت سقفه قنبلة موقوتة بداية من الدروس الخصوصية التى تبدأ فى نزيف موارد الأسرة المالية بلا رحمة ولا هوادة، حتى أصبحت تلك الدروس تجارة رابحة تدر ملايين الجنيهات على أصحاب السناتر التعليمية ومدرسين الصدفة والفهلوة، ولكم أن تتخيلوا حجم ما يتحصل عليه هؤلاء من أموال حتى أن أحدهم أهدى أحد طلابه المتفوقين هذا العام سيارة فارهة تقدر بالمليون والنصف، ونهاية بأسئلة الامتحانات التى دائما ما تحتوى على أسئلة تعجيزية بل إن هذا العام جاءت أسئلة بعض المواد مضحكة ومخجلة فى نفس الوقت، حتى أن خبراء المواد أنفسهم حاروا فى الإجابة عليها.

هذا بالإضافة إلى بعض الأسئلة التى تحتمل أكثر من إجابة والكثير من المسالب التى دائما لا تخلوا منها امتحانات الثانوية العامة من تسريب الأسئلة تارة، وتارة أخرى من عمليات الغش الجماعى سواء بواسطة ما يعرف "بالسماعات"، أو مايعرف بلجان أولاد الأكابر، وغيرها من الخروقات والحيل التى تفاجئنا كل عام ، ناهيك عن الأخطاء في التصحيح وحصر الدرجات والأمثلة على ذلك عديدة وكم شاهدنا طلابا من المتفوقين على مدار أعوام الدراسة وكانت نتائجهم فى الثانوية العامة مخيبة لآمالهم من قمة التفوق لقمة التدني فى الدرجات وصلت إلى حصول العديد منهم على "صفر" حتى أصبح هذا الأمر ظاهرة نشاهدها كل عام.

وجاء الوزير الحالي ليعلن عن نفسة ويثبت أن هناك فرق بين من مارس العمل التعليمي عن خبرة ومن نزل فوق سطح الوزارة "بباراشوت"، هذا الوزير الذى عايش معاناة الطلاب وأسرهم جاء ليخفف عنهم هم الحشو فى المناهج والمقررات، جاء هذا الوزير ليقول كفى لبعبع الثانوية العامة ، وإن كنا ننتظر منه المزيد من التطوير والتحديث في المناهج حتى تصبح تلك المناهج أكثر عملية وإفادة بدلا من كونها مناهج صماء روتينية بعيدة عن الواقع وما شمله من تطور وحداثة متلاحقة.

ورغم أننى كنت من اوائل المهاجمين للوزير الحالى لما ثار من لغط حول مؤهلاته العلمية، إلا أننى الآن أيقنت حقا أن التعليم "فى الرأس مش في الكراس".

وما أثار إعجابى وتقديرى للوزير هو جرأته فى تعديل نتيجة القسم العلمى حينما وجد خطأ استوجب التعديل، لم يتوان لحظة واحدة ولم يرهبه نقد ولم يخش ممن سيتصيد له الأخطاء، فحاز على احترام الجميع ليفاجئنا أيضا بإصدار قراره بتعديل مناهج الثانوية العامة بما يصب فى مصلحة العملية التعليمية نفسها قبل مصلحة الطالب.

ولكن يبقى لنا كلمة وبعض التساؤلات التى تفرض نفسها ومنها، هل هذا التعديل سيسرى على الطلاب الراسبين هذا العام ؟ وإن كان كذلك فما موقف الطالب الراسب فى بعض المواد، ونجح فى اللغة الأجنبية الأولى، التى تعدل مجموعها من 50 درجة لتصبح 60 درجة، فأصبح هناك عشر درجات فرق ستضاف للمجموع الكلي، لم تكن فى المجموع الذى امتحن على أساسه فى السنة الماضية، فهل ستضاف العشر درجات بشكل تلقائى إلى مجموعه فى العام القادم؟

وماذا عن الطالب الذى رسب فى ثلاثة مواد منهم مادة الجيولوجيا ، هل مع إلغاء هذه المادة يصبح الطالب ناجحا ويدخل الدور الثانى لهذا العام؟

وماذا عن الطالب الذى حصل هذا العام على درجات عالية فى اللغة الفرنسية التى تم إلغاؤها .

ورسب فى بعض المواد وأعاد السنة، هل سيخصم منه درجات تلك المادة العام القادم أم ماذا؟

ونفس الأسئلة تنطبق على باقى أقسام الثانوية العامة، وهناك العديد من التساؤلات التى تحتاج إلى توضيح لم يظهرها قرار الوزير وتحتاج إلى إجابات.

وأخيرا لا يسعنا فى هذا المقام إلا الثناء على قرارات وزير التربية والتعليم، وأن نشد على يديه وننتظر منه مزيدا من التطوير والتحديث، لينير للثانوية العامة الطريق.. فتبصر من جديد.

أضف تعليق