دعوة الجزار "قلة حيلة"

دعوة الجزار "قلة حيلة"عمرو سهل

الرأى25-8-2024 | 11:37

يعكس بيان القيادي بتنظيم الإخوان الإرهابي حلمي الجزار عن طلب العفو عن أعضاء تنظيمه بمقابل مادي وكأنها مستعدة لمغادرة الساحة السياسية مقابل اعتراف بسيط وخفض العقوبات بينما تسعى لاحتساب قضاياها السابقة بما فيها الإرهاب كأخطاء يمكن التسامح عنها وهذا العرض يقلل من حجم المعاناة والأضرار التي تسببت بها الجماعة كما أن اقتراح دفع مبلغ 5 آلاف دولار أمر مضحك واقتراح اعتزال السياسة لمدة تتراوح بين 10 إلى 15 عاما مع نسيان ما مضى يبدو وكأنه محاولة للتخفيف من المسئولية بشكل غير مسئول فالتوقف عن العمل السياسي لا يعالج المشاكل العميقة ويعطي إشارات غير واضحة حول كيفية تعويض الأضرار التي سببتها الجماعة ورغم أن الرسالة تتضمن اعترافات محدودة بالأخطاء إلا أنها تظل غير كافية فإن التصالح مع الشعب لا يمكن أن يتحقق عبر عروض مالية بل يتطلب اعترافا كاملا ومسئولية حقيقية وإجراءات ملموسة لإصلاح الأضرار ويبدو أن البيان محاولة للإفلات من المسئولية عبر طرق غير جدية وغير فعالة ومجرد التزامات لفظية فاستخدام المال كوسيلة لتخفيف المسئولية أو كتعويض عن الجرائم يعكس تصرفا غير أخلاقي والاستغلال المالي لتسوية القضايا الجادة مثل الإرهاب يتجاهل الأبعاد الإنسانية والأخلاقية للجرائم ويجب أن تحاكم الجرائم بناء على عدالتها الأخلاقية وليس بناء على قدرتها المالية على التسوية فالتخفيف من المسئولية عبر المال لا يعالج الجوانب الإنسانية للأضرار التي لحقت بالضحايا والمجتمع.

الاعتراف بالجرائم وتقديم تعهدات بالاعتزال السياسي كشرط للتسوية دون الاعتراف الرسمي والعدالة الكاملة يتعارض مع المبادئ الأخلاقية والاعتراف بالخطأ يجب أن يكون مصحوبا بمسئولية كاملة تشمل تقديم تعويضات حقيقية للضحايا وتعويض الأضرار وعرض التصالح المالي دون تناول حقوق الضحايا ومصلحة المجتمع يعكس تجاهلا لأهمية العدالة الاجتماعية والإنصاف فالضحايا والمجتمع يجب أن يكون لهم دور في أي تسوية ويتم أخذ حقوقهم في الاعتبار كما يجب أن تعكس التسويات احترام حقوق الضحايا والمجتمع فالتعهد بالاعتزال السياسي فقط دون معالجة الجوانب الأعمق للأضرار والأخطاء يرتبط بتفويت فرصة لإحداث تغيير حقيقي في السلوك والأيديولوجيا والتزام الجماعة بالاعتزال السياسي لا يعالج الجذور العميقة لمشكلات السلوك والاعتقاد إن الاعتزال السياسي يجب أن يكون جزءا من عملية أعمق للتغيير والتوبة وتشمل مراجعة شاملة للسلوك والأيديولوجيا والاعتراف بالضرر الذي تسبب فيه التعهدات السطحية لا تعالج القضايا الجوهرية ومثل هذه التسويات قد تؤدي إلى تعزيز صورة خاطئة عن العدالة ما يخلق سابقة تتيح للفئات الأخرى استخدام المال كوسيلة لتخفيف المسئولية عن الجرائم وهذا يمكن أن يؤثر سلبا على مفهوم العدالة والمساواة في المجتمع ويعكس العرض قلة احترام لمبادئ العدالة والإنصاف ليتضح أن عرض جماعة الإخوان لتحقيق الصلح مع الدولة مقابل اعتزال السياسة ودفع مبالغ مالية هو مسعى فاشلاً وغير واقعي فخصومتكم مع المصريين أبدية ويعبر عن محاولة يائسة للتسوية التي تفتقر إلى المصداقية والجدية فالتعامل مع قضايا بهذه الحساسية لا يمكن أن يتم عبر المال والتسويات السطحية فقط بل يتطلب التزاماً حقيقياً بإصلاح الأخطاء وتعويض الأضرار بطرق منصفة وشاملة إن عدم الوفاء بالشروط الأخلاقية والقانونية الأساسية في مثل هذه التسويات وعدم تقديم خطوات ملموسة لمعالجة الأضرار وتعويض الضحايا يشير إلى أن مناورتكم لن تثمر ولن تفتح أبواب الثقة ويبقى أن نقول إن هذه المناورات لا تعكس سوى فشل في تقديم حلول حقيقية ما يؤكد أن أمانكم في ظل هذه الظروف غير ممكن.

وختاما فإن ما يمكن قبوله من جانب جماعة الإخوان هو الإعلان الصريح منكم بحل التنظيم بصفة نهائية إذا كنتم جادين في التوجه نحو إعادة إدماجكم في المجتمع وكل ما يمكن تقديمه لكم هو إعادة النظر في إمكانية دمجكم فقط بعد انتهاء الأحكام القضائية الصادرة بحقكم وإن العرض الذي سبق أن قدمته الجماعة في 2019 ليس سوى إعلان عن اليأس والإحباط بعد استنفادكل المحاولات التي سعت إلى خيانة هذا الشعب الصابر والمحتسب وبعد أن فشلتم في تحقيق أهدافكم من خلال الغدر وها أنتم اليوم تبحثون عن تسويات شكلية لا تعكس سوى عمق الهوة بينكم وبين ما يتطلبه الاستقرار الوطني ويعكس حالة الإحباط بعد أن نبذكم من دفعوكم إلى خيانة الوطن.

أضف تعليق