" أزمة الأعلاف " من أهم المشاكل، التي يعاني منها قطاع الإنتاج الحيواني خلال السنوات الماضية بسبب الاعتماد على الاستيراد، الذي شهد ارتفاعا في الأسعار بنسبة كبيرة بسبب أزمة الحبوب، التي يمر بها العالم بالإضافة إلى أزمة الدولار.
تأتي هذه المشكلة رغم وجود بعض الحلول، مثل توفير الأعلاف الخضراء، التي تعتبر الغذاء الطبيعي لقطاع الإنتاج الحيواني من خلال تقديم الإرشاد والوعي للفلاحين.. ما الأعلاف الخضراء؟ وكيف نساهم في زيادة إنتاجيتها على الرغم من قلة المساحة المزروعة؟ وهل تصلح للزراعة في أراضي المشروعات الجديدة؟ تساؤلات يجيب عنها لـ «أكتوبر» د.حسام الدين عثمان، رئيس قسم بحوث محاصيل العلف بمركز البحوث الزراعية.
هل توجد الأعلاف الخضراء طوال العام؟
الأعلاف الخضراء هي أحد أهم المحاصيل التي نعمل عليها في مركز البحوث وتعتبر من المحاصيل الحقلية، حيث يتم تقسيمها إلى مجموعات؛ المجموعة الأولى وهي المجموعة الرئيسية أو المجموعة الشتوية وهناك المجموعة الثانية أو المجموعة الصيفية وهناك المجموعة المعمرة وكل مجموعة من تلك المجموعات لها تخصص منفرد وباحثون يعملون عليها طوال الوقت لتحسينها وجعلها مواكبة للتغيرات المناخية، التي تحدث ومتخصصون في إنتاجها.
حاليا يتم حصاد المجموعة الشتوية، التي تبدأ زراعتها في شهر أكتوبر أو نهاية شهر سبتمبر الماضي ويبدأ حصادها مع بداية شهر مايو وهناك بعض الأماكن ينتهي حصادها في يونيو وأغسطس حسب موعد زراعتها مثل منطقة بني سويف ومنطقة المنيا أما محاصيل العلف المعمرة فهي موجودة طوال العام وتستمر حوالي من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات ويتوقف طول عمرها في الحقل على حسب الاهتمام بها والرعاية والمتابعة وخصوبة التربة ولكن مساحة زراعتها قليل.
ومن نماذج المحاصيل الشتوية هناك البرسيم المصري والبرسيم الفحل وهناك الشعير والتريتيكال والشوفان أما محاصيل الأعلاف الصيفية فهي مجموعة كبيرة تتمثل في الذرة الريانة والسلجوم والذرة السكرية الرفيعة وحشيشة السودان وهناك لوبيا العلف وهي تزرع بداية من شهر أبريل حتى نهاية الموسم الصيفي في سبتمبر وتأتي أهمية المحاصيل الصيفية في أنها تغطي فترة من السنة يحدث فيها انخفاض حاد للأعلاف وبالتالي تحدث فجوة غذائية لمربي الماشية ولابد أن ندرك أن التغذية الأساسية للمربي هو البرسيم المصري والفترة الرئيسية، التي يتوفر فيها البرسيم المصري من شهر أكتوبر إلى شهر يونيو وبالتالي طول فترة الصيف لا يوجد برسيم مصري وهنا يأتي دور المجموعة الصيفية.
ما الشروط التي يجب أن تتوافر في محاصيل الأعلاف؟
محاصيل الأعلاف منها محاصيل « للحش» ومحاصيل «للسيلاج» ولابد من توافر 4 شروط في محاصيل الأعلاف أولها الاستغاثة، ثانيا الطاقة بمعنى أن تكون من الأعلاف، التي تحتوي على نسبة كبيرة من الكربوهيدرات، ثالثا البروتين لأنها من أساسيات تغذية الحيوان، رابعا القدرة على الإنتاج أو استعادة النمو بعد الحش حسب ميعاد الزراعة فاذا كانت الزراعة في أبريل فتستطيع الحصول على عدد أكبر من الحشات وإذا كانت الزراعة في يونيو أو يوليو فلن تحصل إلا على حشتين على أقصى تقدير.
والأمر لا يتوقف على التوقيت فقط وإنما لا بد من الاهتمام بخصوبة التربة من خلال التسميد الآزوتي العالي والسماد العضوي مع الخدمة الجيدة وإضافة أسمدة ازوتية مع الحش بمعدل 40 وحدة أزوت في الجرعة الأولى وكل حشة أضيف 40 وحدة أخرى لأن هذه الأنواع كلما تم الاهتمام بإضافة الخدمات والازوت والفوسفات سيعطي نتيجة عالية في استعادة النمو والتفريع وعدد أوراق أكبر.
هل زراعة محاصيل الأعلاف مكلفة؟
لا نستطيع أن ننكر أن تلك الخدمات مكلفة هناك جزء منها يحصل عليه المزارع مدعم ولكن خارج الدعم يتم بيع الشيكارة الواحدة في حدود 1200 جنيه وشيكارة اليوريا حوالي 23% ولتحقيق معدل جيد، فالفدان يحتاج إلى حوالي شكارتين أي حوالي 2400 جنيه وبالتالي فإن زراعة العلف الأخضر مكلف وأصبح له قيمة سعرية ونقدية في الأسواق.
ما المزرعة النموذجية لإنتاج الحيواني؟
المزرعة النموذجية للإنتاج الحيواني المقصود بها أن يقوم المربي بزراعة العلف الأخضر داخل مزرعته فإذا كان لديه مساحة 5 أفدنة للزراعة فيتم تخصيص
4 أفدنة لزراعة العلف الأخضر في مواعيده المعروفة، حيث يكون لديه دورة تغذية منتظمة وبعد 45 يوما يحصل على الحشة الأولى وهكذا ولكن لابد أن يكون لدى المربي فدان واحد من الأرض لمرحلة نطلق عليها « فجوة «وهي التي تحدث في شهر أكتوبر تقريبا بعد انتهاء المحصول الصيفي وأثناء تجهيز الأرض للزراعة مرة أخري فعلى المربي الانتظار حوالي من 50 إلى 60 يوما وخلال تلك الفترة يأتي دور السيلاج وتلك الفترة تتكرر عند الانتهاء من المحصول الشتوي في شهر يونيو.
ولحل تلك المشكلة هناك محصول علف قادر على التخلص منها وهو بنجر العلف، الذي يمكن زراعته في الفدان المتبقي في المزرعة النموذجية، خاصة أن إنتاجيته عالية حيث يعطي الفدان الواحد حوالي من 70 إلى 80 طنا لذلك إذا قمنا بزراعة نصف فدان أو زراعة هامش الأرض ببنجر العلف سيعطي إنتاجية كبيرة ويغطي فترة النقص، التي تحدث في دورة التغذية ويتم وضع خطة التغذية بناء على تعليمات يتم وضعها من قبل المتخصصين وليس عشوائيا.
هل هناك بدائل أخرى للعلف الأخضر؟
هناك محاصيل نطلق عليها محاصيل السيلاج والمقصود بها المحاصيل التي تصلح للتخزين من خلال طرق فنية معينة تساعد في الاحتفاظ بها أطول فترة ممكنة. ومن أفضل تلك المحاصيل هي «الذرة» ولكن الذرة أنواع وإنتاجيتهم مختلفة، خاصة أن الذرة التي تستخدم في الوقت الحالي ليست الأفضل.
ولابد أن نشير إلى أن هناك ذرة سيلاج مخصصة للتخزين وهو نوع هجين وتم تسجيله بالفعل ونطلق عليه « ذرة ريانه سيلاج سخا 1 « هذا المحصول نستطيع أن نقول: إنه بديل قوي وقومي لاستخدام الذرة الشامية في السيلاج، خاصة أننا نستورد حوالي من 7 إلى 8 ملايين طن من الذرة الشامية لاستخدامها في العلف بأسعار مرتفعة ولا بد من الإشارة إلى أن 70% من مزارعي الذرة.
لا يزرع من أجل الحبوب وبالتالي يضطر أحيانا إلى بيع الذرة الموجودة في الأرض قبل اكتمال فترة النمو لمربي الماشية للحصول على علف، التي تكون إنتاجية الفدان في تلك المرحلة حوالي 25 طنا فقط ولكن في حالة استخدام البديل المشار إليه سابقا فإن الهجين يعطي إنتاجية تصل إلى 70 طنا للفدان الواحد أي ضعف إنتاجية الذرة الشامية بالإضافة إلى أنه يعطي طاقة عالية على عكس الذرة الشامية، التي تعتبر مادة مشبعة فقط دون طاقة بالإضافة إلى أن البروتين في حبوب الذرة السيلاج تصل إلى 16% أما الذرة الشامية لا تتعدى 12% والزيت في الأولى يتعدى 8% أما في الشامية لا يتعدى 6% فهنا الذرة السيلاج الهجين تعطي زيت وبروتين وطاقة بالإضافة إلى أنها تعطي إنتاجية ثلاثة أفدنة من الذرة العادية.
وهنا أوصى الفلاحين بتخصيص ثلث فدان فقط للذرة الريانة للقضاء على الفجوة، التي تحدث من الأعلاف الخضراء أثناء الانتقال من المجموعة الصيفية إلى الشتوية والعكس وهذا الأمر سيساهم في توفير من 60% إلى 70% من الحبوب للدولة.
وبالفعل تم التوسع في زراعة الذرة الريانة في عدد من الحقول الإرشادية بخمس محافظات وسيتم التوسع تدريجيا حتى نحصل على إنتاج ما يكفي منها.
متى بدأ تجارب استنباط الذرة الريانة؟
بدأت تجربة إنتاج الذرة الريانة منذ 2008 حتى الوصول إلى مرحلة التسجيل وتم تسجيلها باعتبارها ذرة سيلاج، حيث تساهم في توفير الحبوب بديلا للذرة الشامية وفي نفس الوقت على اعتبارها بديلا جيدا للذرة الشامية كقيمة غذائية.
يعتبر البرسيم العلف الأخضر الأول.. فما أصنافه؟
هناك البرسيم المصري ويتضمن حوالي من 6 إلى 7 أصناف وهي تنتج في المتوسط في الوجه البحري 40 طنا وفي الوجه القبلي هناك أصناف تنتج حوالي 70 طنا وكل تلك الأصناف تعتبر محاصيل أعلاف تصلح للزراعة في منطقة الوادي والميزة الموجودة في تلك الأصناف أنها لا تغير من التركيب المحصولي للدولة أو المزارع بمعنى أنها لا تزاحم المحاصيل الرئيسية.
وهناك تجربة سيئة حدثت لبعض المزارعين عندما انتشرت بعض الدعايا لزراعة «البنكم» كنوع من أنواع محاصيل الأعلاف ولكنه يعتبر من المحاصيل المعمرة، التي إذا تم زراعتها في أرض الوادي، تؤثر على التركيب المحصولي المتبع، حيث تصل استدامتها في الأرض حوالي سبع سنين.
بالإضافة إلى أن هذا النوع من المحاصيل، يحدث له نوع من السكون داخل الأرض من شهر أكتوبر إلى شهر أبريل ليرجع يحدث له نمو وإنتاج مرة أخرى، والأمر لا يقتصر على ذلك بل أنه لا يعتبر بديلا للبرسيم في إدرار اللبن للمواشي، كما أنه يسبب اجهاض لأنثى المواشي، خاصة أنه من السنة الثانية يبدأ المحصول يتخشب ويحتوي على مادة اللجنين بنسبة عالية وهذا ما يسبب الاجهاض للماشية، والمزارعون الذين قاموا بزراعته خلال السنوات الماضية بداية من السنة الثانية بدأوا في التخلص منه.
لذلك أرشد دائما المزارعين بالاعتماد على محاصيل الأعلاف المعتمدة من جانب المعهد؛ لأنها لا تزاحم التركيب المحصولي ويمكن زراعتها بين الدورات بالاضافة إلى أن البرسيم يمكن زراعة القمح بعده دون مشاكل.
ما أفضل أنواع البرسيم؟
من المحاصيل التداخلية أو البينية التي لا تؤثر على القمح برسيم الفحل فيمكن زراعته قبل زراعة القمح للحصول على العلف الأخضر، حيث تصل إنتاجيته إلى ضعف حشتين من البرسيم المصري و تبدأ زراعته في شهر أكتوبر وينتهي نهائيا في منتصف نوفمبر وبعدها يبدأ القمح، وتعطي إنتاجية تصل إلى 20 طنا في حين أن البرسيم البلدي الحشة الواحدة لا تتعدي 10 أطنان والثانية 12 طنًا، حسب إحصائية مديريات الزراعة فإن الموسم الماضي تم زراعة مليون و 300 ألف فدان برسيم.
هل تصلح محاصيل الأعلاف في المشروعات الجديدة؟
تصلح زراعتها في الأراضي الجديدة ولكن ستؤثر على إنتاجيتها وليست جميع الأنواع تصلح للزراعة في الأراضي الجديدة، مثل الذرة السيلاج أو الريان ؛ لأنه محصول يحتاج إلى تربة جيدة ونسبة الملوحة لا تتعدى 2500 BBM، وفي حالة تعدت الملوحة تلك النسبة مع عدم وجود تغذية جيدة في هذه الحالة سيحدث زهورا للمحاصيل ولكن لن تعطي إنتاجا جيدا ولن يكون محصولا استثماريا.
وحتى الزراعة في الأرض العادية في أرض الوادي لن تعطي إنتاجا جيدا دون تربة وتغذية جيدة وعمليات خدمة للحصول على إنتاج عال، ف الزراعة عملية متكاملة من بذرة وأرض وتقاوي وعمليات خدمة واختلال أي جزء في تلك العملية لن يعطي النتائج المطلوبة.
ما الخطوات الاستباقية لمواكبة التغيرات المناخية في مجال الأعلاف الخضراء؟
معظم الأنواع الهجينة الجديدة كلها معدلة لتواكب التغيرات المناخية وفي نفس الوقت التوصيات الفنية، التي يتم تقديمها باستمرار تشمل مجموعة من التعليمات تساعد المحصول للمرور بتلك التغيرات دون تأثيرات سلبية ومن أهمها المغذيات التي تعمل نوعا من الحماية والتحمل لدرجات الحرارة العالية وسواء كانت تلك التغيرات ارتفاعا في درجات الحرارة أو العكس لابد لها من خطوات استباقية وهناك أيضا التسميد الفوسفاتي وجوده ضروري لحماية النبات.
مثل ما يحدث مع البرسيم المصري في حالة مر بصقيع ولم يتم إضافة التسميد الفوسفاتي في تلك الحالة سيتعرض المحصول إلي تقزم بالإضافة إلى إحمرار أو إصفرار أوراق البرسيم هذا مع ضرورة إضافة البوتاسيوم، الذي يعتبر خط الدفاع الأول لرفع مناعة النبات في مواجهة الأمراض بالإضافة إلي بعض منظمات النمو الطبيعية المستخلصة من مكونات طبيعية بعيدا عن المنظمات الهرمونية، التي يكون لها تأثير سلبي.
ما نسبة تغطية الأعلاف الخضراء من احتياجاتنا؟
نعاني من نقص شديد في الأعلاف الخضراء مقارنة باحتياجات الإنتاج الحيواني ويعتبر هذا الأمر السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الأعلاف المركزة بالإضافة إلي نقص الوعي والإرشاد في كيفية استغلال الأرض الزراعية بطريقة مثالية للاستفادة من المحاصيل والأعلاف بجانب المحاصيل الزراعية الأخرى.