تقوم مجموعة من طلاب كلية زراعة القاهرة خلال أشهر الصيف مع أساتذتهم بأبحاث علمية بمعامل الكلية ومزارعها وذلك نظير مكافأة رمزية قدرها 12 جنيهًا شهريًا، يبدأ العمل فيها يوميًا من الساعة التاسعة صباحًا إلي الثالثة بعد الظهر، وعلي الرغم من قلة عدد هؤلاء الشبان (20 طالبا وطالبة) فإنهم يعملون كجيش مسلح في معركة ضارية لمواجهة أخطر وأشرس آفة هي دودة ورق القطن .. وقد اختارت «أكتوبر» هذه الصورة الحية لهؤلاء الشبان الذين عرفوا كيف يستفيدون من وقت الإجازة الصيفية في عمل مفيد لهم ولبلدهم.
ففي محطة التجارب للأبحاث العلمية بـ زراعة القاهرة والتي تبلغ مساحتها 45 فدانا يقوم هؤلاء مع أساتذتهم بإجراء الأبحاث علي نبات القطن للوصول إلي تأثير بعض المعاملات والتجارب والوصول إلي أحسن وأنفع الطرق للقضاء علي تلك الآفة المدمرة التي تهدد أكبر محصول يشكل أحد أعمدة الاقتصاد في بلدنا منذ القدم.
وفي لقاء مع د. حسني سلامة أستاذ قسم الحشرات والمبيدات بزراعة القاهرة، قال: إن هذه الأبحاث والمشروعات العلمية تبدأ كل عام من شهر يونيو وحتي شهر سبتمبر ويشترك فيها الطلبة باختيارهم ويحصل الطالب خلالها علي مكافأة رمزية قدرها 12 جنيهًا شهريًا كمصروف جيب تشجيعًا لهم، وقال إن هذه الممارسة العملية كثيرًا ما تكون عمادهم في المستقبل بعد التخرج فكثير من المعيدين الآن كانوا يشتركون معي وهم طلبة في هذه المشروعات والأبحاث.
وعن نتائج الأبحاث والتجارب التي يقومون بها، قال: إن نتائج الأبحاث والتجارب التي تقوم بها علي المبيدات الحشرية وأثرها علي آفة القطن ونسبة القضاء عليها وأنسب الطرق والوسائل في مواجهة خطرها نسجلها أولاً في تقارير كاملة وتقدمها إلي اللجنة العليا لمكافحة الآفات بوزارة الزراعة التي تقدم لنا (1000) جنيه كل عام لمثل هذه الأبحاث والمشروعات ثم تقوم هذه اللجنة باختيار أفضل وأحسن الأبحاث من خلال 11 محطة للتجارب في مختلف كليات الزراعة بمصر وتطبعه في كتيب صغير يوزع علي الجمعيات الزراعية في القري حيث ينتفع به الزراع في مقاومة الدودة.
وفي لقاء مع الطلبة والطالبات والمعيدين القائمين علي هذه الأبحاث والمشروعات تقول سامية عبد المنعم المعيدة بقسم الحشرات والمبيدات أنها اشتركت في مثل هذه المشروعات وهي طالبة أيضا، فالمشروع يستمر لأكثر من عام في البحث والدراسة.
أما الطالبة والطالبات فدورهم هو تقطيع الورق الذي عليه لطع الدود من محطة التجارب إلي جانب التجارب المعملية علي الدودة والمبيد في العمل، وتقول الطالبة نجلاء السناري: أني أشترك لأول مرة في هذه المشروعات ولم أكن أعلم بأن هناك حافزًا ماديًا، فالإجازة الصيفية عادة تمر ولا أفعل فيها شيئا غير القراءة ولذلك عندما علمت بهذه الأبحاث سارعت للاشتراك فيها حتي أستفيد بالخبرة العملية من خلال الممارسة ونزولي للحقل لإجراء التجارب العملية علي ديدان القطن، فهذا يزيد إلي معارفنا أشياء جديدة بالإضافة إلي الاحتكاك المباشر مع أساتذتنا في إعطائنا الخبرة والمعرفة.
وتتحدث طالبة أخري هي سامية عبد الحميد عن الفوائد الشخصية التي تعود عليها من هذا العمل، فتقول: إن هذه المشروعات تقرب المسافة بين الطالب والأستاذ وهذا يساعد علي تحقيق أكبر استفادة من خبرة وعلم أساتذتنا علي عكس أوقات الدراسة، فالعدد الكبير لا يحقق هذا إلي حد ما وكذلك المكافأة الرمزية وإن كانت بالنسبة لي شيئا ثانويا، فإنها عامل يشجع ويترك أثرا طيبا في نفوسنا في أننا نبذل جهدا له مقابل وأن هذه أول نقود نكسبها من عمل تقوم به إلي جانب أن هذا العمل يملأ الفراغ الذي تعيش فيه بعد انتهاء الدراسة.
وتقول الطالبة نجاح فايق وهي مصرية من العريش : انضممت إلي مجموعة العمل ضد دودة القطن ولا شك أن هذه الممارسة العملية ستفيدنا بخبرة كبيرة إلي جانب الحافز المادي.. ولقد أخذنا وعدًا من أساتذتنا الذين يمدونا بكل ما نريد من معلومات بأن أعمالنا ستكتب في الكتيب الذي ستطبع فيه نتائج الأبحاث والتجارب وهذا شيء عظيم لنا بلا شك.
وأخيرًا إن هذه الصورة المشرفة والجادة قد رسمت لنا خطا عريضا في مستقبل هؤلاء الطلاب والطالبات، فإنهم في الحقيقة قد عرفوا طريقهم.. وكيف يحولون الوقت الضائع خلال الإجازة الصيفية إلي عمل وعلم في نفس الوقت، ولكن عندما أتيحت لهم الفرصة الجادة الحقيقية فقط.
نشر بمجلة أكتوبر في أغسطس 1978م – 1398هـ