من خلالل اهتمام وزارة الأوقاف بتطوير برامج تأهيل وتدريب الأئمة والواعظات من خلال التعاون المشترك بينها والجامعات المصرية، بناء على توجيهات الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، فقد عقد في رحاب كلية الآداب بقنا جامعة جنوب الوادي، وبإشراف الأستاذ الدكتور أحمد عكاوي رئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور وحيد الطاهر عميد الكلية؛ دورة تدريبية متخصصة في الإرشاد النفسي وعلم الاجتماع بهدف تعزيز قدرات الأئمة والواعظات على مواكبة قضايا العصر على نحو معتدل ومستنير، وفقًا لصحيح الدين الإسلامي الحنيف.
هذا وحاضر في الدورة الدكتور على الدين عبد البديع القصبي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بقنا، بمحاضرة تدريبية عن: نبذ الشائعات الهدامة متناولًا فيها: تعريف وماهية الشائعات، وأهداف نشرها، وأنماط الشائعات ومحتوياتها، وكيفية صناعة الشائعة، ومراحل انتشارها، وعوامل رواجها وسمات الشائعات، وحجم انتشارها وكيفية مواجهتها في مصر، موضحا عبر قراءة سوسيولوجية تحليلية لنماذج تمثيلية لحصاد المواجهة خلال الفترة من عام 2014م وحتى عام 2023م).
كما عقد الدكتور علي الدين القصبي، ورشة عمل تطبيقية للأئمة والواعظات لخطبة عن نبذ الشائعات والتحذير من الاستماع لها وبيان أضرارها، وقد استعان في ايصال أفكاره التدريبية بمواد فيلمية توضح حجم تهديدات الشائعات على الأمن القومي المصري، طارحًا ضرورة بناء وتنمية الوعى الوطني، مؤكدًا على التماسك المجتمعي ودعم الولاء والانتماء لتحقيق متطلبات الأمن القومي.
وأثناء الدورة التدريبية؛ أكد الدكتور على الدين القصبي، استاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي، إن «الشائعات» تحولت إلى واحدة من أدوات «الحروب النفسية الناعمة» التي تستهدف تفكيك المجتمعات بالفتن والقلاقل من قبل جهات معادية أو أفراد يرددون كالببغاوات كل ما يقال دون وعى أو تدقيق في مصداقية أو منطقية المعلومة، مؤكدًأ إن الشائعات هي جريمة «أمن قومي» تهدف إلى تدمير الاستقرار ونشر الفوضى وهدم الأوطان.
كما أوضح أن الشائعات عبارة عن خبر أو مجموعة الأخبار الزائفة التي تنتشر في المجتمع بشكل سريع، وتتداول بين العامة، ظنا منهم بصحتها. ودائما ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع وتفتقر هذه الشائعات عادة إلى المصدر الموثوق منها. وتمثل الشائعات جزءا كبيرا من المعلومات التي نتعامل معها، مشيرًا إلى أن الشائعات نوع من الغش والافتراء وهي جريمة تعمل على تزييف العقول.
وعن أهداف نشر الشائعات؛ أشار الدكتور على الدين القصبي، إلى أن الشائعات لها عدة أهداف، منها أهداف نفسية معنوية وأكثر استخداماتها في الحرب النفسية، وشائعات سياسية تستخدم في التشكيك في سياسة المؤسسات و المسؤولين في الدولة، وشائعات اجتماعية وتمثل في الشائعات التي يوجهها أفراد المجتمع لبعضهم البعض: لخصومة، أو فتنة، أو لتعميق الخلافات بينهم، مضيفًأ أن هناك شائعات اقتصادية وتمثل في شائعات الظروف الاقتصادية السيئة بهدف إثارة الفوضى والقلق بين أفراد المجتمع، كما أن هناك شائعات عسكرية تهدف إلى كسر روح الإرادة في المقاتل وقتل روحه المعنوية المرتفعة، فضلًا عن وجود شائعات أخلاقية تشكك في قيم وأهداف الأمة ورموزها لاسقاطها.
وأشار الدكتور على الدين القصبي، إن الشائعة تحتاج إلى مجموعة من العوامل إذا ما اجتمعت فيها تجعلها أكثر إمكانية للانتشار والرواج، بل قد تحل محل الحقائق في أذهان بعض الناس، نتيجة للاستعداد النفسي عند هؤلاء الأفراد، بالإضافة إلى عدم التثبت منها في عقولهم، وعدم التعامل معها بوعي وفطنة وعلم، هذه العوامل تشمل: أهمية الشائعة، درجة الغموض، التفاعل الاجتماعي، الضغوط النفسية والمشكلات، القلق الشخصي، حب الفضول، التوترات الانفعالية ودرجة الوعي بمضمون الشائعة.. مؤكدًا أن الشائعات لا تطلق عشوائية؛ فالبعض وحتى المتخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع يصفونها بأنها صناعة لها خبراء يحددون لها الوقت والموضوع والجمهور المناسبين.
كما أكد "القصبي" على أهمية الوعي الحقيقي أمام الوعي الزائف للتصدي للشائعات، مثمنًا الدور الذي تقوم به الدولة المصرية في رصد الشائعات والرد عليها بشكل سريع، كما أشاد بجهود وزارة الأوقاف وحرصها على عقد الدورات التدريبية للأئمة والواعظات بهدف تعزيز قدراتهم على مواكبة قضايا العصر على نحو معتدل ومستنير، وفقًا لصحيح الدين الإسلامي الحنيف.