في بلاط صاحبة الجلالة .. "أكتوبر" كانت ولا زالت لنا أيام !

في بلاط صاحبة الجلالة .. "أكتوبر" كانت ولا زالت لنا أيام !أيمن كمال

الرأى23-9-2024 | 16:03

عندما هاتفني زميلي وصديقي العزيـــز الأستاذ محمد أمين رئيس تحرير مجلة أكتوبر يطلب مني كتابة مقال في مناسبة عزيزة إلي نفسي وهي الاحتفاء بصدور العدد 2500 من مجلة أكتوبر الغراء، عادت بي الذاكرة علي الفور إلي اليوم الذي انضممت فيه إلي هذا الكيان المحترم مؤسسة دار المعارف و مجلة أكتوبر وتداعت إلي ذاكرتي أجمل لحظات العمر التي عشتها داخلها ولا أزال متلاحما مع كل من فيها من الأساتذة والزملاء الأعزاء.

تذكرت البدايات وتذكرت معها مقولة (كي تكون صحفيا ناجحا عليك أن تفترش الصحف وتقتات الحبر) كانت هذه الجملة راسخة في وجداني إبان دراستي الجامعية في كلية الإعلام جامعة القاهرة، تلك النصيحة التي صاغها الكاتب الصحفي الامريكي الكبير «تشالرز أندرسون دانا» الذي عاش في الفترة من أغسطس 1819 إلي أكتوبر 1897 وكنت قد قرأت له عدة مقالات أبهرني خلالها فكره وعشقه لمهنة صاحبة الجلالة.

كنت في بداية حياتي الصحفية صحفيا في مؤسسة أخبار اليوم قبل أن يطلب مني الأستاذ أنيس منصور الانضمام إلي أسرة مجلة أكتوبر التي قد بدأ في التخطيط لإصدارها بتكليف من الرئيس الراحل أنور السادات لتكون صوت مصر المقروء والمعبرة عن روح انتصارات السادس من أكتوبر، ولم أجد وقتا للتفكير وتقدمت باستقالتي للاستاذ موسي صبري رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار وذهبت علي الفور إلي 1119 شارع كورنيش النيل حيث تقبع مؤسسة دار المعارف و مجلة أكتوبر .

وعندما دخلت إلي مجلة أكتوبر عام 1977 لأبدأ مشواري الصحفي الذي اخترت أن يكون من داخل هذا الصرح الكبير مؤسسة دار المعارف و مجلة أكتوبر وفي أول لقاء مع أستاذي الراحل الكبير الأستاذ أنيس منصور وهو يمهر بقلمه قرار تعييني، بادرت بمناقشته في مقولة الصحفي الأمريكي “تشالز أندرسون دانا” وكان حاضرا المناقشة والدي الكاتب الصحفي الكبير الراحل كمال منصور مدير تحرير أخبار اليوم والصديق المقرب لأستاذي أنيس منصور فقد تزاملا معا في كلية الآداب جامعة القاهرة ودخلا سويا للعمل بدار أخبار اليوم في عام واحد، استمع إلي الأستاذ أنيس منصور وناقشني في أفكار الكاتب الأمريكي، وأضاف إلي مقولته درسا آخر من بنات أفكاره وهو إن أردت أن تكون صحفيا ناجحا عليك أن (تجلد ذاتك) وتعطي كل وقتك للمهنة بحب وإخلاص لكي تعطيك الشهرة والمنصب والمال فإن أردت أن تجلس يوما علي كرسي رئيس التحرير فالتزم بكل ذلك ليس عن حب بل عن عشق.

كان ما قاله الأستاذ أنيس منصور هو نبراس الحياة الصحفية والمهنية الذي سرت فيها دوما وكان كل هدفي أن أكون صحفيا متميزًا ناجحًا ولم أضع في حساباتي أنه من الممكن أن أجلس علي كرسي الأستاذ أنيس منصور يوما ما كرئيسا لتحرير مجلة أكتوبر إلا أن جاء قرار المجلس الأعلي للصحافة في يوليو 2015 بتعييني رئيسا لتحرير مجلة أكتوبر عقب استقالة الدكتور حسن أبو طالب رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وكانت بداية مرحلة جديدة من حياتي المهنية في بلاط صاحبة الجلالة.

قرار تعييني رئيسا للتحرير بداية مشوار جديد ومسؤولية جديدة أقود فيها كتيبة من أفضل الصحفيين وأكفأهم هم زملائي الصحفيين في مجلة أكتوبر الذين أمتن إليهم جميعا بالفضل فيما حققته أكتوبر من نجاحات لمسها القاصي والداني ولا تزال منطلقة لا تحيد عن التميز تحت قيادة زميل عزيز من أكفأ الصحفيين الذين ضمتهم مجلة أكتوبر وهو الكاتب الصحفي محمد أمين رئيس تحرير مجلة أكتوبر الحالي ورئيس تحرير الموقع الإخباري الذي تسلم الراية من بعدي وسار في درب النجاح بثقة المقاتل الذي لا تلين عزائمه.

شريط طويل من الذكريات عشتها ولا أزال داخل مجلة أكتوبر أتذكرها دائما بكل الحب والمودة ، لايعكر صفوها إلا مجريات عام واحد حين سيطرت جماعة الإخوان الإرهابية علي مفاصل مؤسسات الدولة وطبعا علي صاحبة الجلالة، عام كامل أغلقت فيه القلم ولم أكتب حرفا لأنني أدركت تماما أن مصير ما سأكتبه لن ينشر وقد جربت مرة واحدة وصدق يقيني فأليت العزلة إلي أن تنقشع الغمة وقد حدث بلا رجعة والحمد لله.

وسرد الذكريات يقودني إلي الحديث عن أساتذتي الذين عملت تحت قيادهم وأولهم بطبيعة الحال أستاذي أنيس منصور الذي لا تزال بصماته راسخة في مكنون شخصيتي حتي الآن والذي استعرت عنوان كتابه الأشهر (في صالون العقاد كانت لنا أيام) عنوانا لمقالي ، فهي فترة زمنية من عمر مجلة أكتوبر زخرت بالقامات الكبيرة من أساتذتي أذكر منهم حامد دنيا وجلال عارف وعبد العزيز صادق ومريم روبين ومحمد عبد الوارث وعادل البلك وسمير مسعود وسيد نصار وسيد سلامة وعبد العال الحمامصي وماهر فهمي وأحمد مصطفي وغيرهم ، فترة زمنية خصبة في تاريخ مجلة أكتوبر، ثم يأتي من بعد الأستاذ أنيس منصور الكاتب الصحفي الكبير صلاح منتصر ورحلة صحفية قادها في مجلة أكتوبر تميزت بالخبطات الصحفية الجريئة فالرجل جاء ومعه أسلوب مدرسة جريدة الأهرام العتيقة التي عاش داخلها كل حياته الصحفية قبل أن ينتقل لمؤسسة دار المعارف و مجلة أكتوبر رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا للتحرير وخلال فترة رئاسته قد نشأ بيننا كيمياء مهنية وشخصية تحولت لصداقة بين الأستاذ والتلميذ وظلت قائمة حتي رحيله رحمه الله.

ثم تأتي فترة تولي الأستاذ رجب البنا رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة دار المعارف ورئيسا لتحرير مجلة أكتوبر وهي الفترة التي تم خلالها تعديل مساري الصحفي من صحفي متخصص في شئون الإعلام إلي معترك الصحافة السياسية، فقد دفعني الأستاذ رجب البنا للعمل في المجال الصحفي السياسي وكان وقتها قد بدأت حرب العراق والتي أجريت خلالها نحو 60 موضوعًا صحفيًا تحاورت فيها مع كبار رجال الدولة من المحللين السياسين والاستراتيجين كان أبرزهم اللواء الراحل محمود خلف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا وقتها الذي شجعني بدعم من الأستاذ رجب البنا علي الالتحاق بالدورات الدراسية داخل أكاديمية ناصر العسكرية العليا والتي صبغت فكري وثقافتي السياسية واستفدت منها كثيرا خلال تولي منصب رئيس تحرير مجلة أكتوبر.

و مجلة أكتوبر اليوم وهي تحتفل بإصدار العدد 2500 تضيف إلي سجل الإنجازات المتلاحقة منذ أول عدد صدر قيمة صحفية جديدة وهي تخطو دائما نحو السبق والتميز في سوق الصحافة الزاخر بالعديد من الإصدارات من خلال مؤسسة دار المعارف العريقة التي يقود كتيبتها المهندس رزق عبد السميع الذي تولي مسئولية رئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار المعارف و مجلة أكتوبر والشركة القومية للتوزيع قادما من مؤسسة أخبار اليوم بفكر جديد ومنظومة عمل متزنة تابعت خطاها فأجدني أمام رجل يمزج بين عقلية الإداري والمهندس في نهج مثالي من أجل رفعة هذا الكيان المؤسسي المحترم.

كل الأمنيات الطيبة أمنحها بكل الحب نحو مجلة أكتوبر بمناسبة صدور العدد 2500 في مسيرتها تحت ظلال صحافة محترمة تعبر عن متطلبات القراء وتدعم الوطن وتواكب مسيرة تقدمه المتلاحقة التي يقودها زعيم الوطن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ظلال صحافة محترمة قوية يدعمها بقوة المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أمنيات طيبة لأكتوبر الغراء يزكيها جهد جميع الزملاء حتي تظل دائما في صدارة المشهد نبراسا للصحافة الجادة المتجددة في بلاط صاحبة الجلالة.

أضف تعليق