عاشق النخوة

عاشق النخوةحسين خيري

الرأى23-9-2024 | 18:21

أول من علَّم البشرية الإخلاص والمبادرة إلي إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، وجعلها دليلا علي صحة عقيدة المسلم، ووثقها بصدق إيمانه بالله، فمن أحرص عليها أجزل الله له في العطاء، واصطفاه مع الشهداء والقائمين علي عبادته، وهنا يقول النبي: "ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا"، ويعني المسجد النبوي ، وشرف الحبيب في حديثه: "من كان في حاجة الناس كان الله في حاجته".

عشق العمل الخيري يظهر معادن الرجال، ويعلي من شأن النساء النبلاء، وصفوه العرب القدماء بالنخوة، و سنام النخوة السباق لنجدة الملهوف, وإيثار نفسك، فلا تبخل بما لديك، وقد يكون في نجاة المستغيث ولو قليلا، وقال الحبيب: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، والنخوة فضيلة راعاها رسولنا الحبيب وحرص عليها.

ومداومة التذكير بالدفع لإغاثة أهلنا في غزة و السودان أفضل ما نقدمه في ذكري ميلاد خاتم الأنبياء، والتآسي بالنخوة أحد روافد أخلاق الرسالة النورانية الخاتمة، ونجدة المنكوبين تعد من شهامة العظماء، ولم يستثن منها رسولنا الكريم أحدا من غير المسلمين، رغم عداوة قريش وإيذائها للمسلمين، وجاء أبوسفيان إلي النبي وطلب منه الاستسقاء، فكيف يرفض؟ وقد وصفه رب العزة بقوله تعالي: "وإنك لعلي خلق عظيم".

ومن صفات الأوفياء النخوة والشهامة، وقيل عنهم "يسارعون في الخيرات"، يخلصون في الأداء بقلب سليم، ليس من قبيل الزهو، أو تسديد الفواتير أو من أجل تسجيل مواقف بطولية زائفة، وفوق ذلك يقدمون أغلي ما يملكون بنفس راضية، ولما الدهشة ومعلمهم محمد صلي الله عليه وسلم، فقد بادر أبو الدحداح إلي حضرة الرسول فور سماعه قول الله تعالي: "من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له"، وتبرع في حينها دون تردد بأفضل ما يملك في مقابل نخلة في الجنة، وكان بستانا من أجمل وأكبر بساتين المدينة المنورة.

والصادق الأمين معلم البشرية هو من علم أهل الشرك في فتح مكة المعني الحقيقي للنخوة، وقال: "يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء.. الناس من آدم وآدم من تراب"، ثم يلقنهم درسا عمليا في النخوة والشهامة، ويقول لهم: "يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم"، قالوا أخ كريم وابن أخ كريم"، قال: " اذهبوا وأنتم الطلقاء".

أضف تعليق