كما هو من أعظم شهور العام لما يحمله من نسمات العبور والنصر، جاءت مجلة أكتوبر لتضيء سماء الصحافة المصرية حاملة بين صفحاتها هموم وقضايا الوطن منذ انطلاقها في ديسمبر 1976، مستعينة بعمالقة القلم في مختلف القطاعات الصحفية بقيادة مؤسسها الكاتب أنيس منصور الذي حمل علي عاتقه إصدار مطبوعة صحفية مصرية شهدت لها وكالات الإعلام العالمية عندما نقلت عنها الأخبار والتحقيقات الصحفية الحصرية.
اليوم تحتفل مجلة أكتوبر بصدور عددها التاريخي رقم 2500 الذي يقترب من عامها الـ 48 داخل محراب صاحبة الجلالة ، هذا الاحتفال يجعل الأجيال المتعاقبة من الصحفيين المنتسبين لهذا الكيان الذي ولد عملاقًا، يسترجعون ذكريات البدايات، ليجدوا أنفسهم بعد مرور سنوات العمر من الأجيال الصحفية التي نجحت في الوصول للقارئ المصري والعربي من خلال الكتابة الحرة التي تلامس حياة المواطن وتنحاز إلي قضاياه وحكاياته.
كان لي شرف الالتحاق بالعمل بـ مجلة أكتوبر مع بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، عقب الانتهاء من دراستي الجامعية، كصحفي تحت التمرين بقسم الأخبار العربية، فوجدت مجموعة من الأساتذة العظام أمثال مريم روبين وإسماعيل منتصر ومحسن حسنين وحاتم نصر فريد والدكتور عوني عز الدين، والزملاء المعينين أمثال مصطفي علي محمود ومحمود عبد الشكور ومحمد رفعت وحسن سعفان وأميرة خواسك وصالح الفتياني، يحرصون علي تقديم النصح والتدريب الصحفي الحقيقي، عندما اكتشفت أن كل ما تعلمته في أقسام الصحافة الجامعية لا يمت بصلة بالكتابة الصحفية المحترفة.
وبعد سنوات من العمل داخل أروقة مجلة أكتوبر جاء قرار تعييني كصحفي من الكاتب صلاح منتصر، رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير في ذلك الوقت، بعدها بنحو عشر سنوات جاءت المحطة الأهم في عملي الصحفي عندما قرر عمدة الصحفيين الاقتصاديين الأستاذ محمد نجم تأسيس القسم الاقتصادي بالمجلة واختياري ضمن فريق عمله في مرحلة انطلاق الصحافة الاقتصادية في مصر مع بداية الألفية الثانية.
محطات كثيرة ومتعددة، جعلت من مجلة أكتوبر بيتي الثاني، أمضيت بين صالات تحريرها معظم أوقات عمري الصحفي، ذكريات وحكايات صحفية جعلتني مدينًا لهذا الكيان الذي أصبح بعد أكثر من 34 عامًا من العمل داخل محرابه هو بيتي الكبير الذي مهما تغيبت لابد من الرجوع إليه.