أكد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السفير ناصر كامل، على ضرورة العمل من أجل بناء أسس منطقة متوسطية مستدامة ومزدهرة، مشيرًا إلى أن العلم والدبلوماسية يعملان جنبًا إلى جنب للتغلب على التحديات واغتنام الفرص.
جاء ذلك، في كلمته خلال الاجتماع رفيع المستوى حول الدبلوماسية العلمية الذي عقد بـ جامعة الدول العربية ، بحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، وسيجني راتسو نائب المدير العام للأبحاث والابتكار المفوضية الأوروبية، ورومانو برودي الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية.
وأشار "كامل" إلى أن هذا الاجتماع يعقد في (القاعة الأندلسية) بـ جامعة الدول العربية، وهو المكان الذي يذكرنا بالعصر الذهبي في البحر الأبيض المتوسط، حيث تم تبادل المعرفة عبر الثقافات، ليس فقط لتطوير الفلسفة ولكن أيضا للتكنولوجيات العملية مثل الزراعة والطب، حيث تقف "الأندلس" كرمز لكيفية توحيد الحضارات تاريخيًا بين العلم والثقافة، واليوم نهدف إلى مواصلة هذا الإرث.
وأضاف أن الاجتماع يأتي على أعلى مستوى للتفكير والتعرف ومناقشة إمكانات دبلوماسية العلوم كأداة قوية للحوار والتعاون في منطقة البحر الأبيض المتوسط، منوها إلى أنه في وقت تتصاعد فيه التوترات، يذكرنا العلم -من خلال لغته العالمية- بأن الحوار لا يزال ممكنًا، نظرًا لأن العلوم والتكنولوجيا والمعرفة والثقافة ليست مجرد جسور؛ بل محفز للازدهار والاستدامة عبر الحدود.
وأوضح ناصر كامل، أنه بالنسبة للاتحاد من أجل المتوسط، كانت دبلوماسية العلوم جزءًا لا يتجزأ من نهجنا لتعزيز التعاون الإقليمي منذ فترة طويلة، مضيفًا: "نحن نجمع بين البيانات والخبرة مع التواصل الدبلوماسي، لبناء الثقة والتوافق في الآراء في معالجة التحديات المشتركة، وتم تأييد هذا النهج بقوة خلال المؤتمر الوزاري الأول للاتحاد من أجل المتوسط حول البحث والابتكار، حيث أقر وزراؤنا بالدور الإيجابي لدبلوماسية العلوم في تعزيز التعاون الإقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط مع تطوير المهارات وتعزيز تداول المواهب".
وتابع أن هذا الإيمان المشترك بقوة العلم كجسر دفع الاتحاد من أجل المتوسط و المفوضية الأوروبية إلى تنظيم المؤتمر الأورومتوسطي الأول حول دبلوماسية العلوم في العام الماضي، لافتًا إلى أنه في هذا العام، نخطو خطوة أخرى إلى الأمام، حيث نوحد جهودنا مع جامعة الدول العربية و المفوضية الأوروبية للجمع بين الرؤى المتنوعة وأصحاب المصلحة وسبل جديدة للتعاون.
وتساءل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط: لماذا يعتبر العلم قوة كبيرة للدبلوماسية في البحر الأبيض المتوسط؟، مستطردًا: "لنأخذ تغير المناخ كمثال، لفترة طويلة، لم يكن البحر الأبيض المتوسط نقطة محورية في مفاوضات المناخ العالمية، لأنه مقسم بين ثلاث قارات ومجموعات تفاوضية مختلفة. لقد غير العلم ذلك".
وشدد على أنه بفضل عمل المعاهد والمبادرات والباحثين الأفراد، أصبح لدينا الآن فهم أعمق بكثير للبحر الأبيض المتوسط باعتباره نظامًا بيئيًا فريدًا ومترابطًا، منوهًا إلى أن هذا الحوض شبه المغلق ليس المكان الذي نعيش فيه فحسب، بل هو أيضًا المكان الذي نواجه فيه جميعًا تحديات مناخية مشتركة.
وذكر أن اليوم يُنظر إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط باعتبارها ثاني أسرع منطقة احترارًا في العالم، حيث ترتفع درجات الحرارة بنسبة 20% أسرع من المتوسط العالمي، وكانت هذه المعرفة بمثابة دعوة للاستيقاظ، لتذكيرنا بأننا جميعًا في نفس القارب.
وأوضح أننا حصلنا على هذه المعرفة بفضل تفاني فريق خبراء البحر الأبيض المتوسط المعني بتغير المناخ (MedECC)، وهي الشبكة التي أصدرت أول تقرير شامل عن تأثيرات تغير المناخ عبر البحر الأبيض المتوسط، مما أدى إلى خلق أساس متين للسياسات والعمل.
وتابع: "كما أننا نعمل بشكل وثيق مع نظام كوبرنيكوس للأقمار الصناعية للتنبؤ بآخر التطورات ورصد الظواهر المناخية مثل حرائق الغابات والانبعاثات، وهي أدوات حاسمة في جهودنا للتكيف مع آثار تغير المناخ والتخفيف من آثارها".
وأبرز ناصر كامل، فوائد التعاون العلمي، إذ تمتد إلى ما هو أبعد من المناخ، قائلاً: "ولنتأمل هنا مبادرة بريما، التي تشجع الحلول المبتكرة للزراعة المستدامة وإدارة المياه، وهي قطاعات بالغة الأهمية للأمن الغذائي في منطقة البحر الأبيض المتوسط".
وذكر بأنه وعلى نحو مماثل، كانت مبادرة البحر الأبيض المتوسط في إطار مبادرة "آفق أوروبا" مفيدة في تعزيز أولويات البحث والإبداع في الاتحاد من أجل المتوسط في مجالات رئيسية مثل المناخ والطاقة والصحة.. وتجسد هذه المبادرات روح التعاون والملكية المشتركة التي تعتبر ضرورية لمستقبلنا المشترك.
وقال إنه لآلاف السنوات، كان تبادل المعرفة والتكنولوجيا حجر الزاوية في منطقتنا، وأن اجتماع اليوم يذكر بأنه على الرغم من خلافاتنا، لدينا ما هو مشترك أكثر بكثير مما يفرقنا.
واختتم الأمين العام كلمته، بالإعراب عن أمله أن يكون اليوم بمثابة مساحة مثمرة للتفكير والتواصل والتعاون، مما يسمح بوضع الأساس لرؤية جديدة لدبلوماسية العلوم - رؤية تعزز التبادلات، وتبني القدرات، وتقوي الشبكات، وتحفز الإجراءات المشتركة لصالح العالم.