كارتر فى عيد ميلاده الـ 100 .. "ضحك وحب" وطموحات سياسية

كارتر فى عيد ميلاده الـ 100 .. "ضحك وحب" وطموحات سياسيةكارتر

"إنها هدية. إنها هدية لم أكن أعلم أننا سنحصل عليها".. هكذا وصف جوش كارتر، أحد أحفاد الرئيس الأمريكي السابق جيمى كارتر ، بقاء جده على قيد الحياة حتى الآن، فى مقابلة أُجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز"، فمنذ ما يقرب من عامين ، فى فبراير 2023، عندما قرر كارتر التوقف عن تلقي رعاية صحية في المستشفى والانتقال إلى منزله في بليتز بولاية جورجيا لتلقي رعاية نهاية الحياة، اعتقد بعض الأقارب أنه لم يتبق له سوى بضعة أيام ليعيشها.

وفي الأول من أكتوبر احتفل جيمي كارتر بعيد ميلاده المئة ، ما يجعله أول رئيس أمريكي على قيد الحياة يصل إلى هذا السن.

وبهذه المناسبة، تقيم مدينة بلينز ، مسقط رأس كارتر ، أنشطة احتفالية إذ حلقت طائرات عسكرية بما في ذلك أربع طائرات من طراز إف 18- فوق المنطقة وتُقام مراسم منح الجنسية لحوالي 100 مواطن جديد من 300 دولة على شرف الرئيس السابق.

واحتفاءً بهذه المناسبة أيضا، يقوم متطوعون من منظمة "هابيتات فور هيومانيتي (Habitat for Humanity)، مؤسسة الإسكان الخيرية التي عمل معها كارتر لمدة 40 سنة - ببناء 30 منزلاً في ولاية مينيسوتا هذا الأسبوع.

ويأتي ذلك بعد حفل موسيقي حضره عدد كبير من النجوم والشخصيات العامة والمشاهير أقيم في أتلانتا بولاية جورجيا الثلاثاء الماضى للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس 39 للولايات المتحدة ولجمع الأموال لمركز كارتر.

وقال كارتر في ذلك الوقت: "لقد كانت أمسية مذهلة حافلة بالموسيقى الجيدة والأمنيات القلبية، ودخلتُ التاريخ كأول احتفال بعيد الميلاد المئة لرئيس أمريكي على قيد الحياة".

وبُث الحفل، الذي جمع أكثر من 1.2 مليون دولار وتضمن أيضاً عرض رسائل مسجلة من رؤساء آخرين، على قناة هيئة البث العامة في جورجيا. كما قدم الحفل العشرات من الأعمال الموسيقية بحضور الآلاف. وقالت عائلة كارتر إن الرئيس السابق شاهد البث.

آخر ظهور:

وكانت المرة الأخيرة التي ظهر فيها كارتر في حدث عام- يُعد ظهوره نادر في الفترة الأخيرة- في نوفمبر 2023 عندما شارك في تأبين زوجته روزالين التي توفيت عن عمر يناهز 96 عاماً في وقت سابق من ذلك الشهر.

ويظل زواجهما الذي دام 77 عاماً هو الأطول بين أي زوجين ولم يسبق لأي منهما الزواج من آخر.

وخضع كارتر، وهو ديمقراطي خدم في البيت الأبيض لفترة واحدة من عام 1977 إلى عام 1981، خلال الأشهر 19 الماضية لرعاية المسنين في ولايته جورجيا، والذي انتخب حاكماً لها سابقاً.

لكن مزارع الفول السوداني السابق، الذي دخل عالم السياسة لأول مرة في الستينيات من القرن العشرين كعضو في مجلس الشيوخ عن الولاية، لا يزال "مندمجاً عاطفياً مع من حوله من الناس ولا يزال يخوض تجارب ويضحك ويحب"، وفقاً لتصريحات أدلى بها حفيده جيسون في سبتمبر.

كما يبدو أن الرئيس الأمريكى السابق، الحائز على جائزة نوبل للسلام ، لا تزال لديه طموحات سياسية، إذ أكد حفيد كارتر إنه قال: "أحاول فقط أن أتمكن من التصويت لصالح كامالا هاريس" في إشارة إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر المقبل.

من البحرية للفول السودانى:

جيمي كارتر من مواليد عام 1924 في بلينز بولاية جورجيا، وتخرج من أكاديمية الولايات المتحدة البحرية في عام 1946، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم وانضم إلى البحرية الأمريكية، إلا أنه بعد وفاة والده في عام 1953، غادر حياته المهنية البحرية وعاد إلى بلينز، حيث تولى إدارة أعمال عائلته في مجال زراعة الفول السوداني.

وخلال هذه الفترة، عمل كارتر على معارضة التمييز العنصري ودعم حركة الحقوق المدنية المتنامية. وأصبح ناشطا في الحزب الديمقراطي، ليتم انتخابه فى عام 1967عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا ثم تولى منصب حاكم الولاية عام 1971.

وبعد خمس سنوات، فاز في انتخابات الرئاسة الأمريكية على حساب الرئيس الأمريكي الجمهوري السابق جيرالد فورد ليصبح الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة.

لكن سرعان ما تراكمت المشكلات التي واجهها فور توليه الرئاسة الأمريكية.

فعلى الصعيد الداخلي، شهدت البلاد أزمة نفط أسفرت عن ارتفاع في التضخم والبطالة، مما أدخل الرئيس كارتر في معاناة أثناء محاولة إقناع الأمريكيين بإجراءات تقشف كان لابد من تطبيقها حتى تمر الأزمة.

وكان الحدث الأهم على الإطلاق في تاريخ كارتر كرئيس للولايات المتحدة هو توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، كما وقع اتفاقية كفلت لبنما استعادة السيطرة على قناة بنما.

لكن في عام 1979، أُسقط آخر شاه لإيران واحتجز 66 أمريكيا كرهائن في إيران. وقطع كارتر العلاقات الدبلوماسية مع إيران ردا على إسقاط الشاه، كما بدأ المقاطعة التجارية لطهران.

رغم ذلك، رأى الأمريكيون أنه ليس قويا بما فيه الكفاية، وبدأت شعبيته تتراجع، إذ احتجز الرهائن الأمريكيون في إيران لمدة 444 يوما. كما تعرض ترتيبه في استطلاعات رأي الانتخابات الرئاسية لضربة أخرى بعد محاولة لإنقاذ الرهائن من إيران باءت بالفشل وأدت إلى مقتل ثمانية جنود أمريكيين.

وأجلت إيران إطلاق سراح الرهائن حتى تولى رونالد ريجان حكم الولايات المتحدة خلفا لكارتر.

عطاء لم يتوقف:

ومنذ مغادرته البيت الأبيض، ظل كارتر فاعلا في البلاد، إذ كان يعمل في أنشطة إنسانية مع مركز كارتر.

كما ترأس وفدا لإقناع القادة العسكريين في هايتي بتسليم السلطة عام 1994 وتوسط من أجل وقف إطلاق النار في البوسنة، وهو ما مهد الطريق أمام إبرام معاهدة سلام في المنطقة.

كما اكتسب سمعة دولية جيدة لعمله في الارتقاء بحقوق الإنسان، وحصل على جائزة نوبل عام 2002.

وأسس، بالتعاون مع نيلسون مانديلا، مجموعة "ذي إلدرز"، التي تتكون من عدد من القادة الدوليين كرسوا أنفسهم للعمل من أجل السلام وحقوق الإنسان.

كما كان يسافر كثيرا حول العالم حتى أوائل التسعينيات من القرن العشرين- وشارك في رحلات سنوية لبناء منازل مع مؤسسة هابيتات الخيرية للأعمال الإنسانية.

لكن الرئيس الأمريكي السابق دخل في معاناة مع المرض في السنوات الماضية. وفي أغسطس 2015، خضع كارتر لجراحة لإزالة ورم سرطاني من الكبد.
وفي العام التالي، أعلن أنه لم يعد في حاجة إلى المزيد من العلاج، إذا قضى علاج تجريبي على السرطان في جسمه تماما .

وطالما أظهر كارتر في الكثير من المناسبات هدوء مذهلا في التعامل مع التحديات الصحية التي يواجهها.

وفي 2015، قال كارتر: "أشعر براحة كبيرة مهما يحدث لي، لقد عشت حياة مثيرة، وحافلة بالمغامرة والسعادة".

أضف تعليق