منذ اشتعال نيران الحرب فى غزة وتوسيع العمليات فى الشمال والجنوب، دعا قادة جيش الاحتلال إلى ضرورة وضع خطة جديدة للجيش تغير بها تكتيك الحرب، وجاء ذلك بناء على إجراء جيش الاحتلال لمجموعة من التحقيقات للكشف عن نقاط الضعف أو الثغرات التى وقعت فيها وحداته وتسببت فى وقوع أحداث 7 أكتوبر، فتوصل إلى أنه فى حاجة إلى إعادة تفعيل وحداته الخاملة.
كان من بين هذه الوحدات وحدة «حاتسيف» التى اعترف بعض القادة العسكريين والأمنيين المتقاعدين ب الموساد بأن وقفها كان خطأ كبيرا، ويعد أحد أسباب نشوب أحداث 7 أكتوبر، حيث كانت على رأس الوحدات التى لديها قدرة على اختراق معلومات أمنية بشكل دقيق وبمهارة عالية، ناهيك عن وحدة «الشبح» التى تعد بمثابة جيش مصغر لجيش الاحتلال، وكان لها دور كبير فى اقتحام الأنفاق، والتى أعيد تطويرها وتفعيلها بعد 4 سنوات من تهميش أعمالها.
صحيفة «هآرتس»، ذكرت أن هذه الوحدات العسكرية ظهرت بجيش الاحتلال بعدما اكتشف قادته عن طريق التحقيقات أن القتال البرى شبه مستحيل بسبب مجموعة من التحديات تتمثل فى وجود كثافة سكانية كبيرة للمدنيين والمختطفين ب غزة وانتشار الأنفاق فى كل زاوية، ونوهت الصحيفة إلى أن معظم تلك الوحدات سرية وبعضها الآخر كشفت عنها التقارير العبرية بعد أحداث لبنان، وأنها ساعدت بشكل كبير فى جمع المعلومات لتحديد الأهداف وتنفيذ قائمة اغتيالات لقادة المقاومة، فهى وحدات تعمل دائمًا بهدوء، ودائمًا فى الظل، ودائمًا فى مهام خاصة، يتم دمجها مباشرة فى الألوية وتقاتل مع القوات النظامية، مشيرة إلى أنه فى الحروب الماضية كانت هناك انتقادات بأن الوحدات الخاصة لم يتم تفعيلها بشكل صحيح.
وأوضحت «هآرتس»، أنه وفقاً لذلك فقد أعلن مؤخرًا جيش الاحتلال أنه أعاد تفعيل وحدة «حاتسيف» أو وحدة «الأسطول»، فهى المسئولة عن الاستخبارات مفتوحة المصدر (OSINT) فى جهاز استخبارات جيش الاحتلال، وتعد من أهم الوحدات وأخطرها، فهى تجمع كمية كبيرة من «المعلومات الأولية» من مصادر عامة مختلفة، بما فى ذلك وسائل التواصل الاجتماعى، لدعم قسم الأبحاث فى قسم الاستخبارات لمعالجة المشهد الاستخباراتى بجمع المعلومات وبدقة من جميع الدول المجاورة ليصبح لها دور فى عملياتها العسكرية فى المستقبل وتحديد استهدافاتها بشكل أكثر دقة.
وكانت تلك الوحدة ونشاطها البشرى الزائد فى عمليات الاستخبارات يثير قلق الموساد الإسرائيلى لذلك قرر جيش الاحتلال فى عام 2021 إغلاقها وقام بنسب جميع المعلومات الاستخبارية التى جمعها جنودها لسنوات طويلة لنفسه، مثل ترجمات الأخبار من وسائل الإعلام التقليدية للدول المجاورة، بما فى ذلك الإذاعة والتليفزيون والصحف، والدراسات الأكاديمية والكتب والكتيبات والمنشورات والوثائق، فهى تقوم على نشر الملخصات اليومية وترجمات المقالات باللغة العربية وتوزيعها على مكاتب المخابرات وصناع القرار فى التنظيم.
وعندما تأسست «حاتسيف» فى يونيو 1949، تضمنت واجباتها الأولية جمع المعلومات من استجوابات السجناء والمعتقلين، بالإضافة إلى المصادر البشرية الأخرى ومراقبة وسائل الإعلام، بينما الآن تقوم بمراقبة وتحليل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى فى جميع المجالات واللغات، مع التركيز على اللغتين العربية والفارسية، بما فى ذلك منصات بارزة مثل فيس بوك وتويتر وإنستجرام وتيك توك ويوتيوب، وإعداد تقارير عن المزاج العام فى مختلف البلدان والمناطق، مع التركيز على القضايا السياسية والعسكرية وغيرها.
وتركز «حاتسيف» على توظيف الأشخاص الذين يتقنون اللغات الأجنبية المستخدمة فى البلدان المستهدفة، وكذلك أولئك المنغمسين فى عالم الإنترنت ولديهم فهم جيد لوسائل التواصل الاجتماعى، فهى لا تستفيد من الذكاء التكتيكى الذى تجمعه فحسب، بل تجمع أيضًا بيانات استراتيجية حول المشاعر العامة داخل مجتمعات المقاومة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، واستغلال هذه المعلومات فى مجالات مختلفة مثل التحريض على التمرد عبر أعمال كالاغتيالات والتفجيرات الغامضة.
كما أعيد تفعيل وحدة أخرى تدعى وحدة «متعددة الأبعاد» بعد إعادة تسميتها لتصبح «وحدة الشبح» والتى بدأ تفعيلها بعد 7 أكتوبر بأيام، وهى وحدة متفرعة من فرقة 99 التى تستخدم كقوة ضاربة سريعة المناورة متخصصة فى الحرب فيما بين التضاريس المعقدة، وتتكون الفرقة 99 من لواءين مشاة ولواء مدرع وأضيفت إليهم وحدة الشبح كوحدة كوماندوز جديدة، والمكونة من ضباط من سلاح الجو، والاستخبارات، وأوكيتس «وحدة الكلاب المدربة»، والمدفعية والمدرعات والمشاة، وهى مجهزة بتقنيات متقدمة، بما فى ذلك أجهزة المراقبة والطائرات بدون طيار الهجومية والروبوتات.
وتستخدم الوحدة قدرات متنوعة لكشف العدو ومهاجمته من الأمام وبضربات جوية قريبة المدى، لكن لا تزال معظم التقنيات التى تستخدمها الوحدة سرية، ومن بين تلك التى سمح بنشرها فى العام الماضى فقط، تمت الإشارة إلى «وحيد القرن» وهى طائرة بدون طيار تسمح بإطلاق قنابل يدوية بدقة من الجو، ما يوفر قدرة حاسمة فى القتال فى المناطق المدنية.
ووفق معلومات سرية نشرتها صحيفة « إسرائيل اليوم»، للمرة الأولى، فإن الشبح تستخدم قنبلة الهاون الجديدة «Steel Sting» التى طورتها شركة Elbit، وهى عبارة عن قنبلة هاون دقيقة قادرة على التنقل إلى الهدف باستخدام إحداثيات نظام تحديد المواقع (GPS)، وأيضًا استخدام صاروخ موجه على شعاع الليزر، كما تم استخدام نظام PEMS الجديد لأول مرة فى الحرب الحالية، كجزء من أنشطة الشبح، وهى أنظمة مراقبة الانبعاثات التنبؤية التى تعتمد على تفاعل مُتطور بين أجهزة الاستشعار وتحليل البيانات والنمذجة التنبؤية.
وأضافت الصحيفة، أن كل تلك الإمكانيات التى تتوفر لفرقة الشبح التى أعيد تفعيلها مرة أخرى أثناء الحرب، جاء من أجل تغيير أسلوب القتال فى جيش الدفاع الإسرائيلى، من خلال تحويل الوحدة نفسها إلى جيش صغير وذكى يعتمد على مجموعات من الطائرات بدون طيار الهجومية والاستطلاعية والمركبات الجوية بدون طيار والدبابات وفرق المشاة التى تجمع المعلومات الاستخبارية وتشارك فى توجيه الطائرات بدون طيار إلى الهدف.
ونوهت بأن فرقة الشبح كانت موجودة بالفعل فى عام 2019 كجزء من مشروع شخصى لرئيس الأركان آنذاك أفيفى كوخافى، بهدف دعم قواته بخططها التكتيكية فى مجال الاستخبارات والقدرات النارية، لكن أعلن قادة جيش الاحتلال قبل حرب غزة بسنوات أنه تم إيقافها بحجة وجود عيوب داخلية بها، منها الميزانيات العالية التى طلبتها الوحدة من ميزانية الدولة لإجراء التدريبات الخاصة بها.
كما أعاد جيش الاحتلال تفعيل وتطوير وحدة أخرى تدعى «يالام»، حيث أجرى الذراع البرى له، خاصة سلاح الهندسة، تدريبات للتعامل مع تحدى الأنفاق فى غزة، وقد تم توسيع فرقها ومعداتها التكنولوجية لاستكشاف الأنفاق، ومعها وحدة خاصة تدعى «ستينج»، تم تدريبها على العمل تحت الأرض كفرق مخصصة لتدمير الأنفاق الأكبر حجمًا، وبحسب منشورات أجنبية، فقد نفذ جيش الاحتلال خلال الحرب مشروعًا يسمى «أتلانتس»، يتم من خلاله ضخ مياه البحر إلى الأنفاق على أمل إغراقها.