كتبت : سمر شافعى
عكست وسائل الإعلام الإسرائيلية فى تقاريرها الإسبوع المنقضى حالة من الإطمئنان والسكينة، تجاه النتائج التى يمكن أن يصل إليها مؤتمر القمة الذى تعقده جامعة الدول العربية بالأردن.
وحسب رؤية الكاتب الإسرائيلى "تسفى برئيل" التى احتوتها مقالته المنشورة بصحيفة "هآرتس، فالقضية الفلسطينية مع إستمرار إنقسام الفصائل الفلسطينية مازالت على هامش المناقشات بالقمة، والدول العربية أصبح يسيطر عليها الوجود الإيرانى وفى صدارت هذه الدول اليمن والعراق وسوريا، ويأتى هذا مع تأكيد مجموعة كبيرة من المحللين السياسيين العرب بأن مؤتمر القمة بجامعة الدول العربية هذا العام رغم بلوغ حضوره 26 دولة إلا أن إختلاف الأجندات بين الدول لحل مشاكل المنطقة يحتاج إلى معجزة.
وأضاف الكاتب الإسرائيلى أن جامعة الدول العربية ليست الحلبة الصحيحة لحل مشاكل المنطقة، فقد كان هناك تخوفات أختبأت وراء كواليس القمة طوال الوقت ومن خلال المحادثات الهاتفية المتبادلة بإستمرار بين دول القمة، خوفا من أن تشوبها شائبة ، حيث من المتوقع طرح 30 موضوعاً على جدول أعمال القمة من الحرب فى اليمن، مروراً بالحرب السورية التى قتل فيها طوال السنوات الماضية ما بين 350 إلى 450 الف سورى وحتى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى.
كما أكد برئيل أن القضية الفلسطينية ستحتل هذه المرة مركز النقاش كما لو أنه لم يتم مناقشتها فى السنوات الماضية، فهذا هو الصراع الوحيد الذى يمكن لكل الدول العربية أن تعرض عاملاً مشتركاً بشأنه ، ولكن هذه المرة من المتوقع أن يفجر الفلسطينييون مفاجئة لإسرائيل من العيار الثقيل بطرح اقتراحا سياسيا جديدا على الطاولة ، لكن مازال هذا الإقتراح مبهم الملامح ولاأحد يعلم إلى الآن إذا كان هناك فرصة لطرحه بالقمة فعلا.
وأشار الكاتب إلى أن الجامعة العربية هى التى ستفاجئ العالم بتبنى توجه جديد إزاء الصراع بدعم إقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، وذلك لأن المعادلة السابقة وهى الأرض مقابل السلام لم تنجح فى إقناع إسرائيل والإدارة الأمريكية بالعمل من أجل دفع السلام، لأنها كانت أيضاً طموحة جداً وشملت هضبة الجولانو قطاع غزة.
كما يعقتد عدداً من المحللين العرب الذين أدلوا بأرائهم لصحيفة هآرتس أنه آن الأوان لتبنى سياسة جديدة تتفق مع الواقع الميدانى الذى تواصل فيه إسرائيل البناء فى المستوطنات وتقليص فرص إقامة الدولة الفلسطينية كل يوم ، كما أن الدول العربية ليس لديها أى رافعة ضغط لتفعيلها ضد إسرائيل، ولكن إذا تمسك ترامب بتصريحاته مع نتنياهو بإقامة دولة فلسطينية، وعدم منح الضوء الأخضر لتوسيع البناء الإسرائيلى فى المناطق فهذه فرصة لإقناعه بتبنى الفكرة، ومنحه محفزات للعمل وفقاً لذلك، وهذه من أحد الأفكار التى ناقشها الملك الأردنى عبد الله مع ترامب ولم يرفضها حتى النهاية.
وتأتى رؤية الكاتب الإسرائيلى متفقة تماما مع الرؤية الرسمية لحكومة نتينياهو، وإعلان إسرائيل عن إصرارها على التخلى عن حل الدولتين، وهذا ما صرح به لـ "هآرتس" النائب يئير لبيد رئيس حزب يوجد مستقبل الإسرائيلى الذى إمتنع مؤخراً عن الحديث عن إقامة دولة فلسطينية وتحديدا من خلال رسائله السياسية الموجهة لليمين الإسرائيلى ، بعد أنا كان يدعو منذ عام ونصف إلى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وعاصمتها رام الله ، ولكنه الآن يتحدث عن الإنفصال طويل الأمد على مراحل بطيئة جداً أقصاها 20 عاماً تعتمد على ترتيبات أمنية بالأساس.
جاء ذلك فى الوقت الذى نشرت فيه صحيفة "يسرائيل هيوم" استطلاعاً للمركز المقدسى لشئون الجمهور والدولة، وقد أظهر الاستطلاع وجود تراجع تدريجى فى استعداد الجمهور اليهودى فى إسرائيل للموافقة على الإنسحاب فى إطار اتفاق يشمل إقامة دولة فلسطينية، وأظهر أن غالبية المستطلعين يرون أن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى هو التهديد الوحيد لوجود إسرائيل، كما يؤكد بعض المحللين الإسرائيليين أنه إذا لم تنفصل إسرائيل عن الفلسطينيين سيكون هذا نهاية مؤكدة لإسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية
وعلى الرغم من هذا لم تجد إسرائيل حلاً لصراعها مع الفلسطينين فى ذلك الإطار بعد الآن بل فى إطار أبعد من ذلك ، وهو يأتى بخطوة التحالف الإسرائيليى مع الدول العربية السنية ، كما ذكرت صحيفة "معاريف الإسرائيلية"، كالسعودية على سبيل المثال وغيرها من الدول السنية المشتركة فى دائرة التهديد الإيرانى وجعلها وسيط فى صنع السلام مع الفلسطنيين ، ليخلق ذلك مصلحة إستراتيجية معها بخلق تحالف عسكرى ضد إيران، كما أشارت معاريف أن فرصة التحالف يمكن أن تكون ضعيفة مع دول كالمملكة العربية السعودية لأنه يجب أن يأخذ فى الإعتبار الوضع الأمنى المختلف بينها وبين إسرائيل أمام إيران ، فالخطر الأمنى بالنسبة للسعودية أمام إيران يكمن فى خطر التخريب الداخلى بغرض قلب نظام الحكم السعودى، وخاصةً مع الوجود الشيعى فى شرق المملكة، إلى جانب التهديد الأبعد المشترك مع إسرائيل وهو التهديد النووى ، هذا إلى جانب الصراع القديم بين البدين السياسيى الدينى بين السنه والشيعة منذ بداية القرن الـ 16 لا يأتى هذا فى الوقت الذى نادى فيه رئيس الحكومة البريطانية السابق تونى بلير أثناء مشاركته فى مؤتمر اللوبى اليهودى الأمريكى فى واشنطن (حسب ما جاء فى صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية) ، إلى التغيير فى التوجه نحول حل الصراع والسعى إلى السلام فى الشرق الأوسط ، مشيراً أن عملية التسوية بين إسرائيل والدول العربية تسير بشكل جيد، ومؤكداً أنها سوف تسير بشكل أفضل عندما تستطيع إسرائيل التوصل إلى تفاهمات مع الدول العربية السنية المحيطة بها، ومن ثم السعى للتوصل إلى إتفاق مع الفلسطينيين ، بحيث تكون هناك علاقات مفتوحة بين الطرفين وعلنية تشمل إعترافاً رسمياً بدولة إسرائيل خاصةً أنه - حسب قول بلير - هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل وبقية الدول العربية وهو الخوف من حصول إيران على السلاح النووى.