صدور كتاب «ملامح العدل الالهي في المسرحين العبري والعربي» للدكتورة ندى يسري

صدور كتاب «ملامح العدل الالهي في المسرحين العبري والعربي» للدكتورة ندى يسريصدور كتاب «ملامح العدل الالهي في المسرحين العبري والعربي» للدكتورة ندى يسري

اتجاه الريح10-12-2018 | 18:50

كتب: حسام أبو العلا
صدر للدكتورة ندى يسري مدرس الأدب العبري بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ومؤسس صالون الأدب العالمي بمركز الحرية للإبداع كتاب "ملامح العدل الالهي في المسرحين العبري والعربي .. دراسة مقارنة في مسرحيتي آلام أيوب لحانوخ ليفين وأيوب لميخائيل نعيمة " عن دار منشأة المعارف.
وتقول الكاتبة في مقدمة الكتاب : شغلت الأسئلة المتعلقة بالعدل الإلهي الأذهان منذ قديم الأزل ؛ حيث وقف الوعي الأخلاقي الإنساني حائرًا إزاء إشكالية عدم وحدة الفضيلة والسعادة في هذا العالم وذلك عندما يُلاحظ معاناة الأخيار، بينما الذين يفتقرون إلى الأخلاق ينعمون، وهو الأمر الذي يعني معاناة الأخلاق العقلية مشكلة لم تجد لها حلاًّ شافيًا، فتغاضت عنها أحيانًا وفسرتها تفسيرات ما ورائية في أحيان أخرى.
حتى جاءت الأديان التوحيدية الثلاثة لتؤكد في مجملها عدالة الإله ورحمته وأنَّه لا يريد إلا الخير لعباده، بيد أنَّ هذه الرؤى الثلاث قد اختلفت في بعض الأحيان وفقًا لدرجة استيعاب كلٍّ منها لمفهوم الألوهية المجرَّدة.
وقد كان هذا الاختلاف حول هذه القضية سببًا لاختياري إشكالية العدل الإلهي, وإننا إذا كنا بصدد الحديث عن العدل الإلهي فإننا لن نجد مثالاً أفضل من شخصية " أيوب " أو" الصابر المبتلى " تلك الشخصية التي تمَّ تداولها على مر العصور ؛ حيث نجدها في فكر ما قبل الديانات التوحيدية، كما في الأساطير البابلية والمصرية القديمة، بل والهندية أيضًا, ثم في الأديان التوحيدية التي حفظت هذه الشخصية من النسيان, وأضفت عليها من روحها ؛ فتناولتها كلُّ ديانة وفقًا لرؤيتها لمفهوم الألوهية.
فقد ناقش " سفر أيوب " في العهد القديم قضية العدل الإلهي بعمق فلسفي وروحي شديدين، طارحًا عددًا من القضايا المهمة مثل:
المعاناة الإنسانية غير المبررة، والمعرفة الإنسانية المحدودة في مقابل العلم الإلهي اللانهائي، وكذلك أسباب وجود الشر في العالم، وشقاء البار وسعادة الشرير والموت والمصير الإنساني، والاغتراب عن النفس وعن الإله.
أمّا المسيحية فقد تناولت شخصية " أيوب " كما أوردها العهد القديم في ضوء فهمها لفكرة " الفادي " المسيحية، ولفكرة التطهُّر من خلال المعاناة، وكذا من خلال رؤيتها لمفهوم المحبة المسيحي.
في حين تناول الإسلام شخصية " أيوب " بوصفه نموذجًا للصبر على المعاناة والثقة في عدالة الإله ورحمته وهوما يظهر في قوله تعالى: (وأيُّوبَ إذْ نادَى ربَّه أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ . فاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةُ مِنْ عِنْدَنَا وذِكْرَى لِلعَابِدِينَ) (سورة الأنبياء : 83، 84).
ثم جاء الفولكلور الذي يمثل الذاكرة الشعبية ليحفظ قصة " البار المبتلى " في سيرة " أيوب وناعسة ", حتى جاء الأدب ليمثل عصارة هذا التفاعل الإنساني فيتخذ من " أيوب " رمزًا يتناوله الكُتَّاب والشعراء كلٌّ حسب رؤيته ؛ حيث استلهم " جوته " شخصية " أيوب " في دراما " فاوست " واستلهمه " بدر شاكر السيَّاب " في قصيدته " سفر أيوب " وكذا استلهمه كثير من الأدباء المعاصرين في الوطن العربي أمثال اليمنيّ " عبد العزيز المقالح " في قصيدته " أيوب المعاصر ", والسعودي " خالد علوان العبيدي " في مسرحيته " أيوب – مونودراما من فصل واحد ", وكذلك الكاتب والمخرج المسرحي المصري " يس الضو" في مسرحية " أيوب وناعسة ", وكذا " زكريا الحجاوي " في ملحمته الشعبية " أيوب وناعسة".
غير أن ما دفعني إلى اختيار مسرحيتي " آلام أيوب " لـ " حانوخ ليفين " و"أيوب" لـ " ميخائيل نعيمة " كنموذجين تطبيقيين لقضية العدل الإلهي، هوتلك الرؤية المتباينة للأديبين في فهم قضية العدل الإلهي ؛ وذلك نظرًا لاختلاف ثقافة وفكر وأيديولوجية هذين الأديبين، وظروف العصر الذي ينتمي إليه كلٌّ منهما.
فكلُّ أديب منهما يقدِّم رؤية مختلفة لسفر أيوب متناولاً قضية العدل الإلهي من خلال معالجة السفر مسرحيًّا ؛ حيث يُقدِّم كلٌّ منهما زاوية رؤية مختلفة باختلاف رؤيته للمنظومة الدينية والأخلاقية بصفة عامة ؛ فـ " حانوخ ليفين " ينطلق من فهم وجودي عبثي لمفهوم الدين والإله، أمّا " ميخائيل نعيمة " فإنّه يعالج القضية من منطلق ديني إيماني مسيحي ممتزج برؤية صوفية قد تقترب في بعض الأحيان من المفهوم الإسلامي للقضية.
ورغم الظروف المختلفة التي أسهمت في وضع لبنات البناء الفكري للأديبين، إلا أنَّ حالة " الاغتراب " التي عاشها كلٌّ منهما كانت رابطًا قويًّا شجعني على المقارنة بين رؤية هذين الأديبين لقضية العدل الإلهي من خلال المعالجة المسرحية لسفر أيوب وباختلاف صورة ودرجة الاغتراب اختلفت المعالجة الدرامية للقضية.
ولم يكن اختياري لهاتَين الرؤيتين من باب التأييد أوالرفض، وإنَّما كان بغرض الدراسة والتحليل وإلقاء الضوء على جوانب اختلافهما واتفاقهما في فهم وتناول القضية. وآملُ أن أكون قد وُفقتُ إلى ما قصدت إليه من هذا الجهد المتواضع .
 يذكر أن د. ندى يسري مدرس الأدب العبري بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ومؤسس صالون الأدب العالمي بمركز الحرية صدر لها بحث بعنوان (أثر صورة العربي في الأدب العبري الحديث _قصة البدو والأفعي لعاموس عوز نموذجا )- مجلة رسالة المشرق –مركز الدراسات الشرقية – جامعة القاهرة – لعام 2012.
وبحث بعنوان (ثنائية العذاب والمغفرة في الديانات التوحيدية في ضوء تطور مفهوم الألوهية ) – مجلة رسالة المشرق –جامعة القاهرة –لعام 2013
وبحث بعنوان (رهاب الآخر في رواية العصفورية لغازي القصيبي) –مؤتمر الأدباء بالمدينة المنورة –المملكة العربية السعودية – سبتمبر 2013
وبحث بعنوان (تعدد الفضاء المكاني في رواية ( جوانتنامو ) ليوسف زيدان ..المفهوم  ..العلامة ..التأويل) مؤتمر قسم اللغة العربية –جامعة الزيتونة – الأردن – نوفمبر 2013
وبحث بعنوان (سيميوطيقا الفضاء المكاني في رواية (ملائكة السراب ) لموليم العروسي)-مختبر السرديات –مكتبة الإسكندرية –إبريل 2014-
وبحث بعنوان : (لغة السرد الجنوسي في رواية (خاتم) لرجاء عالم )- مؤتمر جواثة – الإحساء – المملكة العربية السعودية – مايو2014-
وكتاب بعنوان (العدل الإلهي في مرآة الأديان والأدب –أيوب في المسرحين العبري والعربي نموذجا )- منشأة المعارف .
أضف تعليق