ولا فيلم جديد هذا العام عن أكتوبر ولا العام الماضي ولا الذي قبله، كل ما كتب للمعركة ثمانية أفلام طويلة غير عدد من الأفلام القصيرة مثل غير الرصاصة، والحب تحت المطر، وظهرت أفلام «أبناء الصمت» إخراج محمد راضي و« الوفاء العظيم » إخراج حلمي رفلة و«بدور» إخراج نادر جلال، و« حتى آخر العمر » إخراج أشرف فهمي، و«لا وقت للدموع» إخراج نادر جلال، أيضا «شباب هذه الأيام» إخراج عاطف سالم.
أربعة أفلام في العام الثاني للمعركة، المعركة في 6 أكتوبر 1973 وأربعة أفلام في العام الثاني وهو 1975، وثم أعوام 76 و77 و78 دون أن يظهر أي فيلم جديد وبالتالي يكون نصيب كل عام فيلمًا ونصف فيلم.
المطلوب فيلم يقدم المعركة بأبعادها وبآثارها ونتائجها بالدوافع التي حركت التخطيط والإعداد والتنفيذ، معركة عسكرية لها أعماق سياسية واقتصادية واجتماعية وفنية، وتظهر هذه الأعماق في فكرة الفيلم وحواره وأحداثه، وكل ما فيه وتكون مصر كلها في المعركة، مصر بكل أبنائها وحضارتها.
ليس هذا مستحيلا.. لكن كُتّابنا الكبار أقدر عليه، لأن العقل تدرب والخيال أصبح مرنا والقلم يطاوعهم أكثر وتفكيرهم يستطيع التحليل والتبسيط والتأصيل.
إن هذه هي مهمة كبار الكُتّاب، إلا إذا لم يتقدموا لها فإن البحث عن حل يصبح ضرورة والسلام من نتائج معركة أكتوبر عندما تكون علي درجة عالية من القوة فإن العالم يتعامل معك علي أساس العدل ويقبل منك أن يعيش معك في سلام.
احتفال عيد الفن هذه الأيام يفرض أن يكون الفن بروح المعركة، الفن هو الجمال، التعبير عن الجمال هو ما نسميه فنا، السلام من الجمال والقوة داعمة للسلام وعندما لا تعبر عن أشرف معاركنا في العصر الحديث فإنه يتخلي عن روح القوة وروح السلام.
ولا يقبل أن يشترك المطربون في الغناء لمعاركنا، ثم لا يسهم كبار الملحنين، إن حق المعركة ينادي عبد الوهاب والموجي والطويل وبليغ أن يعيدوا أمجاد الأغنية القومية ولابد أن تسهم فرق الرقصات الشعبية.. أين فريدة فهمي وفرقة رضا؟!
ويسهم المسرح خمس سنوات منذ أن بدأت المعركة حتي الآن وكل ما قدمه عشرون مسرحية يعترف مؤلفوها ومخرجوها أنها ليست ناضجة بالمستوي الذي يناسب معركة أكتوبر.
نسألهم عن الأسباب وأكثرهم يقول إن المؤلف لم يتقدم بمسرحيات لأن أكثر المؤلفين لم يكتبوا، بعضهم يقول إن عندنا أزمة في المؤلفين، أليس هذا جانبا من الضعف مع أن المعركة نشاط قوي، وجوانب حياتنا كلها لابد أن تكون قوية وليست القوة المسلحة فقط، إنما للقوة أعماق، ولها قدرة النمو مثل البذور الطيبة وتظل تتوالد وتتسلسل لتضع كل المعاني الجمة التي نحبها.
وفي أمريكا موجة أفلام جديدة عن حرب فيتنام ، والأفلام لا تؤيد حرب فيتنام مع أن حرب فيتنام معارك تريد أمريكا أن تنساها، فإن السينما لا تستطيع أن تتخطاها أو تنساها وحيث توجد الحروب تكون أفضل الفرص متاحة للسينما، أمريكا لها أفلامها الحربية الكبيرة مثل «الساعة الثانية عشرة» الذي مثله جريجوري بيك وفيلم السونكي والاتحاد السوفيتي ينتج أفلاما كبيرة مثل «موسكو ترد الضربة» و«حصاد لينجراد» و«مصير إنسان» و«أنشودة الجندي».
ألمانيا لها أفلامها وإيطاليا أيضا، أية دولة دخلت الحرب سارعت السينما تلاحقها، إسرائيل أيضا صورت معاركها في أفلام، بعض هذه الأفلام صنع خارج إسرائيل ، لكنها في النهاية سجلت معاركها مثل «الظل والعملاق» الذي مثله ريتشارد وبدمارك عن معارك 1948 وفيلم «سامي يذهب إلي الجنوب» الذي أخرجه إلسكندر ماكيندريك عن معارك 56 وصورت فيلمين عن غارة عنتيبي، طبعت من كل فيلم عشرين نسخة ووزعتها علي عواصم العالم، لها أفلام أيضا عن 67 وأفلام عن هزيمتها في 1973 أمام القوات المصرية.
فهل يليق أن نخوض أشرف وأعمق معاركنا في العصر الحديث ثم لا يصور فيلم فيه عمق يناسب المعركة ؟
والعمق ليس الفخامة، لكن العمق أن تكون قصة الفيلم مدروسة فيها الفلسفة التي خضنا بها المعركة علي حقيقتها.
فإذا لم يتقدم كبار الكُتّاب فإن تاريخنا أعلي من أن يضيع، ألا يمكن أن ننظم مسابقة جديدة بين المقاتلين الذين يكتبون الرواية ويشترك فيها غيرهم، أيضا إن الكثيرين كتبوا بالفعل وفي انتظار الفرصة وآخرين يمكن أن يكتبوا ويمكن أن يحمل مسئولية المسابقة نادي القصة أو الجمعية المصرية للكُتّاب ونقاد السينما، تشترك فيها هيئة السينما والتليفزيون.. تفوز أكثر من رواية، نأخذ منها للأفلام الطويلة والأفلام القصيرة وتمثيليات التليفزيون وكل الأجهزة، من يتقدم ويسهم في تصوير أعظم وأعمق معاركنا ويدخل التاريخ؟
نشر بمجلة أكتوبر في أكتوبر 1978م – 1398هـ