تستضيف السفارة السويسرية في مصر بالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي بالقاهرة، خلال الفترة من 20 أكتوبر إلى 30 نوفمبر، معرضًا فرديًا للفنانة السويسرية الإيطالية سيجاندا، وذلك في إطار فعاليات (أسبوع اللغة الإيطالية في العالم)، الذي يمتد من 14 إلى 20 أكتوبر، ويأتي هذا المعرض أيضًا في إطار سلسلة من الفعاليات التي تنظمها السفارة السويسرية للاحتفال بالذكرى التسعين لتوقيع معاهدة الصداقة بين مصر وسويسرا، وفي الـ13 من نوفمبر سيتم نقل معرض الفنانة سيجاندا إلى معهد الساليزيان دون بوسكو بالقاهرة.
ويقدم المعرض، منظورًا فريدًا لـ مصر من خلال أعين سيجاندا، مستوحى من رحلاتها بين هضبة الجيزة ومقبرة سقارة وزياراتها لمتحفي القاهرة وتورينو. يقدم المعرض رسومات سيجاندا ودفاتر مذكراتها ولوحاتها التي تعكس فلسفتها في استخدام " مدونة مذكرات الرحلات"، وفكرة تدوين الرحلات والأسفار هي ممارسة قديمة تعيد سيجاندا إحياءها من خلال أعمالها الفنية. تسعى سيجاندا إلى التفاعل المباشر مع الثقافة المصرية، القديمة والمعاصرة على حد سواء، من خلال زيارة المواقع الأصلية لمقابر الفراعنة في عدة مناسبات.
ويعكس عنوان المعرض "العودة للحياة" ترجمة النص الجنائزي المصري القديم "كتاب الموتى"، وهو عبارة عن مجموعة من الكتابات الجنائزية التي تعد، إلى جانب قطع البردي الأخرى مثل يوميات ميرير (الموجودة في المتحف المصري في القاهرة)، هي الخطوة الأولى التي مهدت الطريق لنشأة فكرة مذكرات ودفاتر الرحلات. نشأ تقليد دفتر الرحلات والأسفار في القرن الثامن عشر كوسيلة لتدوين وجمع ثقافات وعادات وموروثات الشعوب من خلال التصوير، ومع ظهور التصوير الفوتوغرافي في القرن التاسع عشر، تلاشت هذه المدونات تدريجيًا. واليوم، تعيد سيجاندا إحياء هذه الطريقة القديمة للتعمق في جوهر الثقافة وسرد قصتها من خلال ملاحظاتها الخاصة. وكما يوحي العنوان الفرعي للمعرض، فإن رسومات سيجاندا ودفاتر مذكرات الرحلات التي رسمتها تضيف مضموناً بصرياً للموضوعات التي تتناولها في مذكراتها، وتعكس هذه الأعمال التي رسمتها يدوياً وخلال جلسات قصيرة، تعقيد وثراء مصر القديمة.
سيجاندا هي فنانة تصويرية وموسيقية ومدونة رحلات وأسفار، وقامت لعدة سنوات بتدريس تقنيات الرسم والتصوير في أكاديمية مايكل أنجلو للفنون الجميلة في أجريجنتو. التحقت في لوكسمبورغ بالمركز الأوروبي لنشر الفنون "CEPA"، تخرجت في مجال تقنيات الحفر في أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا.
ومنذ عام 2018، تعمل سيجاندا كوسيط ثقافي في سويسرا في متحف لوجانو للفن المعاصر ومتحف الفن بـ سويسرا الإيطالية "MASI"، في عام 2019، في إقليم فيلمور سورتارن في أوكسيتانيا بفرنسا، ابتكرت سيجاندا لوحة سفر بطول 50 مترًا وعرض 1.5 متر، وهي الآن الأكبر في العالم، وفي عام 2021، دُعيت من قبل الشبكة الدولية لمدن ميشلان لحضور الدورة الحادية والعشرين في كليرمون فيران بفرنسا، تعيش سيجاندا حاليًا وتعمل بين إيطاليا وسويسرا.
وبما يتفق مع روح سيجاندا المغامرة وحبها للتجربة، تقوم الفنانة بمزج الصوت والألوان بحثًا عن ترددات نقية وأشكال أصيلة، وهذا يشبه كثيرا موسيقاها؛ فإن دفاتر رحلاتها تتبع منطقاً متناغماً يتناوب بين الإشارات والرسومات. ومن خلال تصويرها للمناظر الطبيعية والحياة الحضرية والقطع الأثرية، تنخرط أيضًا في تصوير البورتريهات، ومن خلال كتابة الصفحات وتصوير اللوحات، تكشف سيجانداعن ذاتها الداخلية، وتعبّر بصدق عن مشاعرها وتجاربها الإنسانية، تتنوع علامات الحبر الهندي الأسود والألوان المائية التي تستخدمها في إبداع فنها ما بين الخفيف منها والرقيق إلى ضربات فرشاة أكثر كثافة وتفصيلاً، مستحضرةً الملامح المعقدة للتماثيل والتمائم والأهرامات والقطع الأثرية الطقسية المستخدمة في التحنيط والتكفين.
وتقوم سيجاندا برصد اللوحات الجنائزية والزخارف بعناية شديدة وإعادة إنتاجها بمنهج تشاركي مدروس يتسم بالرغبة في مطابقة الأصل والفضول فكريا وفنيًا، هذه الرسومات التي توصف بأنها ”أشبه بلقطات لأراضي ومساحات تم اجتيازها“، يثريها العمق العاطفي الذي تضفيه الفنانة المتجولة على ممارستها التعبيرية، وتمزجه مع أعمالها في الاستوديو الخاص بها، حيث تكون الزخارف التي لا تزال مفعمة بالحياة، بمثابة مؤثرات عاطفية قوية.