تحتضن العاصمة الفرنسية باريس، اليوم الخميس، المؤتمر الدولي لدعم شعب لبنان وسيادته، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبمشاركة 70 دولة و15 منظمة دولية، وذلك تجسيدا لوقوف فرنسا إلى جانب لبنان ومواصلة جهودها لضمان أمن واستقرار البلاد التي تعاني من استمرار القصف الإسرائيلي ولاسيما في الجنوب.
ويهدف المؤتمر الدولي على المستوى الوزاري، إلى وقف إطلاق النار في لبنان وتعبئة المجتمع الدولي في هذا الصدد، والحفاظ على استقرار هذا البلد الذي "يعاني من حالة من الهشاشة الخاصة" بسبب تزايد أعمال العنف والتوترات على الخط الأزرق (الفاصل بين إسرائيل ولبنان)، حيث يعاني لبنان من أزمة سياسية بسبب الفراغ المؤسسي، وأزمة اقتصادية تضرب البلاد منذ عدة سنوات، وفقا لما ذكره مصدر رفيع في الإليزيه.
وأوضح المصدر أن فرنسا ترغب في المضي قدما نحو وقف إطلاق النار لحماية السكان المدنيين، حيث هناك العديد من الضحايا وعددهم الآن أعلى من صراع عام 2006، "ومن المهم أن نتمكن من المضي قدما وتقديم استجابات ملموسة للنازحين واستجابات سياسية لحل الأزمة".
وتدفع فرنسا باستمرار نحو حل على أساس قرار مجلس الأمن 1701 الذي أنهى حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، وينص على تعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة (اليونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.
وبدوره ..اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن هذا القرار "يتيح، من ناحية، ضمان سيادة لبنان ووحدته، ومن ناحية أخرى، إعطاء ضمانات أمنية لإسرائيل حتى يتمكن ال60 ألف شخص الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم بعد 7 أكتوبر في شمال إسرائيل من العودة إليها".
كما يهدف المؤتمر إلى تقديم المساعدات الإنسانية والاحتياجات الإغاثية العاجلة للشعب اللبناني وللنازحين، فقد وصل عدد النازحين بحسب إحصاء الأمم المتحدة إلى أكثر من 800 ألف نازح، وبحسب الحكومة اللبنانية إلى أكثر من مليون نازح في لبنان، لا سيما من الجنوب.
واستجابة لنداء الأمم المتحدة بجمع الأموال اللازمة لمساعدة النازحين في ظل الحرب بين إسرائيل وحزب الله ، تريد فرنسا التوصل إلى جمع 400 مليون دولار على الأقل في المؤتمر الدولي حول لبنان، لمساعدة النازحين الذين اضطروا لمغادرة منازلهم هربا من القصف المتزايد.
وأطلقت وكالات الأمم المتحدة في الأول من أكتوبر نداء لجمع هذا المبلغ (400 مليون دولار) من أجل تقديم مساعدات عاجلة لمئات آلاف النازحين جراء الضربات الإسرائيلية على مناطق لبنانية عدة.
كما يركز المؤتمر الدولي على أولوية أخرى وهي دعم سيادة لبنان للمساعدة على استقرار البلاد، حيث يعاني لبنان من فراغ مؤسسي، وخاصة رئاسي، منذ أكثر من عامين. لذا يهدف المؤتمر إلى تحديد سبل دعم وتعزيز المؤسسات اللبنانية، ولاسيما القوات المسلحة اللبنانية، التي تضمن الاستقرار الداخلي في البلاد، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية.
وأشار مصدر بالإليزيه إلى أن ما تقوم به فرنسا يندرج في إطار التزامها التاريخي إزاء لبنان مع التذكير بالمؤتمرات السابقة التي دعا إليها ماكرون لدعم لبنان، والمبادرات التي تم تنظيمها لدعم لبنان واللبنانيين بعد انفجار مرفأ بيروت.
ويأتي هذا المؤتمر استكمالا لجهود فرنسا لتعبئة المجتمع الدولي للتعبير عن تضامنه مع لبنان، والتشديد على أهمية التوصل إلى حل سياسي وتعزيز عناصر السيادة اللبنانية التي من شأنها توفير الاستقرار والمساعدة على التوصل لوقف لإطلاق النار بأسرع وقت وإلى حل سياسي قائم على أساس القرار 1701.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قد أكد أن باريس تقف إلى جانب لبنان و"لن تخذله"، موضحا أن الهدف أولا إعادة تأكيد ضرورة وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل دبلوماسي وإنهاء الأعمال العدائية، وحشد المساعدات الإنسانية من أكبر عدد ممكن من الدول ودعم المؤسسات اللبنانية، وفي مقدمتها الجيش اللبناني".
وبعد عام من تبادل إطلاق النار على الحدود، تزايدت المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، مع تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية وبدء عمليات برية في جنوب لبنان منذ آخر سبتمبر. وقُتل ما لا يقل عن 1552 شخصا في لبنان خلال شهر، استنادا إلى أرقام وزارة الصحة اللبنانية، فيما أحصت الأمم المتحدة نزوح نحو 700 ألف شخص.