تمدد الصراع واتساعه ب الشرق الأوسط قد يؤدي بشكل تدريجي إلى الوصول لمرحلة حرب إقليمية تضع مستقبل المنطقة بمنحني يتجه نحو حافة الهوية، هذا في ظل تغليب الخيارات العسكرية دون السياسية، ما يدفع إلي ديمومة صراع لا متناهي لن تقتصر أضراره على الصعيد الأمني، بل تمتد إلى إلحاق الأضرار المباشرة بالاقتصاد الإقليمي وأيضا الدولي.
إسرائيل تدفع الشرق الأوسط إلى فوضى و حرب إقليمية تحاول من خلالها تحقيق أغراضها الاستطانية والتوسعية في المنطقة، ومن ثم صناعة المبررات لإشعال كافة الجبهات القابلة للاشتعال، وبات الهدف لنتنياهو وحكومته المتطرفة هو زيادة المخاطر الجيوسياسية، وصولا لإحداث تغيرات ديمغرافية بالأراضي العربية، ولهذا تمت خلال العام المنقضي واحدة من أكبر عمليات النزوح الجماعي، سواء في غزة أو جنوب لبنان، أكثر من اثنين مليون إنسان تركوا منازلهم وأراضيهم فريسة لجيش الاحتلال تحت تهديد السلاح، وربما ما يحدث الآن بشمال قطاع غزة واستمرار حالة النزوح ومنع المواطنين العائدين من جنوب القطاع إلى شماله لهو خير برهان على نوايا إسرائيل الخبيثة التي تستهدف التهام الأراضي العربية في فلسطين ولبنان تحديدا بعد أن شهدت تلك النقاط موجات تدميرية أحرقت الأخضر واليابس.
قد تظن إسرائيل أنها تحقق نتائج إيجابية عبر سياسيات الأرض المحروقة التي تتبعها الآن بالمنطقة في حين أن تلك الحرائق ستنتقل إلى الداخل الإسرائيلي ذاته الذي لن يستطيع تحمل تكلفة الحرب الإقليمية حتى في ظل الدعم الأمريكي المتواصل، والذي يستنزف الخزينة الأمريكية، وهم نتنياهو أن ظن أنه قد يسلم وينعم بالأمن داخل تلك الفوضي الإقليمية التي تؤدي إلي نتائج صفرية، أو قد تضمن له تلك الحرب البقاء على رأس السلطة في إسرائيل حتي وإن كان هذا على حساب الأمن والاستقرار الإقليمي، فهذا لن يحدث على الإطلاق في توقيت بات الأمن القومي الإقليمي هو أحد ركائز الأمن الداخلي للدول، ومن ثم لا سبيل سوى الذهاب سريعا إلى الحلول السياسية الناجزة، وإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ومن ثم سينتهي مبرر الصراع الإقليمي الحقيقي الذي تحاول إسرائيل طمسه من أجل ضمان استمرارية الصراع، خاصة في ظل استحضار أطراف غير عربية إلى هذا العراك الإقليمي في محاولات لنقل الصراع إلى مراحل متقدمة من المواجهات المباشرة، بعد عام من استنزاف القوي، ومن ثم يهرب نتنياهو إلى الأمام، متجها إلى تلك الحرب الإقليمية الصفرية التي سيدفع ثمنها شعوب الإقليم.