منذ نوفمبر الماضى، وبعد أحداث طوفان الأقصى التى اجتاحت وحطمت أسطورة الأمن الإسرائيلى الذى لا يخترق وعبثت طائرات شراعية بدائية ويدوية الصنع بتقنيات الجيل "الخمستاشر اللى بيحس بدبة النملة جنب أى حواجز" وضعتها دولة الاحتلال فى منطقة غلاف غزة ، كان الحديث عن أحداث "اليوم التالى" للغضب الإسرائيلى الذى اجتاح قطاع غزة ومن سيدير غزة وما هو مصيرها ومصير أهلها الذين ستأكلهم آلة الغطرسة والعنجهية الصهيونية المدعومة من صهاينة المنطقة وصهاينة العالم كله.
يبدو أنه كان حديثا من خيال فهوى، وراح سدى بعدما تفاجئت دولة الاحتلال أنها أمام معادلة صعبة جدًا وأن قوتها المغرورة وأسطورتها المعهودة لم تتحطم فقط يوم 7 أكتوبر وإنما تحطمت أمام قوة وإرادة وعزم شعب فلسطين فى غزة والضفة والقدس وكل شبر يقع تحت وطأة احتلالهم البغيض.
كانت سيناريوهات "اليوم التالى" تنسج وتكتب بعد أيام من طوفان الأقصى وبكل غرور وصلف كانت تتحدث إسرائيل عن غزة بلا حماس عن غزة بلا غزاوية، حالمة بأن يتحقق حلمها الأزلى وتدفع بهم نحو سيناء لتكمل وضع يدها على التراب العربى كاملاً فى فلسطين بعدما تدفع أيضا أهالينا فى الضفة الغربية نحو الأردن لتصفى بذلك القضية الفلسطينية إلى الأبد ويصبح الشعب الفلسطينى فى طى النسيان.
فاقت إسرائيل على كابوس صمود الشعب الفلسطينى وأسطورة المقاومة المتجددة وصلابة وعروبة الموقف المصرى الثابت الداعم على طول الخط للحق الفلسطينى، وجسارة الموقف الأردنى الداعم فى الحق الفلسطينى والعربى فى كامل التراب الفلسطينى.
تبددت كل أحلام الصهاينة وانهارت كل السيناريوهات التى تحدثوا عنها رغم فداحة وبشاعة وضخامة الخسائر البشرية وبين الشعب الفلسطينى البطل ونحسبهم جميعا عند الله شهدا أحياء يرزقون يزفون إن شاء الله إلى الجنة فى ملابس خُضر واستبرق.
ربما تهدمت بيوتا ومساجد ومات عشرات الآلاف من أهالينا فى غزة ولكن كل هذا باق، والباقى إلى زوال وفكرة المقاومة باقية، فى وجه الاحتلال حتى يزول أو يرث الله الأرض وما عليها، وإن سقط شهيد فهناك ألف شهيد بيتولد وإن مات قائد فى أرض المواجهة .
أو حتى على فراشه فهناك ألف قائد وقائد، وإن كانت دولة الاحتلال وداعميها يظنون أن استشهاد هنية وبعده السنوار نهاية للمقاومة فهم لم يقرأوا التاريخ جيدا ولم يستوعبوا درسه بشكل صحيح فلقد سقط الشهيد أحمد ياسين والرنتيسى والقسام وغيرهم فهل انتهت المقاومة، ربما تتوقف قليلا لإعادة ترتيب صفوفها وتقديم قيادات جديدة تواصل مسيرة المقاومة والكفاح.
المقاومة فكرة وحق.. والفكرة لا تموت والحق لا يسقط بالتقادم وسيظل المقاتل العربى وراء حقه مناضلاً حتى وإن فقد ذراعه أو حتى حياته، فهى ليست ملكه وسلاحه وإن سقط سلاحه فعصاه موجودة وسوف يحارب حتى ولو بذر التراب.. انتظروا اليوم التالى فى العام التالى، ثم التالى.. ثم الذى يليه.