خاص| "جبهة تحرير فلسطين": حق العودة تاريخي ولن ينتهي بقرار الكنيست

خاص| "جبهة تحرير فلسطين": حق العودة تاريخي ولن ينتهي بقرار الكنيستفتحي كليب

عرب وعالم29-10-2024 | 16:37

«القانون الذي أقره الكنيست بحظر الأونروا في الأراضي الفلسطينية لا يتناقض مع اتفاق أوسلو فقط، بل هو بمثابة إعلان حرب على الأمم المتحدة وحق العودة وعلى القضية الفلسطينية بجميع محاورها».. هكذا وصف فتحي كليب عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، القرار الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بحظر عمل وكالة الأنروا في القدس الشرقية و الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكدًا أن هذا القرار يتطلب موقفًا رسميًا فلسطينيًا بحجم المخاطر الذي يشكله الائتلاف المتطرف الذي ما زال يحمل الكثير في جعبته ضد القضية الفلسطينية.

فهل سيقضي قرار الكنيست على حق العودة للاجئين؟.. وما الذي تبقى من أوسلو عقب ضرب بنوده بعرض الحائط فيما عدا التنسيق الأمني واتفاق باريس الاقتصادي؟.. وإلى أي منعطف يجر الاحتلال القضية الفلسطينية؟.. طرحنا هذه الأسئلة وغيرها على عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.. الذي كشف لنا الأسباب الدافعة للاحتلال من وراء حظر هذه الوكالة.. وما مخططاته القادمة.. وما مصير المخيمات الفلسطينية خارج حدود الدولة الفلسطينية.

في البداية.. الكنيست قام بتمرير قرار يحظر عمل الأنروا في كلٍ من القدس الشرقية والضفة والقطاع.. ماهو مصير اللاجئين الفلسطينين جراء هذه الخطوة؟
القانون الذي أقره البرلمان الإسرائيلي يأتي استكمالًا للحرب الشاملة التي يشنها الكيان منذ سنوات بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية؛ بهدف «تصفية حق العودة» لملايين اللاجئين الذين يتوزعون في مختلف بقاع الارض، ومن شأنه أن يترك تداعيات سياسية وانسانية على أكثر من مستوى، فهو يعني أولًا إلغاء اتفاقية المقر الموقعة بين الأونروا والكيان الاسرائيلي عام 1967، ما يعني إلغاء كافة الإمتيازات والحصانات الدبلوماسية التي تحظى بها الأونروا في فلسطين.

ثانيًا التضييق على عمل الأونروا وموظفيها ورفع الحماية عنهم، ومنعها من تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية، وهذا ما سيضر بنحو 2.5 مليون لاجئ فلسطيني يقيمون في 27 مخيمًا وعشرات التجمعات في فلسطين ويعتمدون بشكلٍ كاملٍ على خدمات الأونروا.

وطالما أن القانون هو اشبه بإعلان حرب حقيقية على الأمم المتحدة ومختلف مؤسساتها، بعد قرار وزير الخارجية الإسرائيلي أيضًا باعتبار الأمين العام للامم المتحدة «شخصا غير مرغوب فيه»، فإن الأسرة الدولية أمام تحد حقيقي يتعلق بسمعتها ومصداقيتها وهي معنية بالدفاع عن نفسها، لأن وكالة الغوث هي إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، على مستوى التأسيس والبرامج والتجديد الدوري لولايتها، وبالتالي فإن الدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين في هذه الحالة هو دفاع عن سمعة المنظمة الدولية، لكن حق العودة لملايين اللاجئين.

الوكالة تضمن للاجئين حق العودة لأراضيهم.. إسرائيل بتصفية عمل الوكالة تقضي على حق العودة.. ماذا سيتبقى لهؤلاء اللاجئين؟
رغم المخاطرة الكبيرة على اللاجئين والخدمات التي تقدم لهم من قبل وكالة الغوث، إلا أن تأثير القانون على حق العودة سيبقى محدودًا، خاصةً إذا ما توافرت الإرادة لدى الأمم المتحدة والدول العربية في رفض هذا القانون وعدم التعاطي مع تداعياته، فحق العودة «لا يستمد قوته فقط من وجود وكالة الغوث»، لكن لا شك أن لها أهمية، ولكن حق العودة يستمد قوته أولًا من الحق الطبيعي والتاريخي للاجئين في أرضهم، وإن هذا الحق وكما أكدت على ذلك العديد من القرارات الدولية وأقول المحاكم وفقهاء القانون الدولي لا يسقط بالتقادم مهما مرت عليه السنين، خاصةً وإن أصحابه من ملايين اللاجئين لا زالوا يحملون رايته، وثانيًا هو حق مدعوم بالقرار الدولي رقم 194 وعشرات القرارات الدولية التي لا تمنح حقا للاجئين بقدر ما تؤكد على حق موجود ومؤكد وسابق للقرار 194.

وهذا لا ينفي أبدًا أن وكالة الغوث تشكل إحدى المكانات التي يتأسس عليها حق العودة، والتي تشمل كما اسلفنا القرار 194 ووجود المخيمات الأهلية القانونية المتمثلة في تعريف اللاجئ، وكلها عناصر ستبقى قائمة حتى بعد صدور هذا القانون، الذي يطرح فتحة لمعركة جديدة تضاف إلى سلسلة المعارك التي يخوضها الشعب الفلسطيني؛ لأن إسرائيل، وإذا كانت قادرة على أن تفرض تطبيق القانون بقوتها العسكرية والاحتلالية في الضفة الغربية وقطاع غزة و القدس الشرقية، فهي غير قادرة على ذلك في كافة أماكن تواجد اللاجئين خارج فلسطين والذي يصل عددهم إلى نحو خمسة ملايين لاجئ.

برأيك ما الموقف الذي يجب أن تتخذه الأمم المتحدة لكبح جماح هذا القرار الإسرائيلي؟
أصدرنا في دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تعقيبًا اعتبرنا فيه أن إقرار البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) لقانون يحظر عمل الأونروا هو قمة الاستهتار، ليس فقط بالإمم المتحدة وقراراتها وبالنظام الدولي واطره المختلفة، بل ويتناقض مع قرار قبولها عضوًا في المنظمة الدولية ومع تعهدها باحترام الالتزامات التي يحددها الميثاق، وأن إصرار إسرائيل على مواصلة حربها الشاملة ضد الأمم المتحدة ممثلة بوكالة الغوث وبغيرها من منظمات ومؤسسات دولية، بات يستدعي من الأمم المتحدة بشكلٍ خاص ما هو أكثر من الشجب والإدانة، وقد آن الأوان لتتحمل الأمم مسؤوليتها بالدفاع عن نفسها أولًا وعن سمعة قراراتها، وثانيًا باحترام مصداقيتها أمام شعوب العالم، وهو ما يتطلب وبشكلٍ سريع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بطردِ إسرائيل وفصلها من الأمم المتحدة.

وصمت العالم واكتفاءه بالإدانات الكلامية على جرائم إسرائيل جعل الاحتلال يشعر أنه محمي بموجب «الفيتو الأمريكي» ودعم الدول الغربية لإنتهاكه الدائم لميثاق الأمم المتحدة ولحقوق الانسان، كل هذا شجع الاحتلال على تحديه الدائم للأسرة الدولية ورفض قراراتها، بما فيها تمزيق الميثاق من قبل المندوب الإسرائيلي في شهر مايو الماضي.. لذلك دعونا إلى مواجهة القانون وتداعيات على أكثر من مستوى:

أولًا) بمبادرة المفوض العام للأونروا إلى رفع دعاوى قضائية عاجلة ضد إسرائيل لدى المحاكم الدولية المعنية، لدفعها إلى إلغاء قانونها العنصري والفاشي، واعتبار القانون مناقضًا لالتزامات إسرائيل وفقًا لقرار قبولها عضوًا في الامم المتحدة.

ثانيًا) بدعوة أعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة، لأن يكونوا منسجمين مع مواقفهم والدفاع عن واحدة من المنظمات التي انشأت من قبلهم عام 1949 ويتم التجديد لها ومراجعة أعمالها بشكلٍ دوري من قبل الجمعية العامة أيضًا، وذلك بالحفاظ على سمعة المنظمة الدولية وبطرد إسرائيل فورًا من عضوية الأمم المتحدة بجميع مؤسساتها، ودعوة الدول التي تعترف ب إسرائيل الى سحب اعترافها بها.

ثالثًا) دعوة الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الدوري لمجلس الأمن ورؤساء كافة المنظمات الدولية إلى اعتبار إسرائيل كيانًا إرهابيًا منبوذًا وخارجًا عن الشرعية الدولية، ومحاكمة كل أركانه على الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين والبنى التحتية في فلسطين ولبنان وبحق الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية.

إسرائيل ضربت كافة بنود أوسلو بعرض الحائط.. والآن الكنيست يمرر قرار يحظر عمل وكالة تضمن حق العودة.. إلي أين تتجه القضية الفلسطينية؟.. وهل سنعود بها إلي المربع صفر؟
لم نكن بحاجة إلى هذا القانون الفاشي والعنصري لكي نتأكد أن إسرائيل ليست جادة بالوصول إلى تسوية متوازنة تستجيب لحقوق الشعب الفلسطيني، وبات هناك إجماع فلسطيني على أن «اتفاق اوسلو انتهى»، بعد أن أخذت منه إسرائيل ما يناسب مصالحها، ولم يتبق منه إلا فقط التنسيق الامني واتفاق باريس الاقتصادي.

فلم نعد بحاجة للقول أن القانون يتناقض مع اتفاق اوسلو فقط، بل وإعلان حرب على الأمم المتحدة وحق العودة وعلى القضية الفلسطينية بجميع محاورها ويتطلب موقفًا رسميًا فلسطينيًا بحجم المخاطر والتحديات التي يشكلها هذا القانون وهذه الحكومة الفاشية التي ما زالت تحمل في جعبتها الكثير من القوانين والقرارات السياسية والإدارية والعسكرية في إطار مخطط الضم والحسم الذي سبق وأن اعلنت مرارًا.

سبق لنا في الجبهة الديمقراطية أن أكدنا بأن الحل يكمن في الخروج من «إتفاق أوسلو»، واستحقاقاته والتزاماته، وإعادة النظر بالعلاقة مع دولة الاحتلال، بما في ذلك تطبيقُ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بما يعني «سحب الاعتراف بدولة الاحتلال إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية» على حدود الرابع من يونيو عام 67 وعاصمتها القدس، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال وأجهزته الأمنية، وإعادة صياغة العقيدة الأمنية لأجهزة السلطة، بحيث تكون الدرع الواقي للشعب الفلسطيني، وفك الإرتباط بـ«بروتوكول باريس الاقتصادي»، وغير ذلك من عناوين أكدت عليها عديد الوثائق وآخرها إعلان بكين لانهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية.

وبالمقابل فعلى كافة القوى الوطنية، أن تتحمل مسؤولياتها بتشكيل وتفعيل القيادة الوطنية الموحدة، لتضم جميع القوى، وتوفر الغطاء السياسي للمقاومة الشعبية الشاملة، بكل أشكالها ضد الاحتلال، والعمل على تأطير الحركة الشعبية وتعزيز صمودها، ومدها بكل وسائل الصمود والثبات، وردع الأعمال العدوانية للمستوطنين والدفاع عن الأراضي المهددة بالمصادرة أو التدمير.

أضف تعليق