شارك عدد من صناع السينما العربية تجاربهم الخاصة في صناعة الأفلام مع عدد من السينمائيين وجمهور مهرجان الجونة السينمائي، فيما قدم آخرون نصائح حول كيفية توجيه الممثلين لإدارة موهبتهم وتطويرها، وذلك ضمن جلسات نقاشية و محاضرات سينمائية بفعاليات المهرجان الأربعاء.
حملت الجلسة الأولى حلقة نقاشية بعنوان "إتقان الدور: الاستراتيجيات للممثلين لتقديم أفضل ما لديهم"، وشارك بها أمينة خليل، علي قاسم، أسماء جلال، المخرج السينمائي احمد الزغبى، إذ تحدثوا عن استراتيجياتهم لتقديم أدوار متميزة تعكس مواهبهم وتطلعاتهم في السينما.
تعد أمينة خليل إحدى نجمات السينما التي انطلقت موهبتها من المسرح، إذ قالت في الجلسة إن الفترة التي قضتها ببدايتها الفنية على خشبة المسرح تعد الأجمل في حياتها، لذا لم تتردد عندما عرض عليها تقديم عمل مسرحي والعودة إلى أبو الفنون هذا العام.
كما تطرقت الممثلة المصرية إلى دور الثقة التي منحها لها المخرج كريم السبكي في فيلم "شقو" الذي جسدت في شخصيتين مرة واحدة، إحداهما راقصة شعبية، مؤكدة على صعوبة الدور والتحديات التي واجهتها خلال التدريبات المكثفة، بإشراف مدربتها جيهان النصر.
فيما أشار المخرج أحمد الزغبي إلى تركيزه في اختيار الأدوار على البحث عن الممثل غير المتوقع الذي يمكن أن يضفي أصالة فريدة على الشخصية التي يجسدها، ما يسهم في تقديم عمل متميز، مؤكدًا أن اختبارات الأداء تعد فرصةً لبناء الثقة بين المخرج والممثل.
أما الممثل علي قاسم الذي بدأ مشواره الفني من خلال ورشة تمثيل، عبّر عن أمله في أن يتبنى صناع السينما المصرية نظامًا متكاملًا للاختبارات التمثيلية كما هو متبع في الخارج، حيث تكون الفرص التعليمية أكبر وتفتح المجال أمام المواهب الشابة. بينما تحدثت أسماء جلال عن أهمية التدريبات قبل تصوير المشاهد التمثيلية والتواصل الواضح مع المخرج، كما عبرت عن حلمها في تجسيد دور الأميرة ديانا، إذ تجد في هذا النوع من الأدوار القدرة على استكشاف جوانب عميقة ومعقدة من الشخصية.
شدد المشاركون على أهمية الدعم النفسي للممثلين، مشيرين إلى ضرورة وجود خبراء نفسيين لدعم الفنان في الفصل بين الشخصية والدور، ما يساهم في تعزيز أداء الممثلين وتجديد طاقتهم لخوض أدوار جديدة ومتميزة
وحول أسلوبه الإخراجي تحدث المخرج المصري تامر محسن في ندوة بعنوان "توجيه الممثلين"، أدارها الفنان صدقي صخر، وتواجد فيها عدد كبير من النجوم منهم محمد فراج، بسنت شوقي، أحمد خالد صالح، هنادي مهنا، أحمد داود والمنتج طارق الجنايني.
قدم تامر محسن خلال الندوة مجموعة من النصائح الخاصة بكيفية إدارة الممثل، وتوجيهه خلال العمل، مؤكدًا أن التمثيل يبدأ من مرحلة الكتابة، وأنه يركز على الحديث مع الممثلين حول الشخصية.
واستشهد محسن بما حدث مع إياد نصار، حينما تعاونا معًا في مسلسل "هذا المساء" الذي عرض عام 2017، كاشفًا أن الممثل الأردني حضر إليه وهو يمتلك نحو 50 سؤالًا حول الشخصية، كما أشاد بالفنان محمد فراج الذي يبهره في كل مرة يتعاونان سويًا حسب تعبيره.
كما أشار المخرج المصري إلى أن دوره يتمثل في مساعدة الممثل على التخلص من الأنا، وبعدها تخيل الشخصية التي يجسدها في العمل، من أجل إتقانها.
يعد الفيلم الوثائقي "جمعية الصواريخ اللبنانية" الصادر عام 2012 أحد أبرز الأفلام اللبنانية التي أخرجها جوانا حاجي توما وخليل جريج، والذي يلقي الضوء على الحقبة المضيئة من تاريخ لبنان بعد إطلاقها أول صاروخ إلى الفضاء في الشرق الأوسط في الستينيات من القرن الماضي.
وقالت مخرجة الفيلم في جلسة حوارية بالمهرجان إن العمل يعبر عن طموح الشباب اللبناني في الستينات لاستكشاف الفضاء بفضل أستاذ رياضيات كان يعلمهم، وقدم قصة تحمل رسالة حلم وسلام وأمل بعيدًا عن الأسلحة، مسلطين الضوء على قدرتهم على دمج الخيال بالواقع واستكشاف عوالم جديدة رغم محدودية الموارد.
لدى الثنائي جوانا وجريح أيضًا مشروعات فنية في لبنان، إذ بادرا قبل عام ببناء سينما مؤقتة. صُممت لتضم 3 قاعات بسعة 100 و200 مقعد، إلى جانب سينما في الهواء الطلق. ولم يقتصر المشروع على العروض السينمائية فقط، بل تضمن أيضًا مركزًا تقنيًا وصالة "سينماتيك"، بالإضافة إلى مكتبة تهدف إلى تعزيز الثقافة السينمائية ونشرها.
كما تحدثت جوانا حاجي توما وخليل جريج عن أنه رغم وجود العديد من المخرجين المبدعين في لبنان، إلا أن صناعة الأفلام هناك تواجه صعوبات كبيرة. وتطرقا إلى صعوبة إنتاج الأعمال السينمائية في ظل الأوضاع الراهنة، حيث يتطلب التعبير عن الواقع الحالي شجاعة وقدرة على تجاوز العقبات الفنية واللوجستية. ويهدف فيلمهما الجديد إلى تقديم رؤية صادقة ومؤثرة لما يعيشه لبنان اليوم.
وفي إطار جلسة بعنوان "التقاء عالمين: كيف يمكن لعالم الشركات أن يساهم في الفن والثقافة" وقف الحضور دقيقة حدادًا على وفاة الفنانين حسن يوسف ومصطفى فهمي، وتناول المشاركون في الجلسة بالنقاش أبرز العوامل التي يبحثون عنها لدعم المشاريع الفنية في المستقبل.
وشارك عدد من صناع السينما في جلسة حوارية بعنوان "ترميم الأفلام: رؤية جديدة" تناولت الجوانب المختلفة لترميم الأفلام، بما في ذلك التكلفة، وحقوق الملكية، حيث شارك المتحدثون الخبراء التداخلات والبرامج التي تدعمها مؤسساتهم.
شددت المنتجة ماريان خوري خلال الجلسة على أن الترميم قضية متعددة الأبعاد تتطلب النظر في الجوانب المالية والقانونية، فيما قدمت نوريا سانز جاليجو المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو بالقاهرة عرضًا تقديميًا حول برنامج "ذاكرة العالم" التابع لليونسكو، الذي يهدف إلى حفظ التراث الوثائقي.
وأوضحت باتريس، رئيسة قطاع أرشيف الأفلام الفرنسية بالمركز الوطني للسينما "CNC"، أن المركز يركز على مواكبة العصر عبر إتاحة الأفلام المرممة على المنصات الرقمية لتتمكن الأجيال الجديدة من التعرف التراث السينمائي.
واختتمت الجلسة بتأثر المخرج خيري بشارة، فصرح قائلًا "بكيت حين علمت بترميم 8 من أفلامي"، مشيرًا إلى عرض النسخة المرممة من "قشر البندق" في المهرجان.