الفردية سحقت المنظومة الأخلاقية للحضارة الغربية، وتعني أن تعيش بمنأي عن الناس، تفكر في ذاتك ودائمًا تظن السيئ في الآخر، والفردية ساعدت علي تفككها، وباتت الفردية وحشًا منفلتًا يهدد أمن المجتمعات، وقد تمخضت الرأسمالية الغربية عن ولادة طفلها البكر، وأطلق عليه المفكرون عبارة التمركز حول الذات، وسرعان ما تحول إلي التمركز العنصري وإعلاء العنصر الغربي، مما غرز التشدد وروح الكراهية نحو الآخر.
وحذر ابن خلدون من الفردية، ووضع عبقري علم الاجتماع معادلة اجتماعية، تؤكد أن الروابط الاجتماعية تعزز قوة المجتمع، غير أن الفردية ترفع في درجة شعور الفرد تجاه استقلاليته عن مجتمعه، وأصبحت اليوم سببًا فاعلاً في انهيار الدول والحضارات، ويلتحق مفهوم الفردية بأوبئة الشطط العقلي التي تجذب المجتمع الغربي، وتجري كالسيل العرم، كاسحة أمامها كل ما تبقي من مفاهيم إنسانية سوية وأواصر اجتماعية، اصطلحت عليها البشرية عبر تاريخ طويل من المعاملات والتطور الحضاري، واستقرت عليها الجماعات البشرية سواء قبلية أو مدنية.
وتتضخم ثروة الإنسان الغربي في ظل الدوران السريع للحضارة الغربية، ويحظي بوفرة من السلع الاستهلاكية، وينعم خلالها بحرية كاملة، ينقصها الضوابط الأخلاقية، وأفضت به إلي تفضيله للعزوبية، ونأي بنفسه عن الارتباط الشرعي بالمرأة، وبمرور الوقت رسخ في وجدان الغرب مفهوم الفردية والولع بالأفكار المادية، وبحث الرجل الغربي عن بدائل للمرأة ، واختار الشذوذ ، وانخفضت بالتبعية نسبة المواليد بشكل ملحوظ، وهو كمَن فقد عقله، ويتعجل بخراب بيته.
فقد كانت الرأسمالية الغربية المنفلتة كوحش يفترس جميع مكونات المجتمع، وأتت علي المرأة، وجعلتها كائنًا ماديًا بحت، لا يحمل بداخله أي مشاعر، وتمكنت من القضاء علي دورها العاطفي، وتملكها رغبة جامحة في الحفاظ علي جمالها أطول فترة ممكنة، حتي تستمر في عملها، بينما حظت المرأة أثناء القرن التاسع عشر مع بدايات الحضارة الغربية باهتمام كبير، وشجعتها الحضارة الغربية علي كثرة الإنجاب، لتحقق أعلي معدل إنتاج، وبمعني آخر اعتبرت المرأة مَفرخة لإنتاج الأيدي العاملة.
وأول آثار الحضارة المسعورة فشلها في تنشئة إنسان متوازن بين العمل والقلب، وبين الحب والكراهية، وعلي إثرها تتفجر الحروب من أجل سيطرة الإنسان الغربي، حروب يغيب فيها الأعراف الدولية وحقوق الإنسان، وتذكرنا بالحروب الهمجية في العصور البدائية، وبمعني آخر أطلقت الفوضي في لُحمة المجتمع الغربي، وتكدس رأس المال لدي طبقة صغيرة تحتكره بأبشع الأساليب وتحرم الآخرين منه، مستغلّة إنسانيتهم وكرامتهم في سبيل الحصول علي النزر القليل الذي
لا يسمن ولا يشبع من جوع ولا مانع أن يرتكب هذا الغربي رجل أو امرأة سلوكًا شاذًا، مثل ظاهرة زواج المساكنة، التي يتشدق بها مرضي الهوس بالحضارة الغربية.