سرقة اللوحات الفنية من أشهر قصص السطو، التى تهتم بها السينما العالمية، خاصة فى " هوليوود "، ويغلب على معظم تلك الأفلام الطابع الكوميدي، ويستخدم فيها اللصوص الطرفة والذكاء، ويضعون خططا شديدة الدقة ضد كل الشفرات والخطط الأمنية، وفى أغلب الأحوال فإنهم يحصلون على غنيمتهم ويلوذون بالفرار، وعمليات سرقات اللوحات فى السينما غالبا ما تنجح، وعلى رأسها سرقة لوحة "الجيوكاندا" لليوناردو دافنشى .
وفى بلادنا أيضا أصبح لدينا لصوص متاحف، والدليل سرقة لوحة فان جوخ الشهيرة " زهرة الخشخاش " مرتان، المرة الأولى عادت إلى حوائطها سالمة بعد عامين، والمرة الثانية اختفت تماما عن الأنظار دون أن نعرف هل ستعود أم لا، لكن لا شك أن أسرار السرقة فى المرتين لا يعرفها أحد بما يعنى أن خيال المؤلف السينمائى لن يصل أبدا إلى حدود مخيلة السارق، الذى نفذ عمليته بدقة وإتقان وفاز بما سعى إليه.
وفى عالم السينما هناك تجربة لم يتم الالتفات إليها، وهى فيلم "وتمت أقواله" لمجدى محرم عام 1992، وتدور قصته حول "عاصم" المعيد، الذى يتم فصله من الجامعة، لتعثره فى الحصول على الدكتوراه، بسبب تعنت الأستاذ المشرف على رسالته ضده، ويستغله صديق صحفى فى كتابة مقالات، لكنه يتهاون فى تقديم حقه المالى.
وعندما يخرج سعيد ابن خالة "عاصم" من السجن، يكتشف أن قريبه الفاسد صار ثريا، بينما يتعثر هو فى الحصول على مستلزمات حياته، لذلك يفكر فى السرقة، ويخطط مع ابن خاله لسرقة لوحة "زهرة الخشخاش" الشهيرة، وتتم السرقة عن طريق التسلل إلى المتحف، ويتفق عاصم على بيعها بعد سرقتها لمافيا دولية مقابل مبلغ كبير على أن يسلمها لهم بعيدا عن مصر، ويقرر الهرب إلى الخارج ومعه اللوحة.
والفرق بين التجربة المصرية و السينما العالمية فى قصص سرقة اللوحات، أن الفيلم المصرى لم يكن كوميديا، كما أن موضوع السرقة قد استغرق وقتا طويلا، فأغلب الأفلام الأمريكية تدور أحداثها فى ليلة واحدة هى ليلة التسلل إلى المتحف، أما الفيلم الذى كتبه فهمى عبدالسلام وقام ببطولته يحيى الفخرانى "عاصم" وسعيد صالح "سعيد" فقد أضاف المزيد من الحشو للموضوع، ولم نر سرقة اللوحة فى تفاصيل معقدة، مثلما نرى فى السينما العالمية، حيث يتصرف السارق بذكاء خارق.
ولم يحظ الفيلم الذى يعتبر التجربة الأولى والأخيرة لمخرجه بالاهتمام النقدى أو الجماهيري، رغم عرضه مرات قليلة فى الفضائيات، ولم تستعن البرامج التليفزيونية التى تناولت سرقة لوحة زهرة الخشخاش بمشاهد من الفيلم، الذى يمكن اعتباره قراءة للمستقبل، ولما يمكن أن يحدث فى متاحف الفن التشكيلى والمتاحف الاثرية، علما بأن هناك قصة أخرى كتبها السيناريست مجدى صابر عن سرقة مقتنيات من المتحف المصري، ولكنها لم تتحول إلى عمل فنى حتى الآن.