ما يجعلني مطمئنًا ولست خائفا أننا قطعنا "نص الطريق" حتي الآن ببلوغنا المراجعة الرابعة في برنامج الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والذي يشتمل علي 8 مراجعات تنتهي في عام 2026.. أي أننا اقتربنا من الخلاص من هذا البرنامج المزعج والذي له يدًا فيما نشهده من ارتفاعات في الأسعار، وما زاد من اطمئناني أيضا التوجيهات التي أعطاها الرئيس عبد الفتاح السيسي – مؤخرًا – بمراجعة برنامج الاتفاق مع الصندوق لتخفيف الأعباء علي المواطنين والحد من ارتفاعات الأسعار.
وهي توجيهات رئاســية تأتــي بعد ما شهدناه في الفترة الأخيرة من ارتفاعات أسعار المحروقات "البنزين وأخواته" وكذلك في أسعار الكهرباء والغاز وما ترتب عليهم من ارتفاعات في أسعار كل شيء.. أرهقت المواطن.. و"سوّته علي الجنبين" وجعلته يقول "جاي".. والتي يرجع أحد الأسباب وراءها إلي إنهاء الدعم الحكومي لها بناء علي برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعه الصندوق لنا.
مما دفع الرئيس السيسي أن يتدخل ويعطي توجيهاته بمراجعة الاتفاق مع الصندوق.. وإعادة النظر في بعض البنود والخاصة بهيكلة الدعم وإرجاء بعض الإصلاحات لتخفيف الأعباء علي المواطنين.
وهي توجيهات رئاسية جاءت في الوقت المناسب حيث تتواكب مع بدء أعمال المراجعة الرابعة لبرنامج الاتفاق مع الصندوق وكذلك زيارة مديرة الصندوق لمصر ولقائها بالرئيس، وقد جاء تدخل الرئيس بعد أن "جاب المصريين آخرهم" ولم يعودوا "مستحملين" أي زيادة أخري في الأسعار حتي "يشم" المواطن أنفاسه.
والحقيقة أن المواطنين قد أصبح بينهم وبين الصندوق حاجز نفسي.. فبمجرد أن يسمعوا اسم الصندوق إلا ويضعون أيديهم علي قلوبهم، تخوفا من ارتفاعات جديدة في الأسعار.. لدرجة وصلت أن البعض أصبح يطلق علي الصندوق إسم "صندوق النكد الدولي".
إننا علي يقين أن الهدف من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يشاركنا فيه صندوق النقد الدولي هو العلاج ولكنه الحل الصعب المر لتصحيح مسار الاقتصاد المصري.. ولكن ما باليد حيلة وعلينا أن نتحمل السنتين الباقيتين من هذا البرنامج.
وهذا لا يعني أننا ننفذ كل ما يملينا عليه الصندوق من برنامج الإصلاح.. وكثيرًا ما رفض الرئيس محمد حسني مبارك – رحمه الله – في عهده ما كان يطلبه منه الصندوق.. وهاهو الرئيس السيسي هو الآخر يعطي توجيهاته بمراجعة برنامج الاتفاق مع الصندوق وبإعادة النظر في بعض بنود الاتفاق.
وهذا لا يعني – أيضًا – بأننا نرفض الإصلاح الاقتصادي بل علي العكس أننا من أشد المتحمسين لتصحيح مسار الاقتصاد المصري حتي يتعافي ويقف "علي رجليه" ويعتمد علي نفسه أسوة بالدول المتقدمة والكبري، ولكن بشرط أن يكون هذا الإصلاح بشكل تدريجي لا يؤثر علي الحماية الاجتماعية.. وعلي أن يكون إنهاء الدعم الحكومي بشكل تدريجي.. وعلي مدي زمني طويل حتي لا يتأثر المواطن غير القادر بهذه الإجراءات.