التماسك الداخلي للأمم هو سبيل النجاة من الانتحار القومي الذي يتحقق عبر استسلام الشعوب للفوضي الناتجة عن حروب الشائعات والتشكيك التي تستهدف تفكيك وتفخيخ الدول من الداخل عبر نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق، لتتهاوي الأوطان مدفوعة بسواعد أبنائها الذين فقدوا الوعي فتنازلوا عن الوطن، فكم من وطن بالإقليم دخل دوامة الإفشال و الانتحار القومي دون رجعة، الأمثلة متعددة والواقع الإقليمي مفزع لمن يدرك طبيعة المعركة التي تعتمد بالأساس على سلاح الوعي.
عام 2018 وخلال جلسة تحت عنوان "ما بعد الحروب والنزاعات آليات بناء المجتمعات والدول" ضمن فعاليات النسخة الثانية من منتدى شباب العالم تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مفهوم الانتحار القومي كونه خطرا محدقا باستمرار واستقرار الدول فى الإقليم وحينها تحدث الرئيس قائلا: "قد تتحول رغبة البعض فى إحداث التغيير داخل بلدانهم إلى الوقوع فى فخ الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة وفتح الباب أمام التدخلات الخارجية وانتشار فوضى استخدام السلاح والفتن الطائفية". وهذا بالفعل ما تحقق فى دول عربية لم يتصد وعي شعبها الجمعي للفتنة التي تشتعل عبر إثارة الشائعات والأكاذيب، ومنذ عام 2014 والرئيس السيسي يتحدث دوما عن مخاطر الشائعات والأكاذيب ومحاولات إفشال الدول من الداخل بهدف التذكير المستمر وإيقاظ الوعي الجمعي المصري، ومن الأهمية بمكان الآن استحضار هذه المفاهيم والتحذير من عواقب الاستجابة لأدوات حروب الجيل الرابع والخامس التي تستهدف بالأساس وعي الشعب خاصة ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من الفوضى الإقليمية لا تقل خطورة عن مرحلة الخريف العربي فى عام 2011 بل ربما تكون أعنف بكثير لأنها تستخدم أدوات مركبة لإثارة الفوضي الإقليمية فلم تعد تستخدم فقط الأجيال الحديثة من الحروب بل عادت لاستخدام الحروب التقليدية بالتوازي، وهو ما يشهده الإقليم الآن من حروب عسكرية وإعلامية تستهدف العقول والأراضي العربية.
أنت لست ببعيد عن العراك الدائر فى الإقليم، بل على العكس تماما فهناك من يحاول الدفع بمصر إلى دوامة الصراع عبر استهداف الوعي الجمعي للشعب المصري وتفخيخ الداخل لإصابة التماسك الداخلي الذي طالما كان هو حائط الصد الذي يزود عن الوطن وتنكسر علي أعتابه جميع التحديات والمخاطر، تمسكوا بالوعي والإدراك واليقظة تنجوا مصر وتنتصر فى حرب الوجود.