مر قرن ونصف من الزمان، ولازال مصنع سكر أبو قرقاص بمحافظة المنيا يقف شامخًا، لاستقبال محصول قصب السكر عامًا بعد عام، لا يعرف التوقف وصوت دوران ماكيناته يدوي كلما قدم إليها قطارات الديكوفيل، والعربات النقل محملة بالمحصول وقادمة من كافة أنحاء قرى وعزب ونجوع "عروس الصعيد".
"دار المعارف" ترصد لكم تاريخ المصنع التاريخي، والذي لم يخلُ منزلٌ بأنحاء الجمهورية من تذوق منتجاته على مر عقود طويلة...
يبلغ مصنع سكر أبو قرقاص من العمر نحو 155 عامًا بالتمام والكمال، وذلك منذ أن تم وضع لبناته الأولى في عهد الخديوي إسماعيل عام 1869، للنهوض بإنتاج السكر من محصول القصب، والمعروف بكثرة زراعته وجودة سيقانه في الصعيد عامة و المنيا على وجه الخصوص، ويلقبه أبناء الصعيد باسم "أبو اللبايش".
أقيم مصنع سكر أبو قرقاص، والذي يقع جنوب مدينة المنيا بنحو 30 كيلو متر تقريبًا، على مساحة 84 فداناً، إذ يمتلك المصنع أسطولًا كبيرًا من عربات قطارات الديكوفيل، والمعروف بأنها تطوف وتجوب كافة القرى خاصة في أبو قرقاص وملوي لتنقل محصول القصب بالمجان من حقول المزارعين إلى المصنع مباشرة، وفور دخولها المصنع يتم وضع الحمولة على الموازين الإلكترونية العملاقة، ثم يتم دخول المحصول للكسارات ثم العصارات ليتم تجهيز العصير لعمليات الإنتاج بعد عمل المعالجة اللازمة له.
وتبلغ طاقة المصنع نحو 6 آلاف طن قصب / يوم، بإجمالي 350 ألف طن قصب سنويًا، وإجمالي السكر المنتج خلال الموسم يصل إلى 40 ألف طن سكر.
كما يُعد مصنع سكر أبو قرقاص من سلال الغلال الهامة في مصر، حيث ينتج نحو ثلث احتياجات مصر من السكر، فهو يعمل على إنتاج السكر من القصب والبنجر، بطاقة إنتاجية 115 ألف طن، خلال موسمي عصير القصب والبنجر، منها 40 ألف طن سكر خلال موسم عصير القصب، و75 ألف طن خلال موسم عصير البنجر، ويغطي ذلك حوالي 34% تقريبًا من إجمالي إنتاج مصر من السكر.
ينتج المصنع كذلك كميات هائلة من الكحول النقي تصل إلى مليون لتر أسبوعيًا، ويتم تصدير غالبيتها إلى إيطاليا بنقاء 98%، وينتج كذلك العلف الحيواني والفيناس، أما قشر ومصاص القصب فيتم تحويله إلى مصانع أخشاب الـMDF بمحافظات الجنوب لإنتاج أنواع خشب عديدة منه.
أحدث خطوط المصنع التي جرى تجهيزها كانت في عام 1999 وهو خط لمحصول البنجر لعصره وإنتاج السكر كذلك، ويستهدف عصر نحو 550 ألف طن بنجر، وإجمالي السكر المنتج منها يصل لنحو 75 ألف طن سكر تمويني، فيما أعلنت إدارة المصنع العام الماضي عن عصر نحو مليون طن بنجر لأول مرة في تاريخ الخط الحديث.
وكان قد شهد مصنع سكر أبو قرقاص أزمة كبيرة الموسم الماضي بعدما قام مزارعي القصب بمركزي ملوي وأبو قرقاص بتوريد المحاصيل إلى أصحاب عصارات العسل وتجار محلات العصير نظرا لارتفاع سعر القصب لديهم عن المصنع، مما تسبب في توقف خط إنتاج السكر من القصب لأول مرة في تاريخ المصنع والاقتصار على إنتاج السكر من البنجر، ولكن هذا الموسم نجحت الدولة في تفادي الأمر وحددت سعر الطن 2500 جنيها بزيادة قدرها 1000 جنيه عن الموسم الماضي، مع وضع حوافز إضافية لكل طن، ونقل المحصول بالمجان من المزارع إلى المصنع، مما يبشر بموسم قوي للمصنع وعودته للإنتاج بشكل مميز.
